طالب عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، علي رضا ور ناصري، السلطات العراقية بنقل ملكية بعض الآبار النفطية العراقية لطهران، لتكون بمثابة غرامة تدفع لقاء خسائر الحرب الإيرانية العراقية. ونقل موقع "انتخاب" عن ور ناصري قوله إنه "على العراق دفع غرامة الحرب بمقدار 1100 مليار دولار"، مضيفا أن "إيران لم تطالب بالمبلغ في السابق لتثبيت علاقات حسن الجوار بعد سقوط صدام". (تصريحات ناصري مرفقة)
إن إثارة هذه المطالبة الزائفة الآن ليست مصادفة، بل أنها مقصودة فهي تحمل رسالة مفادها: إذا لم تجر أمور تشكيل الحكومة بما ينسجم مع رغبتنا، فهي ليست حريصة على "علاقات حسن الجوار".
يلعب النظام الإيراني هذه الورقة الابتزازية الزائفة عادة في ظل حكومة تصريف أعمال قبيل تشكيل وزارة جديدة قد لا تتوافق مع مراميهم. فقبيل تشكيل حكومة المالكي الثانية وفي 18أيار 2010 انطلقت دعوة مماثلة، فقد نقلت وكالة مهر الإيرانية تصريحاً لعضو لجنة السياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي الإيراني عوض حيدر بور، دعا فيها وزارة خارجية بلاده بمتابعة الحصول على تعويضات جراء حربها مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي، التي قال أنها تبلغ ألف مليار دولار. أشك بأن النظام الإيراني لا يعرف بأن هذه الورقة زائفة وإلا لكان بإمكانه طرح هذا الأمر على مجلس الأمن في عهد صدام حسين ليحدد التعويضات.
لا شك بأن نظام صدام حسين الدكتاتوري يتحمل مسؤولية شن الحرب على الجارة إيران، ولكنه لا يتحمل مسؤولية استمرارها ثماني سنوات. لقد مرت الحرب بمرحلتين رئيسيتين مختلفتين جوهريا، ومسؤوليات النظامين العراقي والإيراني تختلفان تبعاً لكل مرحلة. فالمرحلة الأولى لا خلاف عليها بأن نظام صدام حسين الدكتاتوري كان معتديا ويتحمل مسؤوليتها.
أما المرحلة الثانية والتي بدأت من حزيران 1982 حتى انتهاء الحرب فيتحمل مسؤليتها كاملة النظام الإيراني الذي كان يستهدف استقطاع محافظة البصرة الغنية بالنفط. فبعد انسحاب الجيش العراقي من خرمشهر (المحمرة) في حزيران 1982، سحب صدام حسين آخر جندي عراقي من الأراضي الإيرانية، وطلب إيقاف القتال وإجراء مفاوضات لعقد صلح بين الطرفين المتحاربين. ثم لجأ النظام العراقي إلى مجلس الأمن مطالباً بإيقاف القتال. وصدر قرار من المجلس في تموز 1982 يقضي بذلك. إلا أن إيران رفضته وطلبت، ضمن ما طالبت به، إدانة النظام العراقي ومحاكمته لعدوانه على إيران. وكان هذا طلباً تعجيزياً وستاراً تخفي وراءه إيران أهدافها التوسعية و حلمها في إقامة نظام إسلامي في البصرة تابع لإيران، تحت شعار "الطريق إلى القدس يمر عبر كربلاء"، وهو شعار مشابه من حيث ديماغوغيته لشعار الدكتاتور صدام "الطريق إلى فلسطين يمر عبر عبادان". رفضت إيران قرار مجلس الأمن وواصلت الحرب وقامت بتعرض عسكري خطير استهدف اقتطاع البصرة.
لم يهدف شعار "الطريق إلى القدس يمر عبر كربلاء" وغيرها من الشعارات المشابهة التي نادت بها الحكومة الإيرانية إلى رفع المعنويات. ولم يكن هدف تعرضات القوات المسلحة الإيرانية، التي بلغت أكثر من 25 تعرضا كبيرا هدفه تعزيز المواقع الحدودية كما كانت تتظاهر به الحكومة الإيرانية بعد تحرير الأرض الإيرانية. فهذه التعرضات استهدفت بغالبيتها احتلال البصرة من اجل إقامة حكومة إسلامية عراقية موالية لها. إن مذكرات رفسنجاني شاهد على ذلك، حيث يذكر بأن بعض المتسرعين طالب بإقامة مثل هذه الحكومة في محافظة ميسان عند احتلال جزر مجنون وذلك في تشرين الثاني عام 1982. (هاشمي رفسنجاني. مذّكرات وخواطر، كتاب "بعد الأزمة"، ص 302، 2001). وليس عبثاً اعتراض رفسنجاني على الزمان والمكان فقط وليس على الفكرة وهو الذي كان آنذاك بمثابة القائد العام للقوات المسلحة والشخصية الثانية بعد الخميني.
لقد رفضت إيران إيقاف الحرب في بادئ الأمر، إلا أنها عادت وأذعنت للقرار بعد توالي انتصارات الجيش العراقي في شبه جزيرة الفاو والمعارك التالية لتحرير الأراضي المحيطة بميناء البصرة وحقل مجنون في الأهواز شرقي القرنة، والمناطق الواقعة شرقي علي الغربي وشيخ سعد، وضرب إيران بصواريخ سكود.
كان رد العراق على الهجمات الإيرانية في الجبهة بصواريخ أرض ـ أرض مؤثرا جداً. فقد تعرضت الكثير من المدن الإيرانية القريبة من الحدود إلى قصف صاروخي مستمر كمسجد سليمان و بهبهان و دزفول و مهران و انديمشك و خرم آباد و باختران وايلام. وكانت خسائر الإيرانيين جسيمة بالأرواح والممتلكات. وأحرجت السلطات الإيرانية نداءات السكان المطالبة بالحماية من الصواريخ. وضاعفت هجرة سكان تلك المدن إلى أماكن أخرى من مشاكل البلاد. كل هذه العوامل أرغمت الخميني على إصدار الآمر بوقف إطلاق النار و "تجرع السم" على حد قوله بعد ستة أعوام من قرار مجلس الأمن في تموز عام 1982 وبعد عام من صدور قرار مجلس الأمن رقم (589).
وفي النهاية لم تؤد طموحات حكام إيران التوسعية سوى إلى تراجع الخميني عن عناده. ولم تحصل إيران في عام 1988 على أكثر مما كانت ستحصل عليه في عام 1982. إن إيران تتحمل المسؤولية في استمرار الحرب طيلة السنوات الست الأخيرة منها. فإذا كان صدام مسؤولا عن إشعال فتيل الحرب وإلحاق الخسائر بإيران خلال السنتين الأوليين من الحرب، فإن النظام الإيراني هو الآخر مسؤول عن الخسائر التي لحقت بالعراق خلال السنوات الست الأخيرة منها، عندما رفض خلالها حكام إيران قرار مجلس الأمن في تموز 1982، ورفضوا أيضاً جميع الوساطات والمقترحات لإيقاف الحرب.
لقد سقط النظام الدكتاتوري المسؤول عن شن الحرب. وليس من العدل والإنصاف تحميل الشعب العراقي وزر أي من جرائم النظام المقبور. ولقد ذهب الخميني بعناده الذي لم ينفع معه غير السم، على حد تعبيره، ولم يتحمل الشعب الإيراني وزر عناده. ومن مصلحة الشعبين العراقي والإيراني عدم إثارة موضوع خسائر الحرب. أما إذا ما أثار حكام إيران الموضوع بشكل رسمي فليس من حق أي مسؤول عراقي التنازل عن خسائر العراق خلال السنوات الست الأخيرة من الحرب. وإذا كانت خسائر إيران خلال سنتين الرقم الذي يدعيه المسؤلون الإيرانيون، فإن خسائر العراق خلال ست سنوات أضعاف مضاعفة يتحمل مسؤوليتها النظام الإيراني. إن حكومة عراقية وطنية وقوية
يجب أن ترفض هذه التهديدات وتوافق على طرح الأمر على مجلس الأمن إن تكررت.
3 تشرين الثاني 2021.
نص تصريح عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، علي رضا ور ناصري كما كان منشوراً قي موقع الأخبار بتاريخ 2 تشرين الثاني 2021
- طالب عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، علي رضا ورناصري، السلطات العراقية بنقل ملكية بعض الآبار النفطية لطهران، لتكون بمثابة غرامة تدفع لقاء خسائر الحرب الإيرانية العراقية.
ونقل موقع"انتخاب" عن ورناصري قوله إنه "على العراق دفع غرامة الحرب بمقدار 1100 مليار دولار" مضيفا أن" إيران لم تطالب بالمبلغ في السابق لتثبيت علاقات حسن الجوار بعد سقوط صدام".
وأضاف أن "الكويت حصلت على غرامة الاجتياح العراقي لأراضيها من خلال حصولها على حصة من مبيعات النفط العراقية، وبناء على هذه التجربة يمكن أن يقوم العراق بنقل ملكية عدد من آباره النفطية إلى إيران".http://www.computersalg.dk/rma
ولفت إلى أن الأمم المتحدة في قرارها رقم 598 اعترفت بمسؤولية العراق ببدء الحرب، وعلى الرغم من عدم إقرار آلية في هذا القرار حول دفع غرامة الحرب، يتوجب على الحكومة الإيرانية متابعة هذا الملف.
المصدر: "انتخاب"