تناسل ظاهرة الفقر فـي المجتمع
بقلم : وجدان عبد العزيز
العودة الى صفحة المقالات

لا بدّ للعلاقة بين الأجور والأسعار أن تسير وفق ضوابط  محددة تكون فيها تحت السيطرة بكافة عواملها المؤثرة، وإلا فان المواطن سيعاني  اختلال هذه العلاقة،لا سيما أن الأسعار عندنا في العراق ومنذ فترة طويلة ترتفع شهرياً ، بينما الأجور ثابتة في الأعم الأغلب؛ وهذا الاختلال سيزيد من نسبة الفقر وتفشيه  خاصة بين الأوساط ذات الدخول الواطئة والمحدودة وتزداد محرومية  أوساط كبيرة من نمط الاستهلاك حتى لو كانت هذه السلع من السلع الاستهلاكية الأساسية، لعدم إمكانية تغطية تكاليفها.



اليوم امتد ارتفاع الأسعار ، ليشمل سلة الغذاء وبشكل خاص اللحوم بمختلف صنوفها والبيض ومنتجات الألبان والسكر والدهن والشاي والبقوليات والخضراوات  بأنواعها.
بعد سقوط النظام المباد انتعشت مائدة الفقراء ببعض المواد الغذائية التي غابت عنها لسنين طويلة، ولكننا شهدنا غياب التفات الجانب الحكومي لضبط العلاقة بين الأسعار والأجور بحجة التحول إلى اقتصاد السوق وجعلها حرة ، إضافة إلى الأمراض التي يحملها القطاع الخاص والتي ظلت بدون معالجة حقيقية، وهي أمراض مزمنة تحتاج للعلاج بالقوانين التي من شأنها تحميل هذا القطاع مسؤولية الحفاظ على الأمن الاجتماعي مثلما يتحملها القطاع العام الحكومي والتعاوني. يرافقه علاج آخر يتمثل في تكريس ثقافة وطنية لخلق تنافس مثمر بين القطاعين يخدم المستهلك والمنتج والمصدّر في آن معا.
بهذا وحده سيسير القطاع الخاص مع القطاع الحكومي بدالّة مسؤولية الحفاظ على الأمن الاجتماعي المرتبط أصلا بالأمن الاقتصادي؛ وهذا الارتباط بصورته الناجحة سيعالج أمراض الفقر والبطالة، وهي من أشد الأمراض التي تفتك بالأمن الاجتماعي وتعطل عجلة النمو والتطور الحضاري في بناء المجتمع الديمقراطي الحر المستقر.
أمر كهذا من شأنه التخفيف، بل القضاء على مظاهر الجريمة التي تولدها الصراعات الاجتماعية الناتجة عن الفوارق غير المتوازنة في الأجور، مثلما دل عليها فارق رواتب الرئاسات الثلاث بموظفيها وخدمها ورواتب بقية دوائر الدولة التي أصبحت الآن عاجزة أمام المد الارتفاعي للأسعار.
ومع إننا نعيش تجربة الديمقراطية وشفافية العمل الاقتصادي في العراق، إلا إن الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية لا تحرك ساكناً إزاء الدعوات الملحة في هذا الصدد، فالأمر يبدو في منتهى الخطورة وإذا بقيت الأمور على هذه الوتيرة من ارتفاع الأسعار، فيمكن للمنظومة الاجتماعية أن تنهار وينهار النظام الديمقراطي معها.
ولذا فإن المساهمة في وضع الحلول المتاحة أمام حكومتنا الاتحادية وحكوماتنا المحلية واجبة وملحّة ويمكن تصورها كالآتي:
أولاً: لابد من الدعم الحكومي لأسعار بعض المواد والسلع الضرورية ويمكن أن يكون الدعم متمثلاً ـ على أقل تقدير ـ  في توفير مواد البطاقة التموينية التي أصبحت موادها متلكئة جداً.
ثانياً: إعفاء أجور الخدمات أو تخفيضها للأسر الفقيرة وهذا يتم من خلال الإحصائيات المضبوطة، وهي مع الأسف مفقودة، لذا تجد أكثر رواتب الحماية الاجتماعية تذهب لغير مستحقيها.
ثالثاً: تشجيع الأسواق التعاونية التي تنتهج سياسة سعرية لا تعتمد الهوامش الربحية العالية. ولنا في دول الخليج العربي أمثلة على هذا النهج، فلهذه الدول تجارب مهمة لحماية الفقراء وأصحاب الدخول الواطئة.
كل ما تقدم يؤكد ان تحسين الأجور لا يعني زيادتها بالضرورة لكن تطبيق النقاط الثلاث، قد يسهم في تخفيف العبء عن كاهل المواطن.
أمر آخر لا يقلّ أهمية عما سبق يتمثل في ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار صور التظاهر وطرح المعاناة  من قبل الشعب أمام الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية بغية وضع المعالجات لهذه العلاقة الأزلية بين الأجور والأسعار، كون التظاهر حالة ايجابية تنعش النظام الديمقراطي وتخلق الشفافية في العلاقات بين السلطة والشعب باعتبار أن السلطة في النظم الديمقراطية هي صنيعة شعبية، ومن أهم علامات الديمقراطية التداول الحرّ بكل القضايا، لأن الحل قد يغيب عن السياسي أو المسؤول ولذا فهو يحتاج إلى صوت الناس من أجل الضغط عليه لاكتشاف هذه الحلول.
وفي النهاية فإن كلّ خطوة لزيادة الرواتب والأجور لابد من أن تتلوها ضوابط ومعالجات للاحتفاظ بتوازن الأسعار وعدم ارتفاعها المفاجئ الذي يمتص أي زيادة في دخل المواطن، لئلا يبقى هذا المواطن بعيداً عن الرفاهية المنشودة.

  كتب بتأريخ :  الأحد 15-01-2012     عدد القراء :  1669       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced