ياسمين ((ضحية الفصل العشائري))
بقلم : منى حسين
العودة الى صفحة المقالات

ياسمين فتاة تبلغ من العمر ثلاث وعشرين عاما بيضاء البشرة جميلة رشيقة القوام (هزيلة) ألتقيتها قبل ما يقارب الشهرين في أحد المحاكم العراقية، كانت متهمة بالخيانة الزوجية، لكن الحقيقة كانت قصتها غريبة، حيث أجبرت ياسمين على ترك دراستها وهي في المرحلة ماقبل الأخيرة لأنهاء مرحلة الأعدادية، اي في الصف الخامس الأعدادي، لتتزوج من أحد أقربائها (أبن خالتها) نزولا عند رغبة ابيها، وكانت المفاجأة وتحديدا في ليلة زفافها حيث صرح لها زوجها بأنه عاجر جنسيا وأطلعها على تحاليل طبية تؤكد عجزه الجنسي التام، لكنه ظل يترجى ويتوسلها أن تكتم الموضوع حفاظا على سمعته كذكر داخل مجتمع الذكورية، ووافقت ياسمين لأنها برئية ولم تقدر عواقب تلك الأمور، وبعد مرور اقل من سنة وجدت نفسها متهمة بجريمة الخيانة الزوجية من قبل زوجها الفاشل جنسيا، هنا أنتفضت ياسمين منتقمة لوضعها وتقدمت للمحكمة بطلب الأنفصال عن طريق محامي أوكلت له قضيتها، وقد طلب المحامي من هيئة المحكمة عرضها على لجنة طبية للتأكد من كونها لازالت عذراء، وكذلك عرض زوجها على لجنة طيبة لدعم أدعائها، وقد جائت نتائح الفحوصات الطبية لتؤكد عذرية ياسمين وصحة أدعائها حول عجر زوجها الجنسي التام. الى هنا حصلت ياسمين على حريتها حيث منحها القاضي ورقة الطلاق، وطوت ياسمين صفحة الم مريرة عانت من ويلاتها ماعانت، عادت ياسمين الى بيت ابيها هذه المرة عذراء مطلقة يملؤها الحزن والخراب، أرادت ترتيب نفسها وحياتها من جديد، طلبت من ابيها ان تعود الى دراستها لكن الأب المتشدد رفض منحها حق الحياة وأثبات وجودها وللمرة الثانية.
بقيت على أتصال مع ياسمين وقبل ايام قليلة أتصلت بي وقالت أن عائلتها تعرضت الى مشكلة تسبب فيها أخيها، وهذا الأمر حسم عن طريق جلسة عشائرية حيث وجب على أبيها دفع دية (فصل عشائري) للعائلة المتضررة بسبب أخيها، وكان الحكم العشائري يقتضي أن يدفع أبيها أما مبلغ من المال تم تحديده أو أمراة من نساء العائلة كتعويض عن الضرر الناتج عن المشكلة. ونتيجة للوضع المادي الغير جيد لأبيها وأنقاذا لأستهتار أخيها الذكر قرر أبوها أن يدفع بها كتعويض (فصلية) لحل المشكلة.
هذا النوع من التعسف والذي يطلق عليه فصلية هو مرحلة أبشع من العبودية فالمرأة في هذه الحالة يتم أمتلاكها بشكل تام من قبل العائلة التي حصلت عليها كدية، حيث يتم سلبها كرامتها وانسانيتها ووجودها بالكامل، تعيش بقية حياتها ذليلة رخيصة لا توجد لها أي قيمة أجتماعية او أنسانية لانها أتت حلا بائسا لمشكلة عشائرية، وبالمقابل ستدفع ياسمين الثمن بسلسلة أنتقامات من كرامتها ووجودها من قبل العائلة التي أمتلكتها، لان تلك العائلة ستنتقم منها يوميا بإذلالها واهانتها، تخيلوا اي حياة هذه ستكون لياسمين وامثالها مع انها ليس لها يد في هذه المشكلة سوى انها ملك لأبيها ولعائلتها، وهي نفس العائلة التي بتت في قرار تركها للدراسة وتزويجها ثم منحها كدية لحل مشكلة عشائرية ارتكبها الذكر. اين القوانين التي تحمي قضية ياسمين وامثالها من بناتنا ونسائنا، متى تطوي القوانين ملفات العشائر التي تهين النساء وتذلها لتؤدي بها في النهاية أما الى اليأس والإذلال أو الإنتحار أو الهرب. وجميعها حلول فيها خسائر فادحة ونهايات مؤلمة ومهينة.
ياسمين الأن في حالة نفسية صعبة أنها في حالة انهيار تام وليس أمامها من خيار سوى أما أن تعيش بقية حياتها مهانة وذليلة مع عائلة ستأخذها كدية لما يسمونه (فصلية). وأما أن تهرب من ابيها وعشيرتها وأهلها أو أن تنتحر وجميع الخيارات تلك فيها نهاية لها ولأنسانيتها.
ماذا تفعل ياسمين الأن؟؟؟ وملايين من النساء امثالها الى متى تبقى هذه المجتمعات تحمي الذكور وتدافع عنها الى متى تبقى قوانين هذه المجتمعات صماء وعمياء أمام قضية المرأة الى متى تبقى مذابح التخلف العشائري تذبح بناتنا في وضح النهار وبشكل علني وقبيح.
عزائي لكي يا ياسمين ولكل شابة مصوب على حياتها سهم الذبل والسم، لأن حياتها بيد أبيها وأخيها، بيد ولي الأمر القاسي المتعسف الذي يدفع بها ثمن لحماية أخيها الذكر أو حماية نفسه عند أرتكابهم جريمة اجتماعية.
ملاحظة: أحتفظ بالأسماء والأماكن والعناوين.
ياسمين الأن بحاجة الى حل ودعم وسند أنساني لأنقاذ حياتها.

الأمضاء
قلم التحرر والمساواة
لكل نساء العالم

  كتب بتأريخ :  الجمعة 13-01-2012     عدد القراء :  1784       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced