الفرق بين محاربة الدين ومحاربة الإسلام السياسي !!!
بقلم : د. عامر صالح
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

كلما يشتد خلط الدين بالسياسة تزداد الحياة بؤسا وحرمان وإرهابا, وبنفس الوقت تزداد الهجمة على الدين في فهم منفعل بأنه هو السبب الأول والأخير فيما يحصل على الأرض من جور وفقر وهتك للإعراض, وكأن ذلك يكمن في مهمة الدين الرئيسية, وما علينا إلا الخلاص منه وإعلان براءتنا العلنية منه في محاولة غير موفقة لإثبات شجاعتنا في ميادين المعارك المستعرة والمتخذة من الدين غطاء للتوغل في ظلم الإنسان واضطهاده عبر قراءة لنصوصه في زمن غير زمن ما أنزلت به !!!.

ومهما قيل عن الدين ويقال استشهادا بنصوصه المجحفة منها والسارة للبشر فهو قضية إنسانية يعبر بطريقة ما عن البشر ويتوجه إليهم ويشكل أيضا احد مصادر منظومتهم الأخلاقية والقيمية في ظروف تاريخية استدعت ذلك, كان قوامها الأساسي الجهل بحقائق التطور الاجتماعي والاقتصادي والطبيعي, مما جعل للدين هيمنة شبه كاملة على حياة الناس العامة والشخصية, بل أن الكثير من المحرمات والنواهي الأصلية التي تعج بها الأديان كانت موجودة أصلا, وما الدين إلا كان مصادقا عليها ليعطيها قوة ألاهية في التأثير والاستمرار والبقاء في عقول الناس والأجيال المتعاقبة في ظروف الحاجة إليها آنذاك. وحتى فكرة العبودية للآلهة جاءت لتخلص فكرة العبودية من شخص لشخص آخر, وجعلت حتى من سيد العبيد نفسه عبدا لقوة عليا أكثر تأثيرا نفسيا منه على المجموع !!!.

واليوم إذ تتطور الحياة الإنسانية على أسس من معطيات مختلف العلوم الإنسانية والطبيعية وتزداد مقدرة الإنسان الفعلية في التحكم في الطبيعة والمجتمع, فأنها تقع في صراع مستمر مع الخطاب الديني الذي أريد له أن يكون صالحا في كل زمان ومكان وبين الحياة المتغيرة بدون انقطاع التي تستدعي الاعتماد مزيدا على الذكاء الإنساني ومقدرته على إيجاد مختلف الحلول للمشكلات الإنسانية انسجاما مع ظروف العصر ومكانة الإنسان الريادية في التقدم. هذا لا يعني نهاية للدين, فالدين باقي في أكثر المجتمعات تطورا وله فسحته في حياة الناس التي لا تتعارض مع سنة وقوانين التطور والارتقاء, فالدين باقي هنا كحاجة شخصية وكما هي نشأته الأولى !!!.  

المشكلة في ظروف بلداننا وفي ظل غياب الديمقراطيات السياسية وانتفاء ظروف العيش الكريم واحترام إرادة الإنسان أن الدين يجد على الدوام من يفرض وصايته على أتباعه فيشذ في التفسير ويبتعد في التأويل ويجبر الناس على التمسك الأعمى برموز الدين تصل إلى حدود سوق الناس كالبهائم إلى مختلف الاتجاهات وإغراق الناس في الطقوس الدينية لحد تعطيل وشل الحياة العامة, وإيجاد مختلف التفسيرات المقدسة لتبرير سياسة ظلم الناس وسبيهم وانتهاك أموالهم وأعراضهم, بل وقطع رؤؤسهم, وتهجيرهم من ديارهم الأصلية !!!.  

وبغض النظر عن ما يقع على الإنسان من ظلم وما يستحق من إدانة, فأن القضية الكبرى والمفصلية في حياة تطور المجتمعات هو فصل الدين عن الدولة وفصل الدين عن السياسة هو مطلب أنساني وتاريخي تتطلبه المجتمعات الإنسانية اليوم, وهو مطلب اقتصادي واجتماعي تشترطه الحياة الديمقراطية الحقيقية, كما هو مطلب سياسي يفوت الفرصة على المنتفعين من رموز الإسلام السياسي وقيادته المحافظة لعرقلة التطور من خلال إقحام الدين بالسياسة, والذي يندفع ثمنه غاليا الآن في تجارب العراق وسوريا وليبيا واليمن ومصر والسعودية وإيران وغيرها من البلدان التي تسعى إلى الحكم أو تحكم باسم الله !!!.

ومن هنا فإذا كان الدين على المستوى الفردي هو ملجأ آمن للإنسان الضعيف من جميع ما يحيط به من مخاوف وتهديدات حياتية, فأنه بيد الدولة سلاح لتكريس حالة الضعف لدى الإنسان والوقوف ضد نهضته. ومن هنا فأن تحرير الدين من الدولة ومن السياسة فيه مصلحة عليا للدين والدولة والسياسة !!!.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 04-11-2014     عدد القراء :  2358       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced