زهرة مروة... شهادة حية لقدرة النساء على تخطي القيود المجتمعية
نشر بواسطة: mod1
الجمعة 13-06-2025
 
   
JINHA- فاديا جمعة

لقد أصبحت زهرة مروة نموذجاً حياً للمرأة الحرة والطموحة التي ترفض أن تُحصر في دور واحد، مسيرتها تُعد دعوة مفتوحة لكل امرأة، معتبرة أن العمل هو السبيل والثقة بالنفس هي أساس كل إنجاز.

بيروت ـ تجارب عديدة عززت وجود المرأة في الفضاء العام رغم المعوقات المجتمعية والتقاليد التي حصرنها في أدوار تقليدية. ومع ذلك، بدأت هذه النظرة النمطية تتغير، حيث تخوض النساء تجارب جديدة مدعومات بالوعي والعلم والمثابرة.

في ظل عالم متغيّر ومتبدل تسعى فيه المرأة إلى كسر الصور النمطية والتقليدية والانخراط في ميادين كانت حكراً على الرجال لزمن طويل، تبرز قصص فردية مُلهمة تعكس حجم الإرادة والإصرار والتحدي. قصص لا تُروى فقط للتقدير، بل لتكون منارات تهتدي بها نساء كثيرات تسعين إلى إثبات ذواتهن، وتغيير واقعهن. واحدة من هذه القصص، رصدتها وكالتنا في جنوب لبنان في بلدة الزرارية تحديداً، حيث اختارت زهرة مروة أن تكون سيدة المبادرة، لا تابعة للظروف.

تجربة رائدة لامرأة من جنوب لبنان، كسرت العادات التقاليد ثلاث مرات، يوم قررت خوض غمار العمل، ويوم قررت أن تكون أول سائقة حافلة مدرسية في منطقتها، فضلاً عن خوض الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، وفازت بموقع مختارة لتكون على تواصل مباشر مع أبناء بلدتها.

زهرة مروة ابنة بلدة الزراية في قضاء صيدا (محافظة الجنوب)، حائزة على شهادة البكالوريا والتي لم تتمكن من إكمال الدراسة الجامعية، ويوم تزوجت رفضت أن تكون ربة بيت فقط، وإنما انطلقت إلى رحاب العمل، متنقلة من مهنة إلى أخرى، مندوبة مبيعات، تصنيع المونة، صاحبة فرن، وصولاً إلى سائقة حافلة مدرسية، والأهم أنها قررت خوض غمار العمل العام، فها هي اليوم تمارس عملها كسائقة حافلة وكمختارة وصلت إلى المنصب بثقة أبناء بلدتها، مؤكدة أن المرأة قادرة على مواجهة وتحدي الصعوبات وتحقيق الكثير من تطلعاتها وأحلامها.

قالت زهرة مروة مختارة بلدة الزرارية في جنوب لبنان، متزوجة ولديها ثلاثة أبناء "عندما كان لدي ولدان، اضطررت للخروج للعمل رغم أنني لا أملك شهادات جامعية. بدأت مسيرتي المهنية في الزراعة وصناعة المؤونة، حيث كنت أعدّها للبيوت مثل الكشك ورب البندورة وغيرها، كما قمت بفتح فرن للمناقيش واستمررت بالعمل به لمدة خمس سنوات. بالإضافة إلى ذلك، عملت كسائقة حافلة ركاب، ووجدت في هذه الوظيفة ما يناسبني ويعبر عن شخصيتي، كما عملت أيضاً كمندوبة مبيعات لأدوات التنظيف. بعد تجربة العديد من المهن، استقريت على وظيفتي الحالية كسائقة حافلة مدرسية، حيث أجدها الأفضل بالنسبة لي، لأنها تتيح لي تفريغ طاقاتي مع الأطفال والتلاميذ، وأشعر دائماً أنهم كأبنائي".

وتحث جميع الفتيات والنساء على الانخراط في سوق العمل، بغض النظر عن نوعية العمل، فلا يوجد ما يُسمى "عيب"، سواء كان ذلك من خلال بيع الفول أو الخبز أو أي مهنة أخرى، فإن العمل يساهم في تشكيل شخصية المرأة "بالنسبة لي، وصلت إلى مرحلة أستطيع فيها البقاء بالمنزل دون الحاجة للعمل، لكنني اخترت عدم القيام بذلك، لأنني أشعر أن شخصيتي تتلاشى بدون عمل. أنا أعتبر العمل جزءاً من هويتي، وأدعوكن جميعاً لإثبات وجودكن في هذا المجال".

التحديات التي واجهتها

ولفتت إلى أنها كونها سائقة (أوتوكار) فهذه مهنة غير تقليدية، ونادراً ما ترون امرأة تقود فان مدرسة، لكن الناس وثقوا بها وباتوا يشعرون أن أولادهم في أمان أكثر "لم أسمع يوماً أن أحداً قد تذمر من كون سائقة الفان امرأة. أنا أحب كل ما هو غير تقليدي، بالإضافة إلى طبيعتي النشيطة. دائماً ما أؤكد على أن النساء قادرات على القيام بأعمال تُعتبر تقليدياً من اختصاص الرجال. كنت أفكر في كيف يمكن للشباب الذهاب إلى أماكن معينة بينما تُمنع الفتيات من ذلك. بدأت أواجه التحدي المتمثل في قدرة المرأة على القيام بكل شيء دون أخطاء. ربما كان تحجيم المرأة ناتجاً عن الخوف من ارتكاب الأخطاء، وهذا ما دفعني أيضاً لخوض التحدي. أصبحت سائقة حافلة مدرسية، ثم تم اختياري لمهام أخرى".

وعن إقدامها على الترشح للانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة وفوزها بمنصب مختار، أوضحت أنها "تأثرت في الفترة الابتدائية بمعلمة اللغة الفرنسية، وأذكر أنها أرادت أن تعد لمسرحية مدرسية، ومن شخصياتها "المختار" خلال فترة الاقطاع والانتداب الفرنسي، وقد لعبت هذا الدور متنكرة بزي رجل، ومثلت هذا الدور وشعرت فعلاً أنني "مختار"، ومن ثم كنت بصدد إعداد معاملة رسمية فتوجهت إلى مختار البلدة وكان كبيراً في السن ونظره ضعيف، فبادرت ابنته لمساعدتي في البصم على المعاملة، وسألتها لماذا لا تكونين مختارة، فقالت إن أهلي لا يرضون، ومن ذلك الحين تبلورت الفكرة بالنسبة لي بأن أكون مختارة يوماً ما وبدأ الحلم يكبر، في المرة الأولى خسرت وفي المرة الثانية ربحت".

ولفتت إلى أنه "خضت معركة الانتخابات البلدية والاختيارية في الجنوب وفزت بنسبة أصوات جيدة، وسعيدة جداً لأنه كان حلم حياتي منذ الصغر، وتحقق اليوم فهو نتاج عطاء وصبر، وأشكر كل من منحني صوته، وكل من وضع ثقته بي، وأتمنى أن أكون على قدر هذه المسؤولية وهذه الثقة".

قصتها شهادة حية على قدرات النساء

وفي ختام حديثها، قالت زهرة مروة إنه "قبل أن أكسب ثقة الناس في أن أكون مختارة كسبت ثقتهم من خلال عملي كسائقة (أوتوكار) وما أزال، وأقود الحافلة لمسافة بعيدة، من الزرارية إلى النبطية، وفي ظروف صعبة خصوصاً في فترة الهجمات الإسرائيلية، ومرت أجيال من التلاميذ منهم من تخرجوا ومنهم من أصبحوا أطباء ويكنون لي الحب والاحترام الكبيرين".

تُعتبر تجربة زهرة مروة أكثر من مجرد قصة نجاح فردية؛ فهي تمثل شهادة حية على قدرة النساء على تخطي القيود المجتمعية لتحقيق طموحاتهن في مجالات متنوعة، بدءاً من قيادة الحافلة المدرسية وصولاً إلى كسب ثقة المجتمع كمختارة.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced