دعوة محايدة لقراءة الرسالة الأسلامية
بقلم : فؤاد علي اكبر
العودة الى صفحة المقالات

أن نبدأ من نقطة وسطية حرجة جداً ونكوّن فكرة منطقية وغير متطرفة أو منحازة في محاولة التفسير دون أتهام أو تبريرتبدو مهمة شاقة وغير مقبولة لدى البعض من كل الأتجهات فهي تتطلب التجرد التام من كل التأثيرات الفكرية والعقائدية والنفسية المتراكمة والمتأصلة وهذا يتطلب جهداً أستثنائياً لتفهم الموضوع وطرحه كذلك خصوصاً في هذه المرحلة العصيبة والمتأزمة التي يمر بها العالم والمنطقة وما تتعرض لها الثقافة في مجتمعاتنا. وبعيداً عن المتطرفين وحتى المعتدلين نسبياً من كلا الطرفين، المتطرفون الرافضون للأسلام ويهاجمون النهج الأسلامي ومفرداته جملة وتفصيلاً وكذلك الذين لايتقبلون الأسلام كقناعات معتدلة ولا تحمل روح العداء للأسلام والمسلمين وبين المتطرفون الأسلاميون الذين يمارسون الأرهاب والتزمت في فرض الأسلام وتبنيه وكذلك المسلمون المعتدلون الذين يتبنون الأسلام كعقيدة دون أن يكنوا العداء للغير، رغم صعوبة هضم الفكرة والتسليم بكونها لن تحظى بقبول كلا الطرفين وبالأخص المتطرفين من كلا الجانبين ولكن الحاجة الضرورية والمشاكل المتفاقمة ونقاط التقاطع والأصطدامات الدموية التي تسود المشهد العام في مجتمعنا تفرض علينا أن نبذل جهداً في هذا المجال في محاولة فهم ما جرى ومايجري لحد الآن. لا يخفى على المتابع المحايد والغير مؤدلج ضمن توجه سياسي أو ديني معين ومحدود أن مجتمعاتنا تسجل مؤشرات واضحة في معدل الأختلاف والتناحر والصراعات الفكرية والثقافية والدينية مع تعذر أمكانية فهم حقيقة هذه الخلافات بصورة محايدة ومستقلة بسبب غياب وسائل التحقيق وموادها الموثوقة كشواهد ونصوص ومصادر يمكن أعتمادها أوالأعتماد عليها حتى في ملامسة الحقائق ودراستها والوصول إلى بعض القناعات المعقولة رغم بعدها عن كبد الحقيقة التي صار الوصول أليها ضرباً من الخيال فلايوجد هناك تأريخ يحتوي على تناقضات كبيرة بحجم التناقضات التي يحتويها تأريخنا ولايوجد هناك تأريخ كُتِب وأعيدت كتابته حتى في زمننا المعاصر حسب أهواء الحكام والطغاة والمغرضين مثلما حصل من تحريف وتشويه وتغيير للحقائق في تأريخنا. ولاتوجد هناك شخصية تعاني من تناقضات ثقافية وأزدواجيات في الشخصية وأضطرابات عاطفية وقلق وشعور بالتشتت والضياع وغياب تام للرؤية المستقبلية بحجم ماتعانيه الشخصية العربية والشرقية على الأعم. والأخطر من ذلك كله لايوجد دين في الأرض فيه خلافات وصراعات دموية طائفية وحتى صراعات داخل المذهب الواحد مثلما في الدين الأسلامي كما لايوجد رجال دين ومنظرين ومفتين ومتحدثين ومحاورين وكتب ومكتبات ومؤسسات ومدارس دينية ودور عبادة بعدد ما عندنا رغم أن الدين الأسلامي ليس أكبر ديانه في الأرض. نحن أكثر خلق الله أستهلاكاً للجهد والمال والطاقة والوقت في الشؤون الدينية كالصلاة وممارسة الطقوس الدينية والمراسم العبادية والخوض في الحوارات والمناقشات الدينية ومع ذلك تجدنا متخلفين كثيراً عما وصل اليه العالم المتقدم من علوم وحضارة وقوانين تحفظ حقوق الأنسان وتهذب سلوكه في تعامله مع الآخر بل وتجد فينا من هم من أكثر سكان الأرض تطرفاً وتخلفاً وأسوء حالاً حتى من أولئك الذين يعيشون في مجاهل أفريقيا أو في غابات الأمازون رغم كوننا أصحاب أقدم الحضارات على الأرض. ولكي نصل إلى فهم حقيقي وسط هذه المشاكل والتناقضات لابد من الأبتعاد عن كل ماتراكم من حوادث تاريخية ونصوص وأعتماد ماثبت منها ولم يثارحوله أي شك على أن يتوافق مع العقل والمنطق والحديث برؤية محايدة ومعاصرة بعيداً عن التأثيرات النفسية والعقائدية وكذلك السياسية التي لعبت دوراً كبيراً في تشويه الكثير من الحقائق عن الأسلام. ولقلة ما هو ثابت وغير مختلف عليه سنحاول أن نركز على مرحلة بداية الدعوة المحمدية وما هو متوفر منها من ثوابت على قِلتها ولما تثيره هذه الفترة من جدل مابين المخالفون للأسلام والدعاة إليه. لقد تعرض الأسلام وبالذات نبي الأسلام محمد(ص) لهجمات عديدة من قبل بعض الكتاب والمفكرين بأتهامه بممارسة العنف وحبه للنساء ونشر تعاليمه بقوة السيف والعدوان لأهداف أقتصادية وسلطوية مستندين بذلك على نصوص وحوادث تأريخية من المكتبة الأسلامية وتراثها القديم في حين نجد أن الأسلاميين بكل تياراتهم ومذاهبهم ومدارسهم يقدمونه كرسول كريم جاءهم برسالة ألهية مقدسة لنشر العدالة والسلام في الأرض أيماناً منهم بالأسلام ومستندين بذلك الى ما توارثوه من مفاهيم أسلامية عمن سبقهم وترسخ في نفوسهم وأذهانهم بصورة تقليدية مع أستدلال البعض بالنصوص والحوادث التأريخية مع عجزهم الواضح عن نفي ما ذكر عنه من حوادث عنف وقتل وتعدد زيجاته وزواجه حتى من نساء قاصرات في السن مكتفين بتبرير ذلك وفق ماورد من نصوص وسنن مع محاولات التجميل والتوفيق بينها وبين ما هو سائد في كل مجتمع وكل مرحلة زمنية. ولا خلاف بين عامة المسلمين في نظرتهم وتقييمهم للرسول الكريم وشخصيته والخلافات المذهبية أنما تتركز في مسائل أخرى دون المساس بشخصية الرسول(ص). وفي الحقيقة أن لا الشيعة ولا السنة أستطاعوا نفي الأتهامات التي وجهت للرسول والأسلام وربما يعود ذلك إلى ورود هذه الأتهامات في كتب ومراجع كل منهما بالأضافة إلى القران الكريم. ولمحاولة فهم ما حدث علينا أن نعود ثانية إلى أصل الموضوع وفهم ماحدث بعيداً عن أدعاء أي طرف أن كان أسلامياً أو غير أسلامي وقراءة المشهد العام لما حدث بعقلانية متجردة من أية نزعة أو ميل. القضية تبدأ من طفل يتيم حرم من والديه منذ بداية مشوار حياته وعرف بالصدق والأمانة وحسن الخلق ونال أستحسان قومه ومن عرفوه. تزوج من إمرأة تكبره سناً بخمسة عشر عاماً. زاهداً عن الدنيا وملذاتها أعتاد الخلوة والأنعزال عن الناس في خلوات طويلة حتى ثار ضد مجتمعه الوثني  والقبلي الذي كان يسوده منطق القوة والعنف والعدوان والغزو والرق والعبودية وتجارة العبيد والجواري ووأد البنات وأقتراف الفضائع بحق الناس بالأضافة إلى تعاطي الخمر والمجون وتعدد النساء وبثورته التحررية العظيمة  قهر السادة والأمراء وأًنتصر للعبيد والمظلومين والفقراء. داعياً إلى الرحمة والتواد والتسامح والعدالة والأنصاف والخوف من الله. بعد ما تعرض له هو وأهله وأصحابه المخلصين الى شتى أنواع الظلم والأذى والتعذيب والأرهاب والنفي والتشريد. فما الذي حدث؟ وهل يُعقل أن يَقوم هذا الرجل العظيم بالأحتيال على نفسه وعلى ثورته بممارسة ما ثار عليه ورَفَضهُ طول سني عمره وشبابه بعد أن تجاوز الأربعين أو الخمسين من عمره أو أكثر من ذلك؟ في الحقيقة أن التفسير العقلاني الوحيد والمنطقي وما يدعمه الكثير من الحقائق هو أن محمداً (ص)أستطاع أن يغير الواقع السياسي في مجتمعه ويحدث أنقلاباً عظيماً في الواقع المتخلف في الجزيرة العربية ونزع السلطة والجاه من سادة قريش والقبائل الأخرى بعد أن وحدها مع حفظ بعض المقامات تجنباً لحقدهم ومكرهم وممهداً لتغييرات تدريجية بعد أن واجه صعوبات حقيقية من قبل المجتمع في تقبل أطروحاته الروحية والأخلاقية والأجتماعية وباشر بالتأسيس لبناء دولة مدنية متحضرة خلال فترة حياته رغم ما واجهه من مؤامرات ومكائد وتعنت ورفض واضح نابع من العقلية السائدة في مجتمع الجزيرة مما جعل من سنين دعوته ونشر رسالته فترة عصيبة سببت له الكثير من الآلآم والمعانات وهناك روايات غير مستبعدة، تؤكد أن وفاته كانت بسبب تعرضة للأغتيال مسموماً، خصوصاً أذا ما علمنا أنه مات في سن غير مناسبة للوفاة الطبيعية  ومهما كان الأمر فالذي حدث هو أنهم أنقلبوا عليه بعد وفاته مباشرةً وبالتدريج كذلك بدأوا بأقصاء أقرب المقربين أليه من أهله وأتباعه المخلصين وأغتيالهم على مراحل زمنية ليست ببعيدة وخلق الفتن والأنحراف بالمسار المحمدي الأصيل وهناك العديد من الشواهد توضح ذلك. كما قاموا بتزوير وتحريف الكثير من الحقائق والأحاديث والنصوص فأذا علمنا أن القرآن قد جُمع وكُتب بعد وفاة الرسول(ص) وقد أُعتمد في ذلك على الرواة والشهود وجمع الرقاع من العامة وأن اللغة العربية كانت تفتقر الى التنقيط وأن معظم ما وثق من روايات ونصوص وأحاديث منسوبة إلى الرسول(ص) قد كتبت بعد وفاته بعقود بل قرون من وفاة نبي الأسلام(ص) مما يفسر لنا الكثير من التناقض والتشابه وهذا الكم الهائل من الأحاديث الضعيفة والغير ضعيفة المنسوبة ومما يترك أنطباعاً كبيراً  في أمكانية تحريف الكثير من سنته وسيرته ومطلقين عليه الأوصاف والمزايا التي هم يرغبونها لأنفسهم وبما يتوافق مع أغراضهم السياسية ونزعاتهم المريضة الفاسدة من حب للعنف والسلطة والدم والفساد والجنس وبعد أن قاموا بالمذبحة البشعة بحق حفيده الحسين أبن علي (عليهما السلام)وأهله وأصحابه بعد أن حاول العودة بالدعوة الى مسار جده وبهذا أنتقم المسلمون المنافقون لأنفسهم الشريرة ولأصنامهم ولعاداتهم وأهواءهم التي نهاهم عنها محمد(ص) وأستعاد سادة قريش كامل ما سلبهم محمد(ص) من سلطة وجاه بالأضافة إلى ما أسسه نبي الأسلام محمد(ص) من دولة مدنية متحضرة في الكوفة والشام وهكذا أغتصبوا وأداروا الدعوة الأسلامية سياسياً لتضليل الناس وأستعبادهم بأسم الدين والأستمرار في بناء أمبراطوريات قوية أعتمدت الظلم والعدوان على أرض وشعوب البلاد التي سيطروا عليها بدعوى نشر الأسلام وعاملوها فيما بعد كمستعمرات أقتصادية مستعينين بجيش من الدعاة والمنافقين عبر مراحل متعددة من الحكم السفياني الأموي وماتلاه من حكم عباسي وما أرتكبوه من جرائم وتصفية وتشريد للبقية الباقية من أحفاد محمد(ص) وأتباعه. ومن الجدير بالذكر أن بيئة الجزيرة ومجتمعها وعاداتها وثقافتها لم تكن صالحة لأي بناء حضاري ومدني بالرغم من ظهور الأسلام لذلك شيدوا حضاراتهم خارج الجزيرة العربية وإلى يومنا نجد الكثير من الأفراد والجماعات في هذه المجتمعات يمارسون نفس العادات الجاهلية ويلهثون وراء الجنس والمال والسلطة وتعدد الزوجات وممارسة العنف أتجاه النساء والأطفال وفرض العادات والتقاليد المتخلفة وخنق الحريات وأقصاء الآخرين أبتداءً من معاملة الأفراد والأسرة والقبيلة والمجتمعات الأوسع إلى السلطات والحلقات الأعلى في الدولة مبررين ذلك بتعاليم دينية مشوهة لا تتفق مع العقل والمنطق والقيم السماوية مسوقين ومسوغين كل هذه التناقضات والخلافات بأستخدام الكثير من وسائل التعتيم والتضليل والتشويش والتشويه والتمويه التي تديرها الأنظمة الحاكمة والمنظمات والحركات الأسلامية الظلامية الفاسدة والأحزاب الممتهنة للأسلام ويغذيها جيش من الدعاة المنافقين المتعطشين للسلطة والنساء والدماء والداعين إلى سلب الحقوق والقتل والتشريد والأرهاب بأسم الأسلام والتقرب بذلك إلى الله. حالمين بأغتيال الحقيقة من جديد وبناء أمبراطورية طغيان أخرى على غرار أمبراطورياتهم التي بنوها بأغتيال الأسلام ونبيه الكريم(ص) وأهله وأحفاده وأتباعه المخلصين سلام الله ورضوانه عليهم جميعاً.

  كتب بتأريخ :  الخميس 12-01-2012     عدد القراء :  1707       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced