تعتبر الأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع وأهم جماعاته الأولية، وتتكون الاسرة عادة من الأب والأم وواحد أو أكثر من الأطفال، يتبادلون الحب ويتقاسمون المسؤولية، اذ يقوم الوالدان بتربية الأطفال وتوجهيهم وفق العادات الاجتماعية الايجابية، ويرتبط أفرادها بعلاقة الشعور الواحد المبني على التعاون والمساعدة المتبادلة، ويسهم أفرادها بوعي في بنائها وتطويرها وإخراجها إلى المجتمع.
وتُعدّ الأسرةُ أوَّل أدواتِ الوصول إلى بناءِ المُجَتمع ثمَّ تطوُّرهِ وترابطه، فهي الحَجرُ الأساس في تكوين المجتمعات ونشأتها، بصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد المجتمع بالكامل، فالتفكك الأسري هو بداية خراب الأسرة وبالتالي خراب للمجتمع.
وقد يكون التفكك الاسري بين عدة اسر مترابطة بعلاقات اجتماعية مع بعضها او يكون أحيانا داخل الأسرة الصغيرة بين الزوج وزوجته وأبنائه فكل فرد له عالمه الخاص، مثلا الأب لايعرف ماذا يفعل أبناؤه في حياتهم، والابن مشغول وليس له علاقة بالبيت والأم تجدها مشغولة بشؤون البيت تلبي احتياجات اسرتها من طعام وملابس نظيفة دون سواهما من المشاكل الاخرى.
ونجد ان ظاهرة التفكك الأسري قد انتشرت في المجتمع العراقي حتى وصلت إلى درجة خطيرة مما ترتب عليها نتائج وانعكاسات سلبية وخيمة على الأسرة والمجتمع من جميع النواحي الاجتماعية والأمنية والنفسية. اما اسباب التفكك الأسري فهي عديدة وأهمها:
1- غياب الجهد الحكومي في توفير حق الأسرة في الصحة، وحق التعلم، وحق السكن الأمن.
2- كثرة المشاكل بين الزوجين نتيجة العنف الأسري وآثاره.
3- الضغوط النفسية والعصبية فضلا عن الرغبة في إثبات الذات أدى ذلك إلى إهمال مسؤوليات الوالدين اتجاه أبنائهم أو العكس.
4- غياب القدوة واضطراب العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة وحتى بين الأصدقاء.
5- غياب الوازع الديني المعتدل.
6- إهمال التقاليد والأعراف والآداب الاجتماعية السليمة.
7- افتقاد العلاقات الأسرية للثقافة والوعي.
وبغية وقاية الاسرة العراقية من التفكك ولغرض علاجها من الامراض الاجتماعية كهذه، يتوجب من الدولة العمل على توفير الحقوق والرعاية الكاملة والاهتمام بكل مايتعلق بحماية الأسرة وتنميتها المجتمعية. كما من المفترض قيام العلاقة الزوجية على أساس التفاهم والشراكة الصحيحة والحوار والاحترام المتبادل والتعاون من أجل بناء أسرة متينة وقوية. والابتعاد عن المشاكل أو حلها بالحوار والتفاهم بعيداً عن العنف. ومن الضروري قيام الوالدين بواجب تربية الأبناء المشتركة وتنشئتهم تنشئة صحيحة والابتعاد عن النزاع بين الأبناء بأسلوب تربوي صحيح. ولاننسى دور وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة والمدارس بالإضافة إلى الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني والنوادي الثقافية والتربوية لغرض التوعية بأهمية الأسرة في المجتمع للحفاظ عليها من التفكك والضياع.
وهنا نأتي الى نتائج التفكك الأسري التي ظهرت وبشكل ملموس في واقعنا الحالي وهي:
• ارتفاع معدلات الزواج المؤقت ( المتعة ) بين الشباب.
• اضطراب البناء النفسي للشخصية.
• التمرد والاندفاع والتمركز حول الذات والتملك والأنانية.
• اختلال العلاقات الأسرية وافتقادها للحوار الدافئ العائلي.
• خلل في العاطفة وعدم النضج العاطفي.
• العدوانية والأعراض الهستيرية وحالات الانتحار.
• تعاطي المخدرات والمشاكل السلوكية والتشرد والضياع.
وختاما نقول: إن قوة المجتمع ونهضته من قوة الأسرة ومتانة العلاقة بين أفرادها. لأن التفكك الأسري يعطل الطاقات البشرية عن الإنتاج، ويدفعها إلى مجالات التخريب والتدمير ونشر الجريمة، وإشاعة الخوف بين الناس، وجعل العلاقات الاجتماعية بينهم ضعيفة، ولكي نعالج ظاهرة التفكك الأسري لابد من معالجة قضية اكبر وهي العنف الأسري والذي يشكل خطراً اكبر على الفرد ثم الأسرة فالمجتمع، وهذا يتطلب تدخل تشريعي رادع وتطبيق صارم للقوانين يضع حداً لكل شخص تكون ردة فعله عدوانية داخل الأسرة وخارجها، بالإضافة إلى توفير إجراءات الحماية والوقاية للمتضررين سواء من العنف الأسري أو التفكك الأسري، أيضا هناك حاجة إلى خطط تساهم في تخفيف الفقر عن الأسر المهمشة، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية للكثير من الفئات المهمشة، والمساهمة في تنمية وتطوير الأسر والأطفال وقدرات الشباب، كلها أمور من شأنها إن تنتشل الأسرة من الضياع والحفاظ على المجتمع من الدمار والخراب الذي يهدده.