قصة زوجة ثانية
بقلم : منى حسين
العودة الى صفحة المقالات

في أمسية باردة وبعد عودتي من يوم عمل ومن خلاله شعرت بألم شديد في أحد اسناني، أضطررت معه لمراجعة أحد أطباء الأسنان، وفي صالة الانتظار حيث كان العدد يملأ غرفة انتظار الكشف، اخترت مقعدا محاذيا لامرأة تبلغ الثلاثين عاما من العمر تقريبا حسناء، تميل الى الطول ذات عينين كبيرتين ممتلئة القوام قليلا وكانت برفقتها طفلة تقارب الأربع سنوات من العمر، تبادلنا التحايا والتعارف وأطراف الحديث أخبرتني أنها متزوجة من رجل متزوج أي أنها زوجة ثانية ،وجاء زواجها هذا بعد أن ترملت ولديها ولدان من زوجها المتوفى، أما ابنتها هذه فهي من زواجها الثاني، حيث أن زوجها الحالي حسب ما قالت أنه الآن يقوم بهجرها حيث أنه لايقيم معها ولا يواصلها إلا في فترات متباعدة، كما وأن وضعها الاقتصادي سيئ جدا هي وأبناؤها الثلاثة وأنها بلا مورد وبلا عمل، كما وأن زوجها لا يستطيع تغطية مصاريفها هي وأبناؤها ومصاريف عائلته الأولى، اقترحت عليها أن تجد عملا ما لتساعد نفسها وتحقق ذاتها من خلاله كي تتمكن من ادارة مؤسستها الأنسانية والاقتصادية والاجتماعية بدلا من انتظار الصدقات من زوجها الذي لاينتبه لحالها.

طفلة بلا هوية
أخبرتني بأن زوجها لا يريد منح ابنته أوراقها الرسمية (هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية) مبررا بأنه لا يريد أن يضيفها هي وأبنتها الى سجله المدني. أي ضياع هذا الذي يتربص بتلك المرأة وأبنائها الثلاثة، وأي مستقبل ينتظر تلك الطفلة؟ طفلة بلا أوراق رسمية بلا هوية بلا وجود في مجتمع سجله الانساني سجل الأصل والفصل والعشيرة، ومن المؤكد أنها لن تستطيع أن تمارس حياتها بشكل سوي حالها حال الفتيات أقرانها، طفلة محكوم عليها بالمجهول منذ ولادتها و لن تكون لها دراسة ولن تكون لها حياة حين تكبر وتبلغ، فكيف ستعيش، كيف تعيش امرأة بلاهوية.. في مجتمع لايسأل عن الأنسانية.. ولايسأل عن عطاء الفرد لهذا المجتمع.. بقدر ما يسأل عن أبنة من هي.. ومن والدها ومن أخوها؟.. بالاضافة الى ذلك فأنها (امرأة). تخيلوا امرأة معها أوراقها الثبوتية وتعاني من الاضطهاد والجهل والتخلف، فكيف الحال مع امرأة بلا أوراق اثبات شخصية وبلا هوية. اي بمعنى محكوم عليها بعدم الوجود.
لماذا لايمكن وضع حد لموضوع استهانة الرجل في موضوع تعدد الزوجات في مجتمعاتنا، لماذا لانزرع ثقافة الاحترام الانساني والفهم العاطفي عند الرجل أولا، كي لايجعل موضوع تعدد الزوجات كهواية امتلاك الهواتف النقالة، أو امتلاك السيارات الحديثة أو تغيير الموضة والأزياء. ولو تعمقنا أكثر في الموضوع نجد أن الرجل السليم الفكر والصحيح العقل لايستبدل حياته الأسرية ويجازف بمصير حياته، لأن القيمة الحقيقية للأسرة الأنسانية والاجتماعية تكمن في المحافظة على كيانها واحترامها بالكامل.
الى متى تبقى القوانين تسير ببطء نحو مشاكل المرأة ومعاناتها، الى متى تبقى الذكورية الأحادية التفكير تنتهج التسلط بحق المرأة وتركز تابعيتها التامة للرجل؟ أرى أن الحل الوحيد للقضاء على أزماتنا الاجتماعية هو منح المرأة استقلالها الاقتصادي لتتخلص من فكرة أهمية وجود الرجل المعيل لها ولعائلتها، وفي نفس الوقت نخفف العبء عن كاهل الرجل، لم لانحاول أن نضع آليات قانونية واجتماعية تحد من موضوع هواية الرجل في تعدد الزوجات نزولا عند شهواته ورغباته؟ والتي سرعان ماتنتهي بعد الحصول على امرأة  أخرى، اي بمعنى محاولة زرع ثقافة اجتماعية ثقافة أنسانية تستند الى أن المرأة ليست أداة للخدمة والمتعة والانجاب، ثقافة تركز الى أن المرأة أهم قاعدة تستند عليها المجتمعات وفي جميع المجالات، في الأمان السياسي، في النهوض الحضاري، في الرقي والتقدم والتغيير

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 21-02-2012     عدد القراء :  1836       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced