نشر الأستاذ حازم صاغية مقالاً في جريدة "الحياة" الغراء في تاريخ 17 آب 2014 تحت عنوان "وداعاً (مؤلماً) يا عراق" (رابط المقال مرفق).
لقد كتبت تعليقاً على المقال وحاولت نشره في حقل التعليقات، إلا أن حيز التعليق لم يسع لكامل التعليق. ولأن التعليق لا يحتمل الاختصار أكثر مما هو عليه، فآثرت نشره مقالاً مستقلا .
مع الأسف الشديد يمكن القول أن مقال صاغية غير موفق في تحليله ويدعو إلى اليأس والقنوط في استنتاجه، خلافاً لما عودنا عليه. إنه غبر موفق لأن الكاتب يحسب أن تغيير المالكي حصل بعوامل خارجية فقط، حيث يذكر ما يلي"لقد أزيح المالكي واختير العبادي في واشنطن وطهران والرياض وعواصم أخرى، وذلك لأن بغداد لا تملك من القوة والعزم ما يتيح لها أن تزيح أحداً أو أن تفرض أحداً سواه. هكذا حل التدويل الصارخ والكامل لمسألة يُفترض أصلاً أن تكون عراقية".
بلا ريب، لا يمكن أن نتجاهل العوامل الخارجية. فقد كانت واضحة للعيان، وخاصة بالنسبة للعامل الأمريكي. ولكن الكاتب يتجاهل تماماً العوامل الداخلية والتي كانت في أساس هذا التغيير، وأهمها رفض أحزاب وقوى سياسية واسعة للمالكي وسياساته ومحاولتها تغييره منذ مدة طويلة، ثم تآزرت مع تلك القوى المرجعية الدينية في النجف بشكل غير مباشر في البدء ومباشر وقوي أخيراً بعد كارثة وزلزال 10 حزيران، الذي أدى إلى استحواذ "داعش" على مدينة الموصل ومدن وأراضي عراقية أخرى في عدد من المحافظات، وأدى كل ذلك إلى تخلي قيادة حزب الدعوة بالذات عن دعم تشبث المالكي بالسلطة.
إن كاتب المقال يتجاهل هذه الحقائق، ويثير اليأس والقنوط عندما ينهي مقاله بما يلي" فالعراق، في آخر المطاف، استنزف ذاته ولم يبق منه، لا في بغداد ولا في الأطراف، ما يعول عليه أو ما ينبعث منه طائر فينيق!"
إن استنتاج صاغية اليائس هذا نتيجة طبيعية لتحليله المذكور، فالقوى الداخلية التي كانت تروم تغيير المالكي كانت متبرمة من سياساته وسلوكه الخاطئ في إدارة الحكم، وليس من شخص المالكي وحسب. وقد اقترن رفض تلك السياسات بتحركات شعبية سياسية ومطلبية، لا يمكن الاستهانة بتأثيرها، في مختلف مناطق العراق وطيلة السنوات الأخيرة من حكم المالكي. وبالتالي فإن التغيير الذي حصل سوف لا يمكن أن يقتصر على تغيير الأشخاص، بل وسيشمل السياسات بهذا القدر أو ذاك. وإن كفاح الجماهير الشعبية والقوى الحريصة على إقامة نظام مدني ديمقراطي اتحادي في العراقي وضغطها على السلطات بمختلف الوسائل السلمية وعلى مختلف الأصعدة سيلعب دوراً مهماً في مدى عمق وشمولية التغيير.