ندى يعقد مؤتمره الأول مابعد التأسيسي: نحو مجتمع ديمقراطي يضمن حقوق النساء
نشر بواسطة: mod1
الخميس 12-06-2025
 
   
(تحالف ندى)

في زمنٍ يتكاثف فيه العنف البنيوي ضد النساء وتُرسم خرائط المنطقة بدماء الشعوب، عقد تحالف ندى (التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) مؤتمره الإقليمي الأول ما بعد التأسيسي في مدينة السليمانية – كردستان العراق، من 15 إلى 17 أيار/مايو 2025، تحت شعار “نحو مجتمع ديمقراطي قائم على الثورة النسائية”، بحضور أكثر من 300 مشاركة من 17 دولة بين ناشطات ومنظمات نسوية من مختلف شعوب المنطقة، لرسم رؤية نسائية تعزز النضال المشترك ضد الواقع الصعب الذي تعيشه المرأة نتيجة سطو السلطات الرجعية والمجتمع الابوي والحروب والابادة التي ينتهجها النظام الامبريالي الرأسمالي.

جاء المؤتمر تتويجاً لمسار نضالي انطلق منذ عام 2013، حين اجتمعت النساء في آمد/ديار بكر في أول مؤتمر نسائي للشرق الأوسط. ومنذ ذلك الحين، واجهت المبادرة إعصارات الحروب وتداعياتها الكارثية، وظل ثابتاً في خطاه ومواقفه، حتى أُعلن عن تأسيس “تحالف ندى – التحالف النسائي الديمقراطي الاقليمي” من خلال “المؤتمر النسائي الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” المنعقد في بيروت عام 2021، واليوم، يؤكد هذا المؤتمر أن تحالف ندى وليد غضب ووعي نسائي متراكم، انبثق من الحاجة الملحة لبناء فضاء نسوي تحرري أممي، فضاء يُعلي الصوت النسائي الحر، ويتجاوز الفصائلية والإقصاء في مشاريع ذكورية قائمة على الهيمنة ويملك رؤية واضحة لبناء بديل نسوي ثوري، يُعزز مكانة المرأة في صياغة مستقبل ديمقراطي عادل للمنطقة.

في الجلسة الافتتاحية، قالت المتحدثة باسم اللجنة التحضيرية، بشرى علي، إن “اجتماعنا اليوم هو فعل مقاومة بحد ذاته، وخطوة جريئة في وجه الحروب التي تستهدفنا، وبرهان قاطع على إصرارنا الجماعي على المضي قُدماً رغم جسامة التحديات، نجتمع اليوم في خضم الأحداث المتسارعة، وفي صميم التحديات التي تعصف بمنطقتنا، لنرسم معاً آفاقاً واعدة، كنساء مناضلات، وكصاحبات صوت حر وموقف ثابت”. كما اكدت “لقد اخترنا في التحالف ألا نكون مجرد شاهدات على ما يحدث، بل مشاركات في صياغة التاريخ، ومساهمات في رسم مسار مستقبلنا ومستقبل أطفالنا، انطلاقاً من موقعنا الجندري والسياسي”. وأشارت إلى: “في ظل التحولات السياسية العميقة التي يشهدها العالم اليوم، بقيادة أنظمة استبدادية إقليمية وقوى دولية مهيمنة تتواطأ علناً لتكريس واقع مرير من الاستغلال والتجريد من الحقوق، باتت النساء والأطفال الضحايا الأوائل لهذه الحروب المستترة والعلنية، من فلسطين إلى السودان والعراق، ومن سوريا إلى اليمن وأفغانستان، ومن كردستان إلى لبنان وتونس وغيرها من البلدان.

بدورها أوردت كنير عبد الله عضوة اللجنة التحضيرية، “أن المؤتمر هو اجتماع كبير من أجل تعزيز دور المرأة وصوتها وواغناء النقاش بين النساء حول الأحداث وتحولات المجتمع” ، لافتة إلى “أن المؤتمر ضرورة ملحة في مسار نضالات النساء المستمرة في توقيت صعب تعيد فيه القوى الدولية والإقليمية رسم خريطة لا تتماشى وحرية المرأة، وهو فرصة لرسم آفاق للعمل مستقبلاً في ظل التحديات الكبرى”.

وركّزت الجلسات على محور الحرب العالمية الثالثة بوصفها إبادة غير معلنة ضد النساء، حيث أجمعن الحاضرات أنهن ضحايا لصعود اليمين المتطرف في أغلب بلدان العالم وانعكاسه على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

شرعنة النظام الأبوي لإبادة النساء

ونددت المشاركات بـ “سطو” الإسلام السياسي على أجساد النساء بالرغم من محاولات التحرر في مناطق ملتهبة بالصراعات وأخرى تحكمها سياسات لا تؤمن بتعدد الأصوات ، حيث اعتبرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، رجاء الدهماني، أن النساء يواجهن “حرب إبادة صامتة، مستمرة، ومتعددة الأوجه، تُخاض بأدوات سياسية واقتصادية وقانونية، صادرت الحقوق المكتسبة، وسنت قوانين تكرس التمييز، تحت غطاء الشرعية والمؤسسات”. وأشارت إلى أن “الدول السلطوية التي فشلت في بناء الديمقراطية، تحوّلت إلى جهاز حرب ضد النساء يُكرّس الذكورية، يُشرعن العنف، ويقمع الحريات الفردية والجماعية، وعلى وجه الخصوص السلطة التي تهمين عليها قوى الاسلام السياسي، فوظفت الدين كوسيلة للهيمنة، وأداة للضبط الاجتماعي والسياسي، لتكريس التبعية، وتقنين العنف والاستغلال باسم الشريعة والأعراف والتقاليد”.

كما حذّرت أميناتو بنت مختار رئيسة جمعية النساء معيلات الأسر، من موريتانيا، من الحرب القانونية التي تشنّها الأنظمة الذكورية، وقالت إن “الاعتداء على النساء لم يعد محصوراً بالسلاح، بل صار يُمارس عبر منظومات قانونية تقنن الإقصاء والتهميش”. ودعت إلى تحرّك نسوي عاجل لوقف هذه الحرب الناعمة والمميتة في آنٍ معاً قبل أن تتعمق وتضرب ما تبقى من المكتسبات.

من فلسطين، تحدثت الناشطة خالدات حسين عن الإبادة المستمرة في غزة والضفة الغربية، حيث “تمارس القوات الاسرائيلية التهجير القسري والتجويع والقتل بحق النساء والاطفال والشعب الفلسطيني علناً، دون رادع دولي”. كما شددت على : “أن مساعي كسر إرادة المرأة الفلسطينية التي تقاوم الحرب الصهيو امريكية على جسدها المنهك لن يتحقق برغم آلة الموت، علينا أن ننتصر بإرادتنا النسوية، فالرجال يصنعون الحرب ونحن من نصنع السلام”.

أما سما بكداش، من حزب الاتحاد الديمقراطي، فقد قدّمت قراءة سياسية في جذور الدولة القومية في المنطقة وغياب الديمقراطية، واصفة اياها بجهاز حرب للهيمنة الأبوية ضد النساء ومشروع إقصائي ذكوري قائم على سحق التنوع عبر فرض نموذج ثقافي موحّد يُهمّش الأقليات والنساء””. وأضافت: “أن العلاقة البنيوية بين الدولة القومية وممارسات الهيمنة والعنف ضد النساء، خاصة في غياب الديمقراطية، ينطلق من سؤال جوهري، هل الدولة القومية تعزز العنف ضد النساء؟ وبالتالي فأن هذا العنف ليس عارضاً بل جذرأً في بنية الدولة القومية”.

وفي حديثها، نبّهت الحقوقية عبير حصاف إلى خطورة الحرب القانونية على النساء، حيث تُسَن تشريعات رجعية على مقاس النظام الأبوي، تتماشى مع مخططات النيوليبرالية، وتُستخدم لتبرير العنف بدلاً من منعه. وطالبت بثورة نسوية تُعيد كتابة القوانين والدساتير بمنظور تحرري يضمن حماية النساء من كل أشكال العنف الجسدي والمؤسسي.

بدورها، شددت الناشطة العراقية بشرى أبو العيس على “خطورة شرعنة النظام الأبوي لإبادة النساء من خلال الحرب القانونية، مؤكدةً على دور المجتمع الدولي في الحث على أهمية صياغة التشريعات التي تحمي طبقات وشرائح المجتمع اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وعلى رأسها النساء” ، كما طالبت باستقراء عام للمواثيق الدولية بحسب تسلسل صدورها، لما تعكسه من متابعة حثيثة من قبل المنظمات الدولية لتطورات الأحداث في البلدان التي تعاني أزمات سياسية بأنظمة الحكم والتي أدت إلى أزمات ونزاعات مسلحة وصولاً لحروب شاملة، وان هذا الاستقراء سنجده يذهب بثلاث اتجاهات مهمة في ترسيخ قوانين تحمي النساء من الإبادة الجسدية “القتل أثناء الحروب والنزاعات المسلحة” ومن العنف الجسدي “الضرب والاغتصاب والقتل بدافع الشرف”، وقوانين تحمي النساء اجتماعياً “قوانين تنظيم الاحوال الشخصية”.

تحالف ندى يُقر وثيقة الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية

تناول المؤتمر أيضاً وثيقة الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية، والتي أقرت باجماع المؤتمرات وبذلك باتت تُشكل إحدى الركائز الفكرية والسياسية لتحالف ندى. وأوضحت روكن أحمد، من مؤتمر ستار، “أن المجتمع الدولي فشل في حماية النساء، وحان الوقت لبناء فضاء نسوي عابر للحدود وأممي يرتكز على الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية، لتنظيم الصفوف وتوحيد الجهود برؤية فكرية واضحة لنضال نسائي مشترك لمواجهة الإبادة المعلنة من قبل النظام الأبوي الرأسمالي والذهنية الذكورية”.

وأضافت: “الكونفدرالية النسائية ليست مجرد شبكة تضامن، بل مشروع ثوري، يؤسس لبديل حقيقي عن النيوليبرالية يرفض التكيف مع الياتها، ويبني فضاءات تنظيمية نسائية ذاتية اممية قادرة على مقاومة الهيمنة والعنف”.

وثائق استراتيجية جديدة تَرسم ملامح تحالف “ندى” في اليوم الأخير من مؤتمره

في اليوم الثالث، أعلن التحالف عن اعتماد عدد من الوثائق التأسيسية والاستراتيجية التي تشكل الاساس لعمله المستقبلي، وبذلك يؤكد التحالف التزامه بتعزيز دور النساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأبرز تلك الوثائق: وثيقة الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية (برلين 2022)، وثيقة الثورة النسائية في اقليم شمال وشرق سوريا “روج آفا” كمرجعية رئيسية، الى جانب المصادقة على الوثيقة الطارية والنظام الداخلي لتحالف ندى .

كما أكدت عضوة هيئة الرئاسة في تحالف “ندى” بشرى علي، “أن هذه الوثائق تُجسّد التزام التحالف بمبادئ الحرية والديمقراطية والمساواة الجندرية، والعدالة الاجتماعية، ويقف ضد الرجعية والأصوليات الدينية، كما يشدد على استقلاليته الفكرية والتنظيمية، وعلى حق كل مكون في التعبير عن خصوصيته ضمن احترام القيم والمبادئ المشتركة” ، وأضافت “أن هذه الوثائق تُعبّر عن طموح التحالف في بناء اطار نسوي نضالي استراتيجي يستند إلى المرجعية الكونية لحقوق الإنسان ويتبنى عدة مواثيق دولية، أبرزها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقية إسطنبول، وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن، كما يستلهم التحالف رؤاه من الوثائق الفكرية النسوية المستمدة من تجارب نضالية نوعية في العالم، خاصة في إقليم شمال وشرق سوريا. كما اشارت الى “أن وثيقة الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية تعود لعام 2022، حين عقد المؤتمر النسائي العالمي الثاني في العاصمة الألمانية برلين، وكنا جزءً من اللجنة التحضيرية التي عملت على تنظيم ذلك المؤتمر -الذي يعد حدثاً عالمياً- وقد صادق على هذه الوثيقة لتكون مرجعية أساسية، لتمثل أساساً لتأسيس شبكة ‘نساء تنسجن المستقبل’، وهي شبكة نسائية عالمية.

الإنجازات التي حققتها ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا “روج آفا”

وقدمت بيريفان خالد، منسقة مؤتمر ستار، تجربة ثورة المرأة في روج آفا بإقليم شمال وشرق سوريا قبل 14 عاماً، كنموذج حي على التحول الجذري الذي تصنعه النساء حين يمتلكن أدوات التنظيم الذاتي. لافتةً إلى “أن نظام الرئاسة المشتركة الذي تم اعتماده في إقليم شمال وشرق سوريا بكافة مؤسساتها وتنظيماتها، سواء الأحزاب السياسية أو التجمعات أو المنظمات النسائية، إلى جانب مؤسسات الإدارة الذاتية، يُعد مبدأً أساسياً في إدارة المنطقة، ويضمن للمرأة دوراً قيادياً فاعلاً في عملية صنع القرار”.

واختتمت حديثها بالقول بأن “ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا حققت إنجازات ملموسة على الأرض، منها المشاركة السياسية المتساوية، والتحرر من العنف، والتمكين الاقتصادي، وتغيير نظرة المجتمع، وقد أظهرت هذه التجربة أن التنظيم الذاتي والنضال الجماعي قادران على تغيير الواقع، مما يجعلها نموذجاً ملهماً يمكن نقله إلى باقي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لبناء ثقافة نسوية حقيقية ومجتمع ديمقراطي عادل”.

وفي ختام المؤتمر، أُعلنت مجموعة من التوصيات:

تعزيز تحالف ندى كتحالف جامع برؤية نسائية شاملة، أساسها المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، وتبني اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية إسطنبول، وقرار مجلس الأمن 1325 بشأن المرأة والأمن والسلام والبروتوكولات الإقليمية.

اعتماد وثيقة الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية، ووثيقة الثورة النسائية في روجافا وشمال وشرق سوريا كمرجعية اساسية لتحالف ندى، لاجل تطوير الاممية بمنظور نسائي. وبناء التحالف النسائي الثوري.

تعزيز التنظيم النسائي ونضاله بهدف بناء مجتمع قائم على الحرية والحياة التشاركية الندية بين الرجل والمرأة، والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

النضال لأجل إحلال السلام وبناء مجتمع ديمقراطي قائم على الفرد الحر، بعيداً عن التطرف والعصبيات القومية أو الدينية أو المذهبية، والنزعات التي تشرذم وحدة المجتمعات وتهدر حقوق النساء.

دعم مبادرة السلام والمجتمع الديمقراطي، التي طرحها السيد عبدالله أوجلان؛ باعتبارها مبادرة معنية بحرية النساء.

المطالبة بالافراج عن الاسيرات والمعتقلات السياسيات في سجون الاحتلال والسلطات الاستبدادية.

التضامن مع قضية النساء الايزيديات ودعم مقاومتهن.

تعزيز التضامن والتكاتف على المستوى الوطني والأممي، لدعم نضال المرأة وقضاياها أينما كانت، دون تهميش لأية قضية، من القتل في النزاعات والإبادات والحروب الاحتلالية، والنزاعات السلطوية، وسياسة التهجير والتغيير الديمغرافي في بلدان الشرق الاوسط وشمال أفريقيا والعنف الجنسي (فلسطين، السودان، سوريا واليمن)، الى جانب القضايا الاجتماعية والاقتصادية والقانونية.

تعزيز التشبيك بين المنظمات النسائية وتبادل الفكر والرؤية والخبرات، وتمتين أواصر المناصرة، فالقضية النسائية قضية إنسانية عابرة للحدود.

تمكين النساء من أجل المشاركة الفاعلة و تبوء مكانتها في وضع السياسات ومراكز اتخاذ القرار، من خلال تطوير العمق الفكري والنظري والمجتمعي لديهن وبناء القدرات.

تعزيز عمل تحالف ندى في البلدان من قبل لجانه الوطنية المحلية، والرفع من سوية النشاطات والفعاليات المشتركة المحلية، اضافة الى الفعاليات المشتركة إقليمياً عبر تفعيل لجانها السبع.

التصدي للقضايا النسائية من خلال إعلام نسوي حر مضاد للصورة النمطية للمرأة في الاعلام الذكوري المهيمن.

تحالف ندى إذ عقد مؤتمره الأول ما بعد التأسيسي في قلب السليمانية – كردستان العراق، فإنه لا يحتفي فقط بتراكم تجربة، بل يعلن انطلاق مرحلة جديدة من الفعل السياسي النسوي، ويطلق صرخة واضحة: لا مستقبل لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا دون نسائها، ولا حرية دون ثورة نسائية ديمقراطية جذرية.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced