بايدن يتذكر "الحرب المنسية" !
بقلم : رضا الظاهر
العودة الى صفحة المقالات

بينما يقر المرء باستحقاقات الاحتلال والاتفاقية الأمنية كواقع حال لا يمكن تجاوزه في الظروف الراهنة، يتعين أن لا يغيب عن باله التحول الدراماتيكي في السياسة الأميركية بعد مجيء أوباما. وهو تحول له تأثيراته وانعكاساته الحاسمة على الوضع العراقي وما يحيط به من عوامل إقليمية فاعلة.
أما الطور الذي نمر به حالياً فهو طور انتقالي تتهيأ فيه واشنطن لخفض وجودها العسكري المباشر. وفي المقابل تعزز نفوذها السياسي والاقتصادي عبر الوجه الآخر لاتفاقية الاطار الستراتيجي التي تنظم العلاقة بين البلدين على المدى البعيد في كل الجوانب.
ولا تساورنا أوهام بأن الأميركان لن يسحبوا قواتهم دون ثمن في المقابل، أو الاحتفاظ بنفوذ مهيمن في جوانب أساسية من الوضع العراقي.
وفي هذا السياق تكتسب الزيارة الأخيرة لجوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، أهمية خاصة ارتباطاً بالتوجه الى تنفيذ الاتفاق الأمني. فهو مكلف بمهمة محددة على صعيد الملف العراقي، تتركز في تهيئة المستلزمات السياسية والأمنية لاستكمال الانسحاب وتنفيذ اتفاق الاطار الستراتيجي. وفي هذه المسألة تدخل قضايا عدة بينها المصالحة السياسية من المنظور الأميركي، والتدخل لحل الأزمات العالقة بين الأطراف السياسية العراقية. ولا يقل البعد الاقتصادي أهمية، وبشكل خاص قضية ضمان الحصول على فرص تفضيلية في الاستثمار في القطاع النفطي، إذ دعا بايدن الى وضع شروط أكثر سخاء لجذب المستثمرين الى هذا القطاع.
ومما له دلالة أن بايدن، الذي كان قد حذر حكام بلادنا في زيارته السابقة من أن واشنطن ستنأى بنفسها عن العراق في حال تزايد أعمال العنف فيه، أنه قال، عند لقائه برئيس الوزراء في اليوم الثاني من زيارته، إن "الطريق مايزال طويلاً من أجل تحقيق مزيد من النجاحات في العراق". وكان قد صرح قبل ذلك، وعند لقائه الجنرال أوديرنو والسفير هيل، بأن هدف زيارته هو "مساعدة" العراقيين في حل قضايا السياسة الداخلية العالقة في ما بينهم "من أجل عراق مستقل"، عندما يتم تنفيذ الاتفاق الأمني مع العراق بالكامل.
ومما يلفت الأنظار أن "الواشنطن بوست" تحدثت، في عددها الصادر الأربعاء الماضي، عن "دخول العراق فترة حاسمة"، مركزة على تحذير السناتور جون كيري من مغبة الاستمرار في التعامل مع الحرب في العراق على أنها "حرب منسية".
أفبعد كل الضحايا البشر، وإهدار عشرات بل ومئات المليارات من الدولارات .. بعد كل الخراب الذي بدأه مهندس المقابر الجماعية وجاء الاحتلال يستكمله حتى يكون ما لا نظير له .. بعد حرب "التحرير" التي اختارها العم سام وسيلة وحيدة لاسقاط الدكتاتورية، وانفراده بالقرارات التي تجاهلت القوى الوطنية ودورها .. بعد صياغة واشنطن منهجية المحاصصات الطائفية والإثنية .. بعد كل ما حصل من عواقب مأساوية ومعاناة مريرة على مختلف الصعد جراء الحرب والاحتلال .. أفبعد كل هذا وسواه تتحول الحرب، التي أريد لها أن تخلق دولة نموذجاً لشرق أوسط جديد، الى "حرب منسية" !؟ هل جاء المستر بايدن في "سياحة" الى بلاد ما بين النهرين ليتذكر "الحرب المنسية" و"يساعد" أهل موطن النوائب على الخروج من محنتهم !؟
وعلى أية حال فان المرحلة المقبلة حتى نهاية عام 2011 ستكون حاسمة في صياغة ملامح الدولة العراقية الجديدة، هل ستكون ديمقراطية حقاً أم تابعة ؟
هذه المسألة تتشابك، على نحو وثيق، مع الصراع المحتدم على السلطة والنفوذ بين الأطراف السياسية العراقية. ومن هنا استقواء الكثير من هذه الأطراف، مرة أخرى، كما كان الحال قبل الحرب والاحتلال، بالعامل الخارجي، وبالأساس العامل الأميركي، وهو استقواء ساهم، في خاتمة المطاف، بإدامة حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تخدم، بدورها، مصالح أطراف داخلية وإقليمية وخارجية.
ومن نافل القول إن الضحية الأساسية هم الملايين من بنات وأبناء الشعب العراقي المغيّبين، المغلوبين على أمرهم، والمصادرة حقوقهم، والذين يتعاظم إحباطهم ويأسهم من النخب الحاكمة، وهم يشهدون صراعها وتهافتها على كراسي الحكم ومقاعد البرلمان، بينما تشتد معاناة الملايين، ويستمر نزيف الدماء جراء تصاعد الأعمال الارهابية، ناهيكم عن المعضلات الأخرى المستعصية.
* * *
أجواء الاحباط واليأس ستعبر عن نفسها، من بين مظاهر أخرى، بالعزوف عن الانتخابات.
وفي خضم الصراع المحتدم تشكل القوى الديمقراطية الحقيقية البديل الوطني الوحيد القادر على انتشال البلاد من أزمتها، وهو ما يضع مهمات جسام على عاتق هذه القوى. وعلى الرغم من قدراتها الضعيفة والمحدودة، لأسباب معروفة، ذاتية وموضوعية، فانها تمتلك فرصاً هائلة لاستثمار السخط وتطلع الملايين الى الخلاص من الأزمات إذا ما أُحسِن اختيار واستثمار هذه الفرص بالاستناد الى إرادة وطنية مستقلة، وتعبئة شعبية على أساس مشروع وطني يتخطى الانقسامات الدينية والطائفية والقومية.
بعيداً عن أية أوهام أو تفكير رغائبي، هذا هو السبيل الوحيد لإخراج البلاد من أزمتها. ذلك أن البديل الآخر يعني دفع البلاد، مجدداً،الى أتون الفتنة الطائفية والقومية، والى عواقب ربما تفوق ما حل بالشعب من نوائب حتى الآن !

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 22-09-2009     عدد القراء :  2385       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced