في لغة السجال والنقد
بقلم : عبد المنعم الاعسم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا احب عبارات الوعظ لكثرة ما ابتذلت على يد الواعظين، ولا اللغة التعليمية فرط برودتها وتعاليها، ولا إزجاء النصائح المشكوك في ان يقبلها المنتصحون، لكني أؤمن، الآن، بان السجالات الجارية حول خيارات الخروج من الوضع العراقي المأزوم وتأشير المسؤول عن المآل الذي تتخبط به بلادنا، والموقف من الاحداث ومضاعفاتها، وصلت الى حالة من الاسفاف، والتشرذم، والنرجسية، وانعدام الذمة، وغياب حكمة الحوار والتروي، والانحراف الى اغواء تسقيط الآخر وتحشيد السيوف عليه، بحيث تحتاج الى الوعظ والتعليم الابوي والنصيحة والتحذير والتدبر ولفت النظر وكل ما يلزم لوقف هذا الهوس الهابط الى الهوة، ليس مني، أو من جهتي، على اية حال، فسأكتفي بتوصيف هذا المشهد الذي لا يختلف احدٌ على انحطاطه، وتبشيع ادواته، التي هي بشعة في الاصل.

ساعترف ان شريحة من المتعلمين، ونخبة من الشبيبة المهمشة الساخطة، وبعض الاهواء المحلية ترحب بمثل هذه الكتابات والمعارك واعمدة الدخان المرتفعة من حرائق التشهير والتعدي على المقامات والاعراض والسِيَر، بل ان الكثيرين يصفقون لابطال الحملة ويرسلون لهم برقيات التاييد “سيروا ونحن من ورائكم” ويتفاعلون مع كومة الإساءات ويحفظون الارقام والنصوص والاساءات عن ظهر قلب، وكل ذلك يدخل في ملازم لحظة الالتباس التي تعصف في البيئة السياسية والثقافية، وتجرها الى المستنقع.

صديق (طبيب) صارحني القول بانه كفّ ان يقرأ لي، او يتابعني على شاشات التلفزيون. قال انا زعلان عليك. وقال: اغلقُ التلفزيون حيثما تكون انت في الحوار. وقال: لماذا يا أخي لا ترفع صوتك او تضرب على الطاولة أو تشتم هؤلاء الـ...؟ الى متى تحللون بالعقل.. اي عقل ينفع معهم؟ قلت: اذا كان الناس يفقدون عقولهم، ويهينونها، فهل يصح ان نجاريهم بان نلقي بعقولنا الى بالوعات الصرف الصحي؟ قلت: بربك، ماذا يعني بالنسبة لشعب ان يفقد اصحاب العقول من ابنائه عقولهم؟.

ولعمري، يقول الجاحظ “إنّ العيون لتخطئ، وإنّ الحواس لتكذب، وما الحكم القاطع إلا للذهن، وما الاستبانة الصحيحة إلا للعقل؛ إذ كان زماماً على الأعضاء وعياراً على الحواس” ويزيد “وإنما سُمّي العقل عقلاً وحجراً لأنه يزمّ اللسان ويخطمه ويشكله ويربثه ويقيد الفضل ويعقله عن أن يمضي فرطاً في سبيل الجهل والخطأ والمضرة” وفي سجالاته مع الاخرين يصل الجاحظ الى الخلاصة الثمينة التي عدت في مصاف الخلاصات الراسخة في تجارب بناء المجتمعات الحية بالقول "أنّ قيام السلطة لتنظيم المجتمع البشري أمر ضروري، وأنّ العقل مصدر هذه الضرورة".

اقول، ان اللجوء الى المنطق العقلي ضروري في الظروف الاعتيادية، وهو اكثر ضرورة عندما تتدحرج العقول عن مكانها، وتحل محلها نشارة الخشب.

"البعض نحبهم لأننا لا نجد سواهم".

جبران

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 01-10-2014     عدد القراء :  2211       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced