استفسر أحد الرفاق عن مدى صحة معلومة تضمنها كتاب الدكتور سيف عدنان القيسي "قراءات في ذاكرة عزيز محمد"، ص 44، في حواره مع الرفيق الراحل عزيز محمد، سكرتير اللجنة المركزية الأسبق للحزب الشيوعي العراقي، والتي جاء فيها "حتى اضطررنا إلى تسليم اثنين من كوادرنا المعروفة وهما مهدي حميد وحمزة سلمان الجبوري لعبد الكريم قاسم تجنباً للاصطدام به".
وفِي إيضاح حول هذا الموضوع ذكرت ما يلي:
في أواخر عام 1961 أو في بداية عام 1962 حصل الحادث المذكور وكنت أنا خارج العراق، للدراسة الحزبية في بلغاريا مع مجموعة من الرفاق: عبد الرزاق الصافي وناصر عبود وآخرين.
ولكني اطلعت على الموضوع من خلال دراستي تاريخ الحزب.
في الفترة التاريخية المذكورة أعلاه اتخذ الزعيم عبد الكريم قاسم جملة من الإجراءات التي تخفف من الضغوط على الحزب والقوى التقدمية مقرونة بوعود لتحقيق المطالب الديمقراطية. قابلت قيادة الحزب تلك الإجراءات بحسن ظن وبتفاؤل مبالغ فيه وتم إخراج أعداد كبيرة من المناضلين المختفين إلى العلن من بينهم الرفيقان مهدي حميد وحمزة السلمان فتم اعتقالهما، ولم يكن من الصواب السماح لهذين الرفيقين بالخروج إلى العلن، لأنهما كانا مطلوبان من أجهزة الدولة.
هذا ما حصل
ومن المفيد إلقاء بعض الضوء على تلك الفترة التاريخية ولو بتركيز شديد. ففي الفترة المذكورة كان الرفيق الشهيد سلام عادل خارج الوطن بقرار حزبي، وكان على رأس الحزب الرفيق الراحل زكي خيري باعتباره نائب سكرتير الحزب. وبعد عودة الرفيق سلام عادل إلى الوطن انتقد موقف قيادة الحزب واللجنة المركزية وبعض إجراءاتهما، ومما جاء في رسالته المعنونة إلى أعضاء ومرشحي اللجنة المركزية ما يلي:
"توصلت سلم (سكرتارية اللجنة المركزية) في اجتماعها في 17 تموز 1962 إلى "أن تقديرات الحزب في أواخر السنة الماضية تجاه إجراءات التخفيف التي اتخذتها الحكومة، كانت تقديرات متفائلة أكثر مما ينبغي. إذ حمّلت هذه الإجراءات أكثر مما تستحق من مغزى واتخذ الحزب قرارات وتوجيهات كان بعضها خاطئاً استنادا إلى هذا التقدير الخاطئ، رغم أن الغرض الرئيس كان الاستفادة من تراجع السلطة الجزئي لمكافحة بعض مظاهر الانكماش والانعزال، رغم أن هذه الفترة تميزت من جهة أخرى بتنظيم حملات جماهيرية واسعة من أجل إعادة العمال المفصولين إلى أعمالهم ولوقف الاغتيالات في الموصل والحملات الانتخابية المهنية وخاصة لنقابة المعلمين، والحملة التثقيفية في منظمات الحزب ضد العزلة والانكماش، وإخراج أعداد كبيرة من المناضلين المختفين..الخ. وتنفيذا لقرار سلم وبتكليف منها أقدم التقرير التالي"1
ومما جاء في تقرير الرفيق سلام عادل ما يلي:
" ان اجتماع اللجنة المركزية الذي عقد آنئذ في أوائل كانون الأول والذي عقد دون تحضير مناسب، قد انطلق في تقدير تلك المظاهر الجديدة بروح حسن الظن بالسلطة، وقدّرها تقديراً متفائلاً، وحمّل تلك الإجراءات أكثر مما تستحق من تفسير بالنسبة لمدى جدية السلطة في إجراء تغييرات في سياستها لصالح الشعب ومطالبه الديمقراطية. وبالتالي تسلسلت مناقشات الاجتماع وقراراته ليس إلى حد إنهاء الفترة الاستثنائية وحسب بل كذلك للسير إلى مدى أبعد نحو الانتخابات واختيار المرشحين لها وكيفية إعداد المناهج الانتخابية..الخ". 2
وهناك إشارة بأن تقرير الرفيق سلام عادل أقر بالإجماع من قبل اللجنة المركزية. 3
_____________________________
المصادر :
1- ثمينة ناجي يوسف ونزار خالد، سلام عادل، سيرة مناضل الجزء الثاني ص 438.
2- نفس المصدر ص 439.
3- نفس المصدر ص 256.