يسعى تحالف ندى إلى توحيد نضال النساء في الشرق الأوسط لتحقيق ثورة ديمقراطية تقودها المرأة، مرتكزاً على التمكين السياسي والفكري، وتوثيق الانتهاكات، ومناهضة الحروب والهيمنة الذكورية. ويعد مؤتمره التأسيسي خطوة استراتيجية لبناء مجتمع قائم على العدالة والمساواة والحرية.

في ظل تصاعد الحروب والأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، جاء تأسيس “تحالف ندى” – التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي – كتجسيد حيّ لإرادة نسائية جماعية تتطلع إلى بناء مجتمع ديمقراطي يسوده السلام والعدالة الاجتماعية، من خلال تمكين المرأة وتعزيز دورها في الحياة العامة والنضال السياسي والاجتماعي.

تحالف ندى

هذا وقد تحدثت منسقة تحالف ندى “بشرى علي” عن تأسيس تحالف ندى التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي: ” بدأت حركة المرأة الديمقراطية الحرة DÖKH في تركيا بالتواصل مع مختلف المنظمات والحركات النسوية في المنطقة مع أوائل العقد الثاني من الألفية الثالثة، وأفضى ذلك إلى عقد “الكونفرانس النسائي الأول في الشرق الأوسط” في العام 2013، وذلك في مدينة آمد، وخرج ذلك المؤتمر بقرار تشكيل منسقية نسائية إقليمية لرصف أرضية العمل النسائي المشترك في المنطقة”.

تابعت: “المنسقية لم تتفاعل أو تتواصل بالاستمرارية وبالدرجة المطلوبة، مما أدى إلى جمود العلاقات مع الزمن، متأثرةً في ذلك بالحروب التي كانت تعصف بمختلف بلدان المنطقة بشكل متزايد ومتصاعد. لكنّ؛ جهود “رابطة جين النسائية” في إعادة إحياء هذا الإرث النضالي الحديث، واستئناف الجهود المبذولة في العام 2013، أدت إلى تشكيل “لجنة تحضيرية” تمكنت من عقد “الكونفرانس النسائي الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في العاصمة اللبنانية بيروت، في صيف العام 2021. وكان أحد أهم توصيات هذا الكونفرانس هو تأسيس تحالف ندى”.

كما بينت أنه انطلاقاً من شعار ذلك المؤتمر “بالوحدة النسائية سنحقق الثورة الديمقراطية”، يمكن استشراف المسار الذي أراد تحالف ندى أن يخطه لنفسه نسائياً وإقليمياً، إذ أن التحالف يرتكز إلى الوحدة النسائية والعمل النسائي المشترك، في سبيل تحقيق وإنجاز ثورة ديمقراطية بريادة نسائية تهدف إلى بناء مجتمع ديمقراطي يعمه السلام والمساواة الحقيقية والعدالة الاجتماعية.

فيما ترى: “أن التحالف بناءً على ذلك، تمكن من صياغة “الوثيقة الإطارية” و”النظام الداخلي” الخاصين به، بعد تشكيل “الأمانة العامة/السكرتاريا”، التي عملت بكل دأب لترجمة مبادئ وقيم تحالف ندى إلى خطوات ملموسة على شكل حملات وأنشطة ميدانية تزيد من تعزيز التضامن النسائي والوحدة النسائية”.

وأشارت إلى أن تحالف ندى اهتم بالتدريب وبناء القدرات بين عضواته، سواء من خلال الحلقات التدريبية، أو من خلال الندوات والمحاضرات، الرقمية منها والوجاهية؛ بهدف تمكين المرأة فكرياً وسياسياً.

دعم الإنجازات ومواجهة التحديات

استرشد تحالف ندى بالقضايا النسائية الإقليمية في رسم استراتيجيته، فأولى دعمه لكل إنجاز نسائي، وأدان كل ما يهدد هذه الإنجازات، سواء نتيجة الحروب الكارثية أو نتيجة العقلية الذكورية التي تستهدف مكتسبات النساء بذريعة تعديل القوانين. وقد برزت مواقف التحالف الثابتة في بلدان عدة، منها العراق، سوريا، لبنان، كردستان، فلسطين، اليمن، تونس، مصر، السودان، ليبيا، إيران، وأفغانستان. كما سطع دعمه للثورة النسائية في إقليم شمال وشرق سوريا بقيادة المرأة الكردية، التي يعتبرها التحالف تجربة فريدة تستحق التقدير والاقتداء. كذلك، عبّر التحالف عن موقفه الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، وما تتعرض له النساء الفلسطينيات من استهداف وقمع.

ولم يتوانَ التحالف عن توثيق الانتهاكات ضد النساء، حيث قامت العضوات في مختلف البلدان بإصدار تقارير كتابية ومصورة، وإرسالها إلى المؤسسات الدولية لحثها على حماية النساء، خاصة في مناطق النزاعات المسلحة. وقد اندمجت “مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء، من أجل الأمن والسلام” في التحالف، لتشكل “لجنة المرأة والأمن والسلام”، التي تتولى مهام توثيق الانتهاكات وصياغة خطط ملموسة لحماية حقوق النساء. ورغم هذا الزخم، تُقِر “بشرى علي” بأن الطريق لا يزال طويلاً، ليس فقط لتحالف ندى، بل ولجميع الحركات النسوية في المنطقة، التي تواجه حرباً شرسة تهدف إلى إعادة فرض السياسات الذكورية وخدمة مصالح القوى الدولية، مما يشكل تهديداً خطيراً على مكاسب الحركات النسائية.

المؤتمر الأول لتحالف ندى

“المؤتمر الأول بعد التأسيسي لتحالف ندى” شكّل محطة مفصلية في مسيرة التحالف، حيث ناقش في جلساته قضايا النساء المتأثرات بتداعيات ما سُمِّي بـ “الحرب العالمية الثالثة”، وناقش مفهوم “الدولة القومية” التي يعتبرها التحالف أداة هيمنة ذكورية تستهدف النساء. كما تناول المؤتمر موضوع “الإسلام السياسي” باعتباره أداة حرب على أجساد النساء، سواء بوسائل عنيفة كما في أفغانستان والسودان واليمن، أو بأساليب ناعمة كما في إيران والعراق وتركيا. وتطرّق إلى موضوع إبادة البيئة كواحدة من نتائج السياسات الرأسمالية التي تمس النساء والمجتمعات بشكل مباشر.

وهناك جلسة خُصّصت لاستعراض الإرث النضالي النسائي في المنطقة، وإبراز دور المرأة في الحفاظ على اللغة والثقافة كركيزتَين أساسيتَين للحضارة. كما تم تناول واقع النضال النسائي في الألفية الثالثة من حيث التحديات والفرص، إلى جانب تسليط الضوء على واقع المرأة الكردية في باشور كردستان.

وتطرقت بشرى إلى ورشات العمل التي ناقشت فيها المشاركات سبل توطيد العمل النسائي المشترك، والعراقيل التي تعترض طريق الوحدة النسائية، وفي الجلسة الختامية “منظور النضال النسائي” وأفق الحل في وجه الحرب العالمية الثالثة. وتناولت الانطلاقة السياسية النسائية، ودور التحالف في مشروع “الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية”، وأهمية الثورة النسائية في شمال وشرق سوريا، والدور الريادي للنساء في تطبيق “مبادرة السلام وبناء المجتمع الديمقراطي” التي طرحها المفكر الكردي عبد الله أوجلان”.

صدى المؤتمر

خرج المؤتمر بعدد من التوصيات والقرارات المهمة، من أبرزها إعادة هيكلة التحالف لمواكبة تطورات المنطقة، والتركيز على تدريب العضوات، وتشكيل لجانه الإقليمية السبعة. كما اعتمد “وثيقة الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية” و”وثيقة الثورة النسائية في شمال وشرق سوريا” كمرجعيتَين أساسيتَين في رسم المسار الاستراتيجي. وأعلن دعمه مبادرة السلام والمجتمع الديمقراطي التي طرحها القائد عبد الله أوجلان، وتضامنه مع المعتقلات السياسيات، ومع قضية النساء الإيزيديات، وأكد ضرورة تمكين النساء من المشاركة الفاعلة في صياغة السياسات واتخاذ القرار، إضافة إلى أهمية تشكيل إعلام نسوي حر يتصدى للصور النمطية. واختتمت منسقة اتحاد تحالف ندى “بشرى علي”، إنّ المؤتمر شكّل محطة مقاومة كبرى ضد العقلية الذكورية التي تدير الحرب العالمية الثالثة بأدواتها القمعية: “لقد أثبتت النقاشات والتوصيات مدى إصرار النساء في تحالف ندى على المضي قدماً لتحقيق أهدافهن ببناء مجتمع قائم على الحرية والمساواة، من أجل حياة مشرفة للأجيال المقبلة”.