كفاءات تبعد.. ومحاصصة تتمدد
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ما زالت المحاصصة متحكمة بالوظيفة العامة في العراق مهما أُريد تزويقها، فارضةً منهجها الذي يعزز جبروت هيمنتها على مفاصل الدولة ومؤسساتها، واهبةً الوظيفة العامة دون وجه حق لمن لا يستحقها، ما دامت محتكرة من قبل الاتباع والمتحزبين.

صاحب الدرجة الوظيفة الخاصة في عرف طغمة الحكم، له واجب واحد هو الولاء وضمان تبعيته لها. الولاء ليس غيره باب العبور للكراسي والمنفذ الوحيد للوظيفة العليا. كما ان الطائفية السياسية هي رافعة الموظف غير المؤهل للحصول على الدرجة الخاصة. ما زالت عقلية المحاصصة وتقاسم النفوذ هي السائدة، لم ينحصر حضروها في هذه المرحلة، بل نرصد باسم اعادة هيكلة الوزارات من درجة مدير عام فما فوق، حيث هناك من يدعو إلى تقاسم كل شيء حتى أدنى المسؤوليات الإدارية في السلم الوظيفي، ما يعبّر عن نزعة استحواذية تسلطية مُدانة.

أصبحت الهوية الوطنية المناهضة للطائفية السياسية، كافية لحرمان استحقاقات وظيفية ممن هم على قناعة بها (أي الهوية الوطنية)، وتتوفر فيهم معايير الكفاءة والمهنية، والنزاهة.

تتسابق القوى المتنفذة هذه الأيام بلهاث مقزز، للسيطرة والهيمنة على مرافق وأجهزة الدولة وتتصارع في ما بينها على تقاسم مرافقها وأجهزتها. ويستمر سعير مزاد محاصصة الوظيفة العامة بين مراكز النفوذ التقليدية المهيمنة، وكلٌّ منهم يحاول بناء دولته الحزبوية العميقة. اما الذين لا يوالونهم من المواطنين الاكفاء، فلا مكان لهم مهما كانت خبراتهم ومهنيتهم ومثابرتهم ونزاهتهم.

لم يطل الوقت كثيرا، كي تكشف طغمة الحكم عن نواياها التي لم تخف عن العارفين بدهاليزها، حيث بدأت إجراءاتها بإبعاد كفاءات وطنية لا تواليها وتعارض منهجها ولا تقبل فسادها وترفض تمريره. وهذا ما حدث للدكتور عماد جاسم الذي عيّن وكيلا لوزارة الثقافة، وقبله الأستاذ مشرق الفريجي، والجميع يشهد لهما بالكفاءة والمهنية والمثابرة.

وبهذا زال الحجاب عن الممارسات الخبيثة التي ركزت على إضفاء ديكور معين على المنظومة، وذلك عندما منحت بعض المناصب بالوكالة الى شخصيات خارج المحاصصة، في وقت حاصرت فيه الانتفاضة منهج المحاصصة ومنتهجيه، وذلك عندما اشتدت المطالبات بالإصلاح والتغيير، حينها انحنت طغمة الحكم لعاصفة المطالبات واظهرت مرونة معينة، مدعية الإصلاح، لكن ما ان تراجع زخم المطالبات، ونجحت الثورة المضادة، في احتواء الانتفاضة والانقضاض عليها، وتنفست طغمة الحكم الصعداء، وأعادت ترتيب اوراقها، وتفردت بالحكم، سرعان ما استغنت عن الكفاءات الوطنية المهنية المقتدرة والنزيهة.

إن هذه الممارسات تؤكد نهج طغمة الحكم المقيت، حيث لا تتحمل وجود أي كفاءة في نظامها، مهما أوتيت من قدرات ومهما حققت من نجاحات.

لم تستفد طغمة الحكم من دروس الانتفاضة، وتناست غضب الشعب على نهجها الاستحواذي المحاصصاتي، الذي ينطلق من مصالحها الخاصة الأنانية الضيّقة وغير المكترث بالمصالح العامة، ويجانب بناء دولة مدنية حديثة، نهج لا يستقيم مع أي توجه لبناء نظام ديمقراطي حقيقي، يقوم اساسا على مبدأ تكافؤ الفرص والكفاءة، بعيداً عن التقاسم والمحاصصة كما نشهد.

  كتب بتأريخ :  الخميس 22-06-2023     عدد القراء :  480       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced