حكومتنا والتقليد البعثي البغيض
بقلم : عدنان حسين
العودة الى صفحة المقالات

تتمسك حكومتنا الميمونة بتصرفات تعوزها الشرعية والأخلاقية. وهي تصرّ عليها بعناد عجيب وغريب برغم الاعتراضات والانتقادات من محافل سياسية وإعلامية، كما لو أن الحكومة مصابة بالطرش والعمى في آن حيال هذه الاعتراضات والانتقادات.



من هذه التصرفات الاعتقال العشوائي والتعذيب النفسي والجسدي للمعتقلين، وهما مما يحرّمه تحريماً صريحاً الدستور الذي استفتي عليه الشعب قبل ست سنوات، وكذلك عرض "اعترافات" متهمين على التلفزيون، وهو ما لم ينص عليه أي قانون نافذ فضلاً عن انه عمل غير أخلاقي.
الحكومة تؤكد دائماً على لسان كبار مسؤوليها ان القضاء في بلادنا مستقل وان استقلاليته محترمة ومضمونة من جانب السلطة التنفيذية، بيد أن هذه الحكومة تناقض نفسها بنفسها إذ تتجاوز على صلاحيات السلطة القضائية باعتقال الناس من دون تصاريح قضائية كما حصل في مرات عديدة منذ نحو سنة حتى الآن مع نشطاء التظاهرات السلمية على سبيل المثال، وبعرض "الاعترافات" من دون أي سند قانوني أو قرار من السلطة القضائية.
الاعترافات المتلفزة بالذات، كما الاعتقالات العشوائية وإساءة معاملة المعتقلين، عمل غير أخلاقي تماماً، وهو يعكس شعور الحكومة بعدم ثقة الرأي العام بسلامة إجراءاتها وباستقلال السلطة القضائية. فلو كانت الحكومة واثقة من أن الشعب على قناعة باستقلال القضاء ما احتاجت إلى عرض الاعترافات تلفزيونياً.
في البلدان الديمقراطية التي تتمتع فيها السلطة القضائية بالاستقلال الحقيقي لا الشكلي، لا تعرض السلطات الحكومية اعترافات المتهمين أو المدانين حتى لو كان الأمر يتعلق بقضايا الإرهاب والأعمال المهددة للأمن الوطني، وإنما يتولى القضاء عرض نتائج التحقيق والمقاضاة بعد الانتهاء من الإجراءات التحقيقية والقضائية التي تتضمن تمكين المتهمين من توكيل محامي دفاع عنهم، فالمبدأ الثابت والمحترم في بلاد الديمقراطية الحقيقية ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهذه الإدانة لا تقررها أجهزة السلطة التنفيذية وإنما السلطة القضائية. 
يجب أن تُدرك الحكومة أن عرض الاعترافات عدا عن كونه عملاً غير قانوني وغير أخلاقي، لا يكرّس الثقة بها وبإجراءاتها، بل يعصف بها تماماً، فمما يثبّت هذه الثقة هو ضمان الاستقلال الكامل للسلطة القضائية وتركها تعمل وتقرر بحرية غير منقوصة.
عندما يكون الشعب واثقاً بحكومته وبسلطته القضائية، كما هي الحال في بلدان الديمقراطية الحقيقة، لا يحتاج إلى عرض الاعترافات لإقناعه بصحة وسلامة الإجراءات الحكومية والقضائية.
الاعترافات المتلفزة تقليد بغيض بدأه نظام البعث الأول بعد انقلاب 8 شباط 1963 الدموي وواصله نظام البعث الثاني بقيادة صدام حسين البعثيون، أفلا تجد حكومتنا غضاضة في السير على ذلك الدرب القذر؟ وكيف لنا أن نؤسس لنظام ديمقراطي في ظل التجاوز على القانون والأخلاق؟
إذا كانت الحكومة تحترم نفسها وتحترم من انتخبوها فلتُلزم أجهزتها ومؤسساتها بالكفّ عن كل الممارسات الخارجة على القانون والأخلاق.

  كتب بتأريخ :  الخميس 19-01-2012     عدد القراء :  1674       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced