جرائم كبرى وعقوبات مخففة
بقلم : نهلة ناصر
العودة الى صفحة المقالات

انتفض البرلمان التركي غاضبا وقرر ايقاف عرض المسلسل التركي "فاطمة" بعد ان عرض مشاهد اغتصاب بطلة المسلسل، بحجة انه "مسيء الى المجتمع التركي".
وليس واضحاً ما الذي جعل هذا البرلمان يتخذ القرار: هل لانه يفضح دور الرجل بشكل عام في انتهاك حقوق المرأة؟ ام لانه يسلط الضوء على تجاوزات الرجل على حقوق المرأة في بلد من المفترض انه بلد علماني يحترم المرأة ويضمن لها حقوقها؟
ولكي لا اظلم البرلمان التركي اكملت قراءة الخبر فتبينت لي الحقيقة واضحة، فهذا البرلمان لا يريد ان يعتقد العالم بان المشرع في تركيا يسمح للمغتصب بالإفلات من العقاب بمجرد الزواج من ضحيته!
وعندها كان لا بد لي من البحث لمعرفة عقوبة المغتصب في البلدان الاخرى، سواء كانت عربية أم اجنبية، واليكم ما وجدته:

في العراق ورغم التشديد الكبير الذي تخضع له جرائم الاغتصاب في قانون الجنايات العراقي والتي غالباً ما يكون عقابها حكم الاعدام، الا ان الكثير من العائلات ترفض اللجوء الى القضاء مفضلة الاتفاق العشائري الذي يفرض على المغتصبين الزواج من ضحاياهم، أو اعلان تبرؤ العشيرة منهم ومن عائلاتهم امام المجتمع والقانون في حال الرفض. وغالباً ما تدفع تلك التهديدات المغتصبين الى الامتثال الى حكم العائلة والعشيرة لادراكهم ان رفض التنفيذ قد يدفع العائلات الى اللجوء للقانون واستصدار حكم الاعدام بحقهم.
وفي عهد برايمر جرى تعديل هذا القانون بالشكل التالي: المادة 3:
1- تعدل العقوبات المفروضة على مرتكبي جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي المنصوص عليها في المادة 393 من قانون العقوبات بغية فرض العقوبة القصوى بالسجن مدى الحياة على المدانين بارتكاب تلك الجرائم. لا يطبق التقييد على فرض العقوبة القصوى المنصوص عليها في المادة 87 من قانون العقوبات على الجرائم المحددة في المادة رقم 393. ويعني الحكم بالسجن مدى الحياة، لاغراض هذا التعديل, بقاء الشخص المعني في السجن طوال سنوات حياته الطبيعية التي تنتهي بوفاته.
2-                  تعدل العقوبات المنصوص عليها في المادة 396 من قانون العقوبات والمتعلقة بالجرائم المنافية للاخلاق، وتصبح العقوبة القصوى المفروضة على المدانين بارتكاب الجرائم المنافية للاخلاق السجن لمدة خمس عشرة سنة.
اما في بولندا فقد دخل حيز التنفيذ في هذا البلد قانون اخصاء مرتكبي الجرائم الجنسية وتحديدا الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الاطفال، وكان البرلمان البولندي قد صادق على هذا القانون في ايلول الماضي. ووفق القانون الجديد، يجبر السجناء عند انتهاء عقوبتهم وقبل فترة من خروجهم من السجن على تناول علاج يخفف الى حد كبير جدا نشاطهم الجنسي، ولكن القانون يحتم على المحاكم مراجعة طبيب نفسي في ما يتعلق بكل حالة. وباقرار وتنفيذ هذا القانون يقول السياسيون ورجال القضاء في بولندا انه اصبح لدى بلادهم اقسى عقوبات تنزل بمرتكبي الجرائم ضد الاطفال في اوروبا.
وفي مصر ينص قانون العقوبات على أن "عقوبة جريمة اغتصاب انثى بدون رضاها جريمة قد تكون لها ظروفها المشددة التى توجب ايقاع اقصى عقوبة وهى عقوبة الأشغال المؤبدة ومن هذه الظروف المشددة للقضاء بالأشغال الشاقة المؤبدة حسبما اوردتها المادة 267 عقوبات". وقد اثار اقتراح تنفيذ عقوبة الاعدام علنا بالمتهمين بقضايا الاغتصاب في مصر جدلا فقيها وقانونيا.
فيما قررت وزارة العدل الأمريكية مطلع هذا العام تعديل المدلول القانوني لجرم الاغتصاب، بعد عقود من الجمود، بحيث يشمل اعتداءات متعددة الأشكال على النساء، وكـــذلك توسيع دائرة المستفيــــدين منه، بحــــيث يطــال الرجال الذين يتعرضون لانتهاكات جنسية.
في حين أن المشرع اليمني سلك مسلكاً صائباً فيما يتعلق بعدم إعفاء الجاني من العقوبة في حالة زواجه من المجني عليها، وهذا خلافاً لما ذهبت إليه الكثير من التشريعات العربية: المصري والاردني والسوري واللبناني، والتي تنص قوانينها الجزائية على وقف ملاحقة الجاني المرتكب لجريمة الاغتصاب أو تعليق العقوبة الصادرة ضده إذا تزوج من الفتاة أو المرأة التي أغتصبها، على أن تعطى له مهلة زمنية تصل إلى خمس سنوات ابتداءً من لحظة زواجه بالمجني عليها، وذلك كشرط للتأكد من حسن نيته وتوبته وجديته في تأسيس عائلة، وليس للتملص من المسؤولية الجنائية والهروب من العقوبة الشديدة التي تنتظره. فإذا انتهت العلاقة الزوجية قبل انتهاء تلك المدة نتيجة الطلاق دون سبب مشروع من قبله، أو في حالة الطلاق المحكوم به لصالح المجني عليها يتم ملاحقته جنائياً مرة أخرى وتنفذ العقوبة الصادرة ضده.
وإذا كانت هذه القوانين تهدف أساساً مساعدة الضحية، المجني عليها التي قبلت ذلك كرهاً للتخلص من عقدة الاغتصاب وآثاره والتمتع بحياة زوجية بعيدة عن التهميش الاجتماعي لها، إلاَّ أنها في الواقع تساعد الجاني في الإفلات من العقوبة، حيث تؤكد التجربة في الدول سابقة الذكر أن حالات عديدة من هذا النوع من الزواج، انتهت بالطلاق قبل انتهاء الفترة المحدَّدة، وأن الكثير من الضحايا عشن مع أزواجهن المغتصبين لهن حياة سيئة فيها إكراه وإذلال وتعذيب لهن. بل ووصل الامر الى الانتحار، حيث أعلنت منظمة غير حكومية مغربية منتصف الشهر الماضي ان فتاة مغربية في السادسة عشرة من عمرها انتحرت بعدما اجبرت على الزواج من رجل اغتصبها لينجو من السجن بفضل تفسير لقانون العقوبات في المغرب.
مما ذكر يتضح تباين القوانين من بلد الى آخر في الوقت الذي يجدر ان توحد العقوبات بحق المغتصب لان جرمه يصب في خانة العنف ضد المرأة الذي اكدت عليه الاتفاقات والمعاهدات الدولية. ولا بد للدول الاعضاء التي وقعت على الاتفاقيات ان تلتزم بتلك القوانين لكي يسود السلام في العالم.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 02-04-2012     عدد القراء :  2200       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced