أتنطفئين الآن ...!
بقلم : الدكتورة: نيرمين ماجد البورنو
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ككاتبة محبة للقلم أعلم جيدا معني أن ينطفئ بداخل البشر شغف لشيء كانوا يمشون اليه حفاه متلهفين عاشقين محبين متفائلين منتعشين , لذا أعيش أكثر كتاباتي عبر قصص لأناس سمعتها أو ربما شاهدتها بأم عيني أو حدثوني بها وحكايات خفية مليئة بالندوب يعيشها كثير من البشر ولكن بصمت مطبق , وليال موحشة ممرضة وبنفسية قلقة مريضة , يعتبرون الصمت نعمة هائلة, يكبرون وفي أحشائهم وجع قاتل متعبين من وحدة الطريق ومن ممراته الضيقة المعتمة , تطاردهم لعنة حلت بهم, تمرضهم الأفكار السوداوية سلوانهم الوحيد أحلام اليقظة والأحلام الوردية التي ينسجونها بخيالهم أو ربما يكنون انتقاما وكره لأشخاص ولمواقف اساءوا لهم وشوهوا أحلامهم , يفرغون كل ليلة الدموع المستقرة في صدورهم بحرقة وبقلب متعب يرددون عبارات : ما زلت صابرا ولكني لم أتأقلم بعد , لا أريد التنازل والانكسار لأنه يعلم بأنه سيهوي وتتحول حياته كلها الى استسلام ! وهناك من أسرف في الكتمان حتى نسي كيف يبوح.!

يحلمون بأنهم يتحدثون الى النجوم وتنصت لهم "سنهاجر الى السماء يوما..! ما كانت الارض وطنا أمنا ولن تكون" , معتقدين النجوم ترد عليهم لطالما اعتبرناك فردا من عائلتنا الكبيرة يلجأون للنجوم لأنها تمدهم بالصبر والأمل بغد أفضل, يحدقون بالغيوم البيضاء " ما بالها الغيمة البيضاء صامتة" , يشعلون الشموع المضيئة ولكن قلوبهم تقطر ليلا حالكا من الألم , ايماءات وتعبيرات وجوههم ورؤوسهم ثقيلة, مبتلون بحدث وربما بموقف أو شخص عكر صفو حياتهم وجعلهم يرتدون قناعات ووجوه موحشة كئيبة تحمل أوجاع أعمارهم, وأفكار وضعت الأغلال حول أعناقهم ضائعين في حلقة مبهمة من التيه والعد .

الإنسان بطبعه يخلق بفطرة سليمة طيبة انسانية بيضاء محبة بنوازع الخير ولكن لما يتحول ويطرئ عليه خفايا ونوايا وشرور ليست متأصله فيه تحوله الى شخص اخر يتفنن في ايذاء الآخر من كبرى المعارك الي أصغرها , أو ربما الواقع والوقائع صنعت منه تدريجيا هذا الشرير وضخت لديه كل شعور مدمر وخطير, لا أريد وصفها لكني أشفق على تلك النوعية من البشر كل همهم بالحياة الشر والانتصار بالحروب وكأنها حرب البقاء , والتباكي وكأنه إنسان مظلوم ,إننا جميعًا مهيئون أن نرتكب كارثه في أي لحظة ضعف وانكسار، لكن طالما أن هناك شخص واحد فالعالم قادر على رؤية اللون الأبيض في نوايانا فإننا سنكون بخير.

ما يُزرع داخل النفس ينبتُ في الملامح , وهذا يعني أن بعض النفوس والوجوه الطيبة كساها الله ملامح جميلة بما فعلت في سرها نحبها دون أن نعرف سرها, لقيد قيل "وسَامَةُ الشَّكلِ لا تُغنِي عَنِ الأدبِ ,‏ويُحمَدُ المَرءُ بالأخلاقِ لا النَّسَب" وهناك على النقيض وجوه كساها الله الشر بملامحها لا نتحمل قربها ولا كلامها ولا حتي رؤيتها, تتظاهر وتخفي وتتستر بما في داخلها لكن دون جدوى فأحسنوا الزرع , بعض الأشخاص سينبذونك، لأن نورك أشد سطوعا واشراقا مما يتحملون. سيأتي عَليك وقت تُصبح قاسياً في نَظر الناس، لمُجرد أنك توقفت عن التنازُلات, هكذا هي الحياة فلتواصل إشعاعك وعش ضاحكا مها شقيت إن ‏الجُروحَ بصَوتِ الضَّحِكِ تَلتئم.

العالم ليس بحاجه للطعام ، العالم بحاجه للإنسانية والضمير والحب والسند ، نحن في مجاعة أخلاق, العالم بحاجة لثقافة احترام المعلشة والاختلاف , فاذا رأيت أحدهم منطفئ مقبل على أفكار سوداوية شارف على الاكتئاب والانتحار ربت على كتفه وحدثه عن مزاياه وجماله وعن طيبه روحه وقلبه حدثه حتى يعود ويضيء, وأسنده وطمئنه بأنه سوف يتخطى تلك المرحلة الصعبة في حياته وسيكمل الحياة كناج وليس كضحية شارفت على الموت البطيء, وأخبره ان الحزن لم يخلق له مهما حمل من مآسي لا يحزن فالحزن للوجه الجميل حرام, وأن لا يقلق إن كان مختلف مجنون ومزاجي يتخذ قرارات مباغته غير متوقعة ويعيش بمشاعر متطرفة فالاختلاف ميزة.

دائمًا يبهرني الشخص الذي يخاف من أثر كلماته في قلب غيره, الذي يمسح بأكفه على صدر من يحبهم ويغرس الطمأنينة والسكون في نفوسهم وأرواحهم, يزيل العقبات من دروبهم وينتشلهم من أعماق الوحشة الى ضفاف الأنس, فالرُّوح تسكن في الكلمات التي تُقال، فإذا أعطيتُك كلمتي، أعطيتُك نفسي. وبكُل لطَف ستنحني إليك كُل الأشياء التي تُشبهك فالذكاء في تحويل القبت والقسوة الى نجاه ونجاح ، فلا تقلقَ كل الفرص متاحة أمامك لكن بشرط أن لا تنطفئ وتنغمس وتعيش حياة موحشة مقيتة بل تعيش على أمل أنك شخص مهم منتج مفيد, لا تجزع من جرحك، وإلا فكيف للنور أن يتسلل إلى باطنك , العالم بحاجة الى المتفائلين المنتصرين الذين يستثمرون عقولهم وأفكارهم وأرواحهم , لا أحد في هذه الحياة يكبر على شيء يريده كل الفرص متاحة لأخر العمر ولك القرار ..!

  كتب بتأريخ :  السبت 03-06-2023     عدد القراء :  528       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced