منذ سماعي بفاجعتك منذ اكثر من شهرين وانا احاول ان اشحذ قلمي، ذاكرتي، مشاعري، لخط اسمك الجميل، لكن تخونني الكلمات، تتشحرج انفاسي وتتساقط دموعي غزيرة، في هذه اللحظة دموعي تسبق كلماتي, وسؤال حيرني لماذا قتلوك بتلك الطريقة المتوحشة، السادية.
عفراء شياع البراك...يا ابنة الحلة، اتذكرك ايتها الطفلة السمراء المليحة، البريئة، بشعرك المجعد، وتنورتك القصيرة، ووجهك الطفولي، اتذكر اشياءنا المشتركة، ننتمي الى نفس المدينه "الحلة" ونفس الصف "ثالث متوسط" ونفس التهمة "توزيع مناشير" ، فقط كنت اكثر هدوءا مني، ولم تنتمي لحزب ما...وانا كنت شيوعية.
في مديرية امن الحلة، كل واحدة كانت لها زنزانتها الموصدة، بقضبانها الحديدية الصدئة، اشتركنا العذابات والامنيات، نفس وسائل التعذيب الشيطانية، ونفس المحققين، ، لا اصوات هناك سوى الصراخ من افواه تيبست من شدة الصراخ وهي تتلوى تحت السوط، سلبوا منا طفولتنا، وايامنا الحلوة، رؤينا نجوم السماء في عز الصيف، تقاسمنا البرد القارس، واصواتهم البغيضة، وضحكاتهم الهستيرية، وساديتهم وكل شيء عفن، رخيص في جوزتهم.
ثم التقينا في سجن الرشاد اللعين، مع اخريات شهدنا، وتقاسمنا الخوف والرعب المستمر بلا انقطاع، بكينا، ضحكنا، تمنينا بدون جدوى، هل تتذكرين ياعفراء حين دمعت عيوننا، ونحن نحلم برؤية وردة لكي نشم عطرها!!
اكلت منا المعتقلات والسجون، اجمل ايامنا وسرقت زهرة شبابنا، لكن تشبثنا بالحياة واملنا برؤية ايام قادمة اجمل، كان هذا البصيص هو زادنا اليومي.
بعد ثلاثة وعشرين عاما من اعتقالنا وسجننا الطويل جدا، سقوط الدكتاتورية، كنت ياعفراء كثر أمتلاءا بالفرح والنشاط، تعملين كالنحلة وانت تنجزين معاملات السجينات والسجناء، وصار لك بيت وزوج، وامل اكبر في الحياة، هل نت تعلمين ان جلادوك القدماء، الجدد, سيذبحونك من الوريد الى الوريد؟؟
الم يكتفوا بقتلك آلاف المرات يوميا لسنوات طويلة, متواصلة، لم تشفع لك سنوات نضالك الطويل، وانت تحلمين في بيت ووطن آمن!؟ ام لايحق لك ذلك ؟
عفراء لم انساك يوما منذ مقتلك صورتك تلازمني، وكيف لا وانت رفيقتي لأعوام طويلة هي اطول حتى من عمري.
عفراء اعلم ان قضيتك سوف تقيد ضد مجهول انت وزوجك، وستصبح رقما يضاف للارقام التي سبقتك من نساءنا المذبوحات بدون ذنب سوى انهن عراقيات، اعذريني اختي، صديقتي، رفيقتي قد يكون مصيري مثلك من يعلم في وطن لايحمي احدا ابدا...!!!.
كتب بتأريخ : الجمعة 20-01-2012
عدد القراء : 1863
عدد التعليقات : 0