زعامات «الإطار» تؤكد وجود تهديدات أميركية على الاقتصاد والدولار
يُرجَّح أن ينتهي أسبوع الجلسات البرلمانية الجديدة من دون التصويت على «قانون الحشد»، فيما تحذّر زعامات شيعية من «مؤامرة» و«عقوبات أميركية».
ونشر مجلس النواب جدول أعمال ثلاث جلسات متتالية لهذا الأسبوع (الاثنين، الثلاثاء، والأربعاء) من دون أية إشارة إلى قانون هيكلية الحشد الشعبي، الذي سبق أن حذّرت منه واشنطن.
وقبل أيام، أعلن نواب من «الإطار التنسيقي» و«قوى الفصائل» نيتهم حضور جلسة تمرير القانون المفترضة مرتدين الزي العسكري الخاص بالحشد (المُرَقَّط).
وأكد هؤلاء جمع تواقيع أكثر من 100 نائب لتضمين جلسة البرلمان المقبلة التصويت على «قانون الحشد» الجاهز، بحسب النائب عن «الإطار» ابتسام الهلالي.
ومنذ أسبوعين، يتعطل البرلمان بسبب خلافات حادّة بين رئيس المجلس محمود المشهداني ونائبه القيادي في «الإطار» محسن المندلاوي، على خلفية عرض «قانون الحشد» وتوزيع مناصب في مؤسسات مهمة.
وأظهرت وثائق نشرها البرلمان الأسبوع الماضي أن جدول الجلسات المقبلة يتضمن التصويت على عدة قوانين واتفاقيات، منها قانون «الصحة النفسية»، و«الإقراض الزراعي»، و«معادلة الشهادات».
وكانت الجلسة الأخيرة للبرلمان قد شهدت اشتباكات بالأيدي وتبادل «اللكمات» بين النواب، وتطايرت خلالها «الأحذية» و«قناني الماء»، فيما ألغى المشهداني بعد ذلك ما دار في الجلسة.
ويطمح المتحمسون لتمرير القانون المثير للجدل إلى «مفاجأة النواب»، بحسب تعبير عضو البرلمان عن منظمة بدر مختار الموسوي، الذي قال لـ(المدى): «لن يدخل النواب إلى قاعة البرلمان إذا عرفوا أننا ننوي عرض قانون الحشد». فيما كان البرلمان قد قرر في الجلسة الأخيرة فرض عقوبة بقطع «مليون دينار» من راتب النائب المتغيب.
وترفض القوى السنية والكردية، على وجه الخصوص، تمرير «قانون الحشد» بسبب مخاوف من «عقوبات أميركية». وأكد النائب الثاني لرئيس البرلمان شاخوان عبد الله بهذا الصدد أن «ما يخشاه الناس لن يدخل الجلسات»، في إشارة إلى القانون.
ويوافق قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، على رواية وجود «تهديدات» غربية في حال تشريع قانون الحشد، لكنه رغم ذلك يصر على تمريره. وقال في خطاب له الأسبوع الماضي إن «الضغوط الخارجية ضد تشريع قانون الحشد الشعبي وصلت إلى مستويات خطيرة للغاية»، مشيراً إلى أن «بعض التهديدات تضمنت فرض عقوبات اقتصادية قد تشمل النفط والثروات وحتى الدولار الذي تصدره أميركا».
وأضاف: «إذا كان المطلوب حل الحشد أو دمجه، فأقولها بصراحة وهدوء: أنتم واهمون، وهذا أبعد من نجوم السماء بالنسبة إليكم»، مؤكداً أن «الحشد بالنسبة للعراقيين مسألة وجود وضمان لأمنهم وحياتهم».
ومنذ الأسبوع الماضي، كثّف نواب شيعة، أغلبهم من الفصائل المسلحة، الضغط لتمرير قانون «الحشد الشعبي» بعد فترة هدوء بدت خلالها نيتهم تأجيل طرحه، قبل أن يزور علي لاريجاني، مستشار الأمن القومي الإيراني، بغداد منتصف الشهر الحالي.
وقال هادي العامري، زعيم منظمة بدر، إنه سيدخل البرلمان مرتدياً «زي الحشد وفاءً للشهداء والجرحى والمرجعية الرشيدة»، في إطار تحشيده لتمرير القانون المعلّق.
وينص القانون المقترح على منح «مقاتلي الحشد»، البالغ عددهم نحو 300 ألف عنصر، استقلالية مالية وأمنية عن باقي مؤسسات الدولة. فيما قال النائب عن كتلة «الصادقون»، الجناح السياسي لحركة «عصائب أهل الحق»، حسن سالم في منشور بالعامية: «الخايف من أميركا خل يتكتر»، داعياً إلى الإسراع في تمرير القانون.
لكن القانون يثير أزمة داخل قوى «الإطار التنسيقي» بسبب منصب «رئيس الحشد»، إذ قد يبقى فالح الفياض في موقعه لأجل غير معروف. وقال النائب المستقل هادي السلامي إن «ضغوط الإطار التنسيقي سحبت القانون السابق.. في ذلك الوقت لم تكن هناك ضغوط أميركية، بل خلافات على المناصب»، وذلك في منشور على منصات التواصل الاجتماعي.
وفي آذار الماضي، قررت الحكومة إعادة قانون «الخدمة والتقاعد» لمراجعته واحتساب كلفه المالية، بحسب كتاب رسمي أرسل إلى البرلمان، لكن الخزعلي قال لاحقاً إن سحب القانون جاء لصالح فالح الفياض، لأنه قد يتسبب بإحالته إلى التقاعد.
في الكواليس
تُدار «أزمة الحشد» بين فريقين شيعيين متناقضين: الأول يريد تحدي واشنطن، والثاني يدعو إلى «الحوار».
ومن المقرر أن تبدأ الولايات المتحدة في أيلول المقبل، بحسب اتفاقية موقعة العام الماضي مع بغداد، بسحب قواتها من بغداد والأنبار.
بالتوازي، بدأ رئيس الحكومة محمد السوداني جولة مع زعامات شيعية للحديث عن المتغيرات الأخيرة، بالتزامن مع تكرار تصريحاته حول «حصر سلاح» الفصائل.
وبحسب بيان رسمي، بحث السوداني مع قيس الخزعلي ملفات انسحاب القوات الأميركية والانتخابات المقبلة، مؤكدين أهمية حماية الاستقرار.
وقالت صحيفة لبنانية قريبة من «حزب الله» إن اجتماعين متتاليين بين السوداني وزعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي كشفا عن تباين في الرؤى؛ إذ حذر المالكي من أن أية خطوة متسرعة في ملف حصر السلاح قد تفتح باب مواجهة مباشرة مع الفصائل.
بالمقابل، أبلغ السوداني قادة «الإطار التنسيقي» أن واشنطن وضعت «شروطاً واضحة» تتعلق بـ«ضبط تهريب الدولار، وحصر السلاح بيد الدولة»، باعتبارها مدخلاً أساسياً لاستقرار المشهد العراقي.
وفي الأسبوع الماضي، رجّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مايكل ميتشل، «فرض عقوبات اقتصادية أميركية على العراق» في حال إقرار قانون الحشد الشعبي.
ووفق وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، فإن قرار الحكومة العراقية بإنهاء مهمة التحالف الدولي «طلب مسيّس». وأوضح في منشور أن «الأمر أصبح واقعاً الآن، والبلد مكشوف ومعرّض للتهديدات».
في المقابل، أكدت ما تُسمّى بـ«تنسيقية المقاومة العراقية» أن «أيادي المقاومة والحشد على الزناد»، وقالت في بيان: «أميركا الشر لن تغيّر سياساتها الخبيثة ضد الشعوب، ولا يمكن التعويل على عهودها أو الاطمئنان لإجراءاتها المريبة».
وأضافت: «أيادي رجال المقاومة العراقية المخلصة ما زالت على الزناد دفاعاً عن العراق وشعبه، فضلاً عن حشده الذي لا تكف أميركا وأدواتها في المنطقة عن معاداته».