المرأة العراقية والقراءة
بقلم : انتصار الميالي
العودة الى صفحة المقالات

وأنا أتجول كعادتي في ممرات الحياة استوقفتني هذه اللقطة التي أثارت اهتمامي لامرأة عراقية كادحة وعاملة فبينما هي في زحمة العمل تنشد الراحة وجدت راحتها ومتعتها في قراءة إحدى الجرائد اليومية، أدهشتني وأسعدتني في اللحظة نفسها. فهي تقرأ رغم تعبها وهمومها. فعدت بخطواتي واستأذنتها لألتقط لها هذه الصورة العفوية.
جاء في مقال للكاتب محمد قاسم (أظهر استطلاع للرأي في فرنسا ونشرته مجلة لابل فرانس أن نساء فرنسا يقرأن أكثر من رجالها، و أنهن يشكلن ثلاثة أرباع قراء الروايات، و أن أكثر من نصف قراء المقالات السياسية والاقتصادية هن من النساء، وأكثر من هذا وجدت الاستطلاعات إن الفتيات الصغيرات يقرأن أكثر من الفتيان الشغوفين بألعاب الفيديو والكمبيوتر).
هل يمكن أن نتخيل ماذا ستكون النتائج عندما يجرى استطلاع عن القراءة بين النساء العربيات والعراقيات منهم؟
فالمرأة العربية لا تقرأ، ليس لأنها أمية أو لا تحب القراءة، أو لأنها لا تحب الثقافة، بل لأن هناك أولويات أهم تشغلها عن القراءة، وبتعبير أدق ما يشغلها هي المهمات الثقيلة الملقاة على عاتقها.
فالمرأة العراقية تحديداً تفكر كل يوم بزوجها وهو يخرج للعمل، ورغم انشغالها بالأمور المنزلية وتربية أطفالها فهي تفكر بعودته سالماً وذلك بسبب المخاطر التي يخفيها الشارع، فكم من أب خرج لعمله ولم يرجع بسبب الإرهاب والقتل.
والمرأة العراقية الام مشغولة طوال حياتها برعاية أطفالها وتربيتهم ومتابعة واجباتهم الدراسية، وتنتظر فرحة تخرجهم بصبر دون إن تشعرهم بخوفها وقلقها الدائم على سلامتهم أو بكيفية تدبير مصاريفهم الدراسية واقساط الدروس الخصوصية وغيرها مما يثقل العائلة العراقية وخاصة الام.
والمرأة العراقية الموظفة والمعيلة لأسرتها تركت المصاعب اليومية أثرا كبيرا في حياتها، فالازدحامات والانفجارات والتهديدات وانتشار الفوضى لم تترك حيزا كافيا من تفكيرها للقراءة ، فهي تفكر متى تصل إلى العمل وكيف ستعود إلى بيتها وهل هي بحاجة إلى التسوق قبل العودة لمنزلها، ماذا تحتاج ابنتها التي تدرس الهندسة وما الذي يريده ابنها الطالب في السادس الإعدادي.
والمرأة العراقية الشابة تفكر ألف مرة من أين ستأتي بالمال لتساعد أسرتها قبل إن تفكر بشراء كتاب وهي التي درست وتخرجت ولم تستطع الحصول على فرصة عمل تجعلها قادرة على إن تشتري ثيابا وطعاما وكتابا.
يقولون: إذا عرف السبب بطل العجب، لذلك لا نفاجأ إن جاءت استطلاعات الرأي ذات يوم وأظهرت أن النساء العربيات هن الأقل قراءة بين نساء العالم، مضافاً اليها ارتفاع نسبة الأمية بين العربيات، عندها سندرك مدى الكارثة التي وصلت إليها علاقة المرأة بالقراءة.
لكن يبقى الحافز على النهوض قائماً لانه لدينا نساء عربيات وعراقيات قارئات ورائدات ومبدعات وكاتبات وأديبات ومثقفات ومفكرات وعالمات ومتفوقات في الطب والهندسة والصيدلة والاقتصاد والعلوم والفن والرياضة وحتى في السياسة.‏


  كتب بتأريخ :  الإثنين 20-02-2012     عدد القراء :  1794       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced