مهرجان افلام حقوق الانسان تواصل في جامعة بغداد اضاءة لحقوق الانسان، وحقوق النساء خاصة
بقلم : نهلة ناصر
العودة الى صفحة المقالات

اختلفت وسائل التعبير عن الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان في جميع بقاع العالم، ولكن تبقى عين الكاميرا الأكثر تعبيرا عن تلك الانتهاكات وهي تنقل المشاهد والأحداث حتى من دون كلام. من هنا افتتحت الجمعية العراقية لدعم الثقافة وكلية السينما والتلفزيون المستقلة مهرجان "عين بغداد" المهرجان الاول لافلام حقوق الانسان في العراق، وكان ذلك في بغداد عصر السبت الماضي، في المركز الثقافي النفطي، واستمر عرض الافلام في الايام التالية في جامعة بغداد على قاعة الحكيم الى يومنا هذا الثلاثاء 28 شباط. تناولت افلام المهرجان ثلاثة محاور هي: العنف والتمييز ضد المرأة، وحقوق الطفل، وحرية الرأي والتعبير. رافق العروض افتتاح معرض للرسوم الكاريكاتيرية للراحل مؤيد نعمة عبرت عن معاناة المواطن العراقي وهمومه اليومية التي جعلته مواطنا منتهك الحقوق، يعيش في بلد يعد في مقدمة البلدان التي تخرق فيها حقوق الانسان ومن جميع النواحي.
مضامين الافلام
وبعد عرض فلم "ام ساري" في افتتاحية المهرجان الذي ينقل معاناة ام عراقية تحاول انقاذ ابنها البالغ من العمر عشر سنوات والمصاب بمرض نقص المناعة (الايدز). وتسكن عائلة ساري في اطراف مدينة المحمودية وتعتاش من بيع الحليب والزبدة. تحاول الام، التي تحقن هي ابنها بابر العلاج، البحث عن علاج له في مستشفيات بغداد، ولكنها تكتشف ان الوضع الصحي أسوأ مما كان عليه زمن النظام السابق.
كان لنا موعدنا صباح امس الاول الاحد مع العنف والتمييز ضد المرأة وانتهاك حقوقها. عرضت ثلاثة افلام، الاول هو "اعداء السعادة" وفيه تقف شابة افغانية شجاعة اسمها ملالاه جويه في اول اجتماع للبرلمان الافغاني عام 2003 الذي كان كله من الرجال لتقول "ان اغلب الجالسين هنا هم تجار حروب ومسؤولون عن قتل الشعب الافغاني، فإذا الشعب سامحهم فإن التاريخ لن يسامحهم". فتطرد بسبب ذلك وتتوالى عليها التهديدات بالقتل. ولكنها رغم ذلك تتابع حياتها ونشاطها لتكون واحدة من ثلاث نساء مرشحات للبرلمان امام واحد واربعين رجلاً في الانتخابات البرلمانية للعام 2005 !
الفلم الثاني "يوم في سجن الكاظمية" للنساء، يوثق ما يدور داخل اروقة سجون النساء في العاصمة بغداد، من دون تدخل او اسقاط فكري او توجيه من قبل صناع الفلم. لذا جاء الفلم عبارة عن عين مفتوحة تتجول بين السجينات والادارة والعاملين في السجن، فجاءت قصصهم بكل بساطتها ومبالغاتها وبأسلوب عفوي.
الفلم الثالث "الحب الاول" الذي يحكي قصص ثلاث شابات فلسطينيات عن اول تجربة لكل واحدة في الحب.
معاناة وواقع مرير
عبرت الافلام الثلاثة عن معاناة المرأة العربية والعراقية بشكل خاص، وهي تنقل واقعاً تعيشه كل يوم، بكل ما يحمله من مرارة وألم وحيرة ويأس يصل احيانا الى التفكير بالانتحار، وهذا ما ذكرته اكثر من سجينة من سجينات سجن الكاظمية للنساء، بعد ان يئسن من الحياة وعدم اهتمام الدولة بهن، وطول فترة احكامهن التي حرمتهن من التواصل مع عوائلهن والمجتمع. وعبرت احدى السجينات عن الظلم الذي لحق بها لعدم التحقق من الادلة التي ادينت بها وحكم عليها بالسجن. واخرى تنكرت لاهلها بعد ان بدأوا يستثقلون زيارتها كل شهرين مرة واحدة. فضلا عن معاناة الامهات اللاتي وضعن في قاعات خاصة مع ابنائهن. وشكت بعض السجينات من سوء المعاملة ونوعية الطعام المقدم لهن، وشبهن انفسهن بالحيوانات لان لا انسان يستطيع تحمل تعامل كهذا.
رأي النخبة المثقفة
استضاف المهرجان بعد العروض اكاديميين واساتذة للحديث وطرح وجهات نظرهم بشأن موضوعة الافلام وفتح باب الحوار والنقاش مع الجمهور الذي تميز بحضوره من طلبة الجامعة وضيوف وشخصيات من خارج الجامعة.
التقينا الفنانة التشكيلية بشرى سميسم لتحدثنا عن انطباعها بعد مشاهدة الافلام فقالت: " فلم "يوم في سجن الكاظمية" فتح في داخلي اخاديد من الحزن، رغم ان معظم السجينات قد يستحقن السجن، ولكن هناك بعض الحالات عندما ذكرت بعض السجينات انه طلب منهن دفع رشوة لكي يرفع عنها الحكم بالسجن، فهذه امامها الف علامة استفهام!
وعبرت عن اهمية دورها وغيرها من النساء المثقفات في توعية المرأة بحقوقها، لانهن يجب ان يكن قدوة للنساء البسيطات اللاتي لا يستطعن التعبير عن مطاليبهن. وبالرغم من ذلك قالت: "لقد تغيرت قناعاتي، فانا احب ان اعيش الحياة بكل تفاصيلها ولكن ما اشاهده يوميا من انتهاك لحقوق المرأة بالذات يصيبني بالاحباط والحزن وبالذنب لاني اخرج يوميا وأعمل، بينما هناك اخريات يعيشن حياة تعيسة".
وزيرة انتهاك
حقوق المرأة
اما د. بشرى العبيدي، الاستاذة في كلية القانون بجامعة بغداد والناشطة النسوية فقالت: "نحن الأكاديميين حرصنا على احضار طلبتنا وبالتحديد طلبة المرحلة الاولى الى المهرجان لانهم يدرسون مادة حقوق الانسان، ليطلعوا على الافلام ويقارنون ما يشاهدون مع المادة النظرية التي يدرسونها في الجامعة". واضافت: "اتمنى ان تكثر مثل هذه المهرجات وان تهتم بها جامعة بغداد، وكل المؤسسات الاخرى تحتاج الى ان تسلط الضوء على مسألة حقوق الانسان لانها اساسية ومهمة جدا".
وأكدت على "الاهتمام بحقوق الانسان (الضحية) وحقوق الانسان (للمتهم) لان هذا المتهم لم يكن ليكون مجرما لولا اسباب جعلته كذلك وتحديدا المجتمع. لذا نحن بحاجة الى معالجات من كل النواحي: اجتماعية، تعليمية، اقتصادية، صحية، ثقافية، حقوقية. فضلا عن اعادة النظر بالقوانين، فلدينا المبادئ الدولية فيما يتعلق بحقوق المتهمين والمدانين والموقوفين والمسجونين، لماذا لا نستفيد منها، خاصة وان العراق من المؤسسين للامم المتحدة".
أما عن رأيها بتصريحات وزيرة المرأة، التي وصفتها بوزيرة انتهاك حقوق المرأة، والتي تصب في صلب خرق حقوق النساء، فقالت: "استغرب لهذه الوزيرة كيف قالت ابشع كلمتين، (انها لا تؤمن بالمساواة بين المرأة والرجل، وانها مع قوامة الرجل على المرأة، فضلا عن انها تؤيد تعدد الزوجات. وشيء اخر انها وعن طريق لجنة النهوض بالمرأة حددت ما لا يجب ان ترتديه النساء من الموظفات) في اي عصر نعيش، انا استغرب هل هي وزيرة مرأة أم هي وزيرة لانتهاك حقوق المرأة؟ لهذا فبعض من عضوات الحركة النسائية، وتحديدا الموظفات، في طريقهن الى رفع دعوى ضد وزيرة المرأة بسبب تصريحاتها التي تنتهك الدستور والتي تعد حنثاً باليمين، فلدينا المادة 14 التي تساوي بين العراقيين امام القانون والمادة 17 الخاصة بالحريات الشخصية، فكيف لوزيرة مرأة، اقسمت امام مجلس الوزراء عند استيزارها بان تصون الدستور وتحفظ مبادئه، تأتي في سياستها وفي تطبيقاتها تحنث بهذا اليمين وتخرق الدستور بهذا الكلام؟!". وأضافت: "عندما ادلت بتصريحاتها تلك لم تكن تدلي برأيها الشخصي. نحن نحترم الاراء الشخصية، لكنها صرحت وهي وزيرة، اي انها صرحت بسياسة الدولة، ونحن الان كنساء نجد ان سياسة الدولة، من خلال هذه التصريحات، تناقض حقوق المرأة وتنتهك حقوق المرأة. فهل ترضى حكومة العراق، ان يقال عن سياستها انها تنتهك حقوق المرأة؟ اذا كان يرتضي هذا الامر، فليستمر بقاء هذه الوزيرة في محلها، اما اذا كانت لا ترتضى بذلك فليتخذ الاجراءات التي يستحقها اي وزير يخالف الدستور ويحنث باليمين".
وللطلبة رأيهم
احمد البياتي، طالب في معهد الفنون الجميلة، وأحد المنظمين للمهرجان في الجامعة قال: "لا توجد حقوق انسان في العراق، خاصة المرأة والطفل، والمهرجان والافلام التي تعرض فيه تؤكد تلك الحقوق. اتمنى ان يكون المهرجان قد ساهم في رفع مستوى الوعي الذي نحن بحاجة اليه". وأضاف: "الحضور مشجع لزيادة عملنا في نشر الدعوة وايصال فكرة وأهمية تطبيق حقوق الانسان في العراق".
اما زميله مصطفى علاء، احد طلبة معهد الفنون الجميلة الحاضرين للمهرجان فقال: "حماية حقوق الانسان في العراق.
يبقى لدينا سؤال ملح: ماذا لو حضر هذه العروض مسؤولون في الدولة، ليقتربوا من حياة الناس البسطاء ويشعروا باحتياجاتهم، التي هي حق من حقوقهم الكثيرة في الحياة والعيش الكريم؟

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 28-02-2012     عدد القراء :  2093       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced