الرأسمالية المعولمة وفاعلية اليسار الاشتراكي
بقلم : لطفي حاتم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

أفضى انهيار التشكيلة الاجتماعية الاشتراكية الى السيادة الدولية لنموذج التطور الرأسمالي وتبعاً لتلك السيادة عزف منظرو الرأسمالية وكتابها على ان ذلك التغيير أكد أهمية كثرة من الموضوعات الناظمة للعلاقات الدولية الجديدة منها خلود الرأسمالية وهيمنتها الكونية،

ومنها نهاية الصراعات الطبقية وانتصار الطبقة الرأسمالية، ومنها انتهاء النموذج السياسي للاشتراكية متناسين كثرة المصاعب التخريبية التي تحملها الرأسمالية (المنتصرة) وطورها المعولم الى الدول الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية.

تماشياً و (الانتصار المدوي) للرأسمالية نحاول متابعة تلك التبدلات ونتائجها الاجتماعية- السياسية وملامح افاقها المستقبلية متوقفين عند سمات العلاقات الدولية الجديدة محاولين حصرها بالرؤى الفكرية التالية --

1- تسيد وحدانية التطور الرأسمالي في العلاقات الدولية.

2 – ظهور التناقضات الوطنية – الدولية بين مستويات التطور الرأسمالي المتمثلة في الدول الرأسمالية المعولمة – الدول الرأسمالية القومية – والدول الرأسمالية الوطنية.

3 – زيادة التدخلات العسكرية - السياسية في شؤون الدول الوطنية وتجاوز السيادة الوطنية للدول المستقلة وما نتج عنها من اعتماد القوة المتعددة الأشكال في العلاقات الدولية.

4- ميول التبعية والتهميش والتي تنتهجها دول الرأسمالية المعولمة في علاقاتها الدولية مع مستويات الدول الرأسمالية الأخرى.

5– نشوء اصطفافات دولية جديدة بين دول الرأسمالية القومية والدول الوطنية المناهضة لسياسة الهيمنة والتهميش لدول الرأسمالية المعولمة.

6 – تسارع الاستقطاب بين مستويات دول التشكيلة الرأسمالية العالمية وما نتج عنه من تزايد افقار بعض الدول الوطنية من جهة وتكديس الثروات في بعض الدول المتطورة من جهة ثانية.

7- مساندة دول الرأسمالية المعولمة للطبقات الاجتماعية الفرعية - الفصائل الكمبورادورية – والشرائح المالية بهدف إعاقة نمو وتطور الدول الوطنية ونهب ثرواتها الوطنية.

8 – تطور النزاعات الاجتماعية - الدولية في مستويات التشكيلة الرأسمالية العالمية المطالبة بدولة العدالة الاجتماعية وتطوير أسواق العمل الاجتماعية على قاعدة تعزيز وكفالة الضمانات الاجتماعية.

ازاء تعدد التغيرات الاقتصادية - الاجتماعية بين مستويات دول التشكيلة الرأسمالية المعولمة تثار كثرة من الأسئلة الملحة منها -- ما هي آفاق تطور العلاقات الدولية.؟ ومنها ماهي أشكال النزاعات الاجتماعية الوطنية ومسار تطورها.؟ ومنها ما هي قدرة اليسار الاشتراكي على إحداث تغيرات سياسية – اجتماعية في الدول الوطنية.؟ وآخرها هل تستطيع قوى اليسار الاشتراكي قيادة الكفاح الوطني المناهض للتبعية والتهميش.

أسئلة كثيرة ورؤى فكرية مختلفة ، الأمر الذي يدعونا الى التوقف عند المحاور التالية--

أولاً – العلاقات الدولية ومناهضة التبعية والتهميش.

ثانياً – اليسار الاشتراكي وبناء دولة العدالة الاجتماعية.

ثالثاً- التحالفات الوطنية وأثرها على بناء سلطة الدولة الوطنية.

استناداً الى تلك العدة المنهجية ومحاورها المكثفة نحاول التقرب من مضامينها الأساسية.

أولاً – العلاقات الدولية ومناهضة التبعية والتهميش

تتسم الرأسمالية المعولمة بالكثير من السمات المناهضة لتطور البلدان الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية وذلك بسبب ما تحمله من ميول الهيمنة والتبعية التي تحاول فرضها في العلاقات الدولية.

-- ميول الهيمنة والتهميش التي تحملها دول الرأسمالية المعولمة تجبر الدول الرأسمالية الأخرى على بناء تحالفات دولية جديدة لغرض صيانة سيادتها الوطنية والتصدي لنهوج التبعية والالحاق.

-- مناهضة دول التشكيلة الرأسمالية العالمية لدول العولمة الرأسمالية يتجلى في التناقض الرئيسي العالمي بين صيانة السيادة الوطنية وبين التبعية والإلحاق الملازمة لسياسة دول الرأسمالية المعولمة.

-- التحالفات الدولية المناهضة للتبعية والالحاق تهدف الى مكافحة التخريب ومنع التدخلات العسكرية في النزاعات الوطنية.

-- تترابط ميول التبعية والتهميش الملازمة لنمو الرأسمالية المعولمة وتطوير نزعتها العسكرية الهادفة الى الهيمنة الدولية والتدخل في الشؤون الداخلية.

-- تأكيد دول التشكيلة الرأسمالية العالمية على التمسك بالقوانين الدولية والخضوع لمرجعيتها في العلاقات الدولية، بالضد من دول الرأسمالية المعولمة الهادفة الى سيادة الروح العسكرية التدخلية في العلاقات الدولية.

خلاصة القول إن التناقضات بين مستويات دول التشكيلة الرأسمالية العالمية وتطوراتها تشترط بناء تحالفات دولية مناهضة للتبعية والتهميش وما تحمله من مساواة وصيانة لمصالح الدول الوطنية.

إن تحالفات دول الرأسمالية المتطورة والدول الوطنية كفيلة بترسيخ القوانين الدولية على قاعدة المساواة وتطوير المصالح الوطنية المشتركة المناهضة للهيمنة والتهميش.

ثانياً - اليسار الديمقراطي وبناء دولة العدالة الاجتماعية.

يرتكز كفاح اليسار الاشتراكي الهادف الى بناء دولة العدالة الاجتماعية على مسارين أولهما إقامة سلطة وطنية - ديمقراطية منبثقة من الشرعية الوطنية للحكم. وثانيهما قدرة اليسار الاشتراكي على تنفيذ برنامجه الوطني -الديمقراطي المتضمن تشريع الضمانات الاجتماعية للطبقات المهمشة.

إن بناء دولة العدالة الاجتماعية لا يعني بناء الدولة الاشتراكية بل يعني تحقيق برنامج اليسار الاشتراكي-الديمقراطي المستند الى—

- بناء الدولة الوطنية على اساس الشرعية الديمقراطية المرتكزة على برامج وطنية – اجتماعية - سياسية لأحزاب التشكيلة الوطنية الاجتماعية.

- تطوير التعاون الطبقي بين الطبقات الاجتماعية المنتجة العامل على بناء شبكة الضمانات الاجتماعية وصيانة الحقوق الاجتماعية - الاقتصادية للطبقات المتحالفة.

-تطوير الاقتصاد الوطني مع الدول الأخرى على قاعدة صيانة ومساواة السيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون طبقات تشكيلتها الاجتماعية.

إن المهام الوطنية المتلازمة مع المهام الدولية المعتمدة على صيانة السيادة الوطنية تدفع قوى اليسار الاشتراكي الى تصدر الكفاح الوطني وتجميع القوى والطبقات الاجتماعية في جبهات وطنية مناهضة للانفراد بالسلطة السياسية والهيمنة الخارجية.

ثالثاً- التحالفات الوطنية وبناء السلطة السياسية.

التغيرات في برامج الأحزاب الاشتراكية التي تشترطها العولمة الرأسمالية تتطلب التخلي عن الانفراد بقيادة السلطة السياسية واستناداً الى هذه الموضوعة فإن اليسار الاشتراكي يسعى في هذه المرحلة التاريخية إنجاز المهام التاريخية التالية –

-- تزعم القوى والطبقات الاجتماعية الهادفة الى بناء وترسيخ دولة العدالة الاجتماعية المرتكزة على موازنة الحقوق الاجتماعية والسياسية للطبقات الاجتماعية.

--تشكيل تحالفات وطنية بين الطبقات الاجتماعية– الطبقة العاملة – البرجوازية الوطنية - الطبقة الوسطى والشرائح الاجتماعية الفقيرة.

- إبعاد برجوازية الوكالة الأجنبية المتمثلة بـ-البرجوازية الكمبورادورية - برجوازية المصارف الطفيليّة- عن المساهمة والتأثير على الحياة السياسية.

-- تفضي الشراكة الدولية في مكافحة الهيمنة الى بناء تحالفات دولية ترتكز على المساواة في السيادة الوطنية وتبادل المنافع الاقتصادية المشتركة.

إن ميول التبعية التهميش الفاعلة في العلاقات الدولية وانهيار نمط التنمية الاقتصادي الاشتراكي فتح الطريق أمام قوى اليسار الاشتراكي لتشكيل قاطرة وطنية – ديمقراطية قادرة على جر القوى الطبقات الاجتماعية الى الكفاح من أجل بناء دولة العدالة الاجتماعية ومكافحة القوى والطبقات المتحالفة مع الرأسمالية المعولمة.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 14-07-2020     عدد القراء :  1506       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced