تأثيرات الماضي.. مقاربة سريعة
بقلم : عبد المنعم الاعسم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا ينبغي ان نقلل من شأن وتأثير العقود الاربعة لنظام حكم الحزب (الرجل. اللون) الواحد السابق في سلوك وثقافات وردود افعال اجيال عراقية عاشت محشورة في اقنية وثقافات وهواء وعُلبة ذلك النظام، ولم تستطع الخروج من ضغوطه، والادق، ان الظروف لم تساعد على ذلك.

هذا ليس تجنيا او تجاوزا على كرامات تلك الاجيال، ولا إغفالا لتلك المقاومات النبيلة والاسطورية التي افزعت الطاغية، ولا هي محاولة لتجهيز المشاعر ضد ملايين من الموظفين واعضاء الحزب المكرهين على ان يلوذوا بحيطان الحزب الحاكم من بطش مفارز كانت تنفذ احكام الاعدام من غير محاكمة.

كما ان الدعوة لاستبصار موبقات ذلك النظام الثقيلة لا ينبغي ان تنزه عهود ما بعد سقوطه من موبقات ليست بقليلة، والحال، فان دولا كثيرة خرجت من مراحل حكم مستبد وضعت قضية التاثيرات على الاجيال تحت نظر العلماء والباحثين والمحللين في مسعى الى بناء اجيال معافاة من رجع الماضي المؤلم، وانقاذ اولئك الذين فرضت عليهم حياة الاذلال من هواجس وكوابيس تلك الايام.

على ان مرارات المخلوق الذي فرض عليه العيش في حدود قسرية، مغلوبا على امره، كانت ولا تزال في صلب اهتمام حلقات البحث ومدارس علم النفس، وكان العالم البايولوجي الروسي ايفان بافلوف قد صاغ موضوعة "المنعكس الشرطي" من حالات يوضع فيها الانسان (وأي مخلوق) في سلوك قهري يملى عليه من الخارج، فيبقى تحت ميكانيزم الشعور بالظلم حتى مع مرور الوقت وانحسار ذلك التاثير، بل ان ابو حامد الغزالي صاحب (تهافت الفلاسفة) قد لاحظ في إحد بحوثه طغيان (الروح الخيالي) لدى الانسان مستشهدا بالكلب الذي يهرب بعيدا كلما رأى العصا إذا كان يضرب بها في السابق باستمرار، ما يبقي هاجس الالم قائما في اللاشعور حتى مع ابتعاد خطر العقاب.

وفي انتباهة للكاتب الداغستاني الشهير رسول حمزاتوف، يقول، ان أبناء قريته في اقاصي داغستان هجروا نبعا من الماء كان قد شهد مذبحة لعشرين من نسائهم، وكان الجيل الثالث من ابنائهم يرتعبون ذعرا كلما مروا بالنبع، وكثير منهم يضطرون للمشي يومين بدل ان يسلكوا الطريق عبر النبع مخافة ان يتذكروا بشاعة تلك المجزرة.

قبل سنوات قليلة قال مراسل اجنبي كان قد التقي العشرات من العراقيين وتحدث اليهم عن مستقبل بلادهم، إن الناس هناك لم يخرجوا بعد من الكوابيس، وهم يتصرفون كما لو انهم في زنزانات.. وكدت أعد هذه الصورة فرطا من المبالغة، لولا ان بافلوف والغزالي وحمزاتوف سبقوا المراسل، الى تأويل ما تتركه القسوة في الاعماق، من اضطراب في التعامل مع الحياة الجديدة.

“مالي أرى علماءكم يذهبون، وجُهّالكم لا يتعلمون"

ابو الدرداء

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 28-05-2014     عدد القراء :  3930       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced