من أوراق معلمة متقاعدة (9)
بقلم : نبيهة أحمد النعيمي
العودة الى صفحة المقالات



منذ أن سمعت ابن جيراننا وهو يكرر كلمة (خالة صارت ثورة عله الزعيم) اشتعلت في مهجتي نار لا اعرف كيف أطفئها، وقد بدأت هذه النار تستعر، كلما تصورت أنهم سوف يقتلون الزعيم، وعندها يقتلون زوجي وحبيبي حسام معه. لهذا كنت أفتح باب البيت بين لحظة وأخرى، أنظر إلى الشارع الذي تبدو فيه الحركة غير عادية، أتصورهم سوف "يسحلونه" مثلما "سحلوا" نوري السعيد وعبد الإله. صحيح أنني لم أرَ ذلك الموقف، ولكن لكثرة ما ردده الناس بدأت أصدقه، ومن ثم بدأت أتصوره. كانت والدتي في المطبخ تغسل صحون ليلة البارحة، ويبدو عليها أنها غير مكترثة بما حدث، قلت لها وبي من الجزع ما يملأ كل فراغ في بيتنا:
-  ماما أشو أنت ما مهتمة مو صارت ثورة عله الزعيم.
أجابتني وبكل برودة شهر شباط التي تجعل عظامي ترتجف:
- لا ماما لا تخافين قبل جم سنة هم صار هيج وطلع الزعيم سلامات، هذا سبع مينخاف عليه.
كنت أظنها تريد أن تجعلني أطمئن، من أن ما سمعته لا يعدو أكثر من كذبة، ولكن إذا كانت هكذا بالفعل، لماذا لم يعد حسام إلى البيت؟ هو إعتاد أن يعود إلى البيت الساعة الثامنة والربع صباح يوم الجمعة، ولو لم يكن هناك من ثورة أو أي حادث تعرض له الزعيم، لما تأخر هذا الصباح. كاد القلق يجعلني أخرج إلى الشارع، أقف في منتصفه وأسأل المارة، يبدو أن بعضهم كان يسير بسرعة، والبعض الآخر يركض، إذاً لابد أن يكون قد حدث شيء ما.
إنقطع صوت الراديو في بيتنا (هل في بيتنا فقط؟) بعد ان قرأ أبو العينين الشعيشع آيات من سورة يوسف، ثم توقف لبرهة ولم نسمع بعد ذلك غير الصمت، الشارع يجعل الجمرة في مهجتي تتوقد، ولا أبالية والدتي ترش الجمرة بقليل من الماء، لا من أصابع يدها، بل بكلماتها الممطوطة عن شجاعة الزعيم وحب الناس له، وبحكم سماعها للأخبار وللنقاشات التي تجري في بيتنا، قالت بكل ثقة روحها المطمئنة:
-                    ماما مادام الروس واكَفين وي الزعيم ويساندونه محد يكَدر عليه.
كدت أصدقها لو لم أعد بذاكرتي إلى التاريخ القريب، وأسأل نفسي عن وقوف بريطانيا ودعمها للمك ونظام نوري السعيد، مع هذا حدث ما حدث لهم.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 23-01-2012     عدد القراء :  1645       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced