تبادلت كتل المحاصصة الطائفية التراشق بالبيانات الإعلامية، حول احقية تمثيل المكون لـ”الطائفة السنية”؛ فكل كتلة منها تدعي حصولها على التفويض الطائفي لتتحدث باسم المكون وتحصل على استحقاقاته السياسية، مع ان 80 في المائة من المواطنين سئموا من هذه الأحزاب، وسخطوا عليها وجزعوا منها، وفضلوا العزوف عن الانتخابات ومقاطعتها، على منح أصواتهم لقوى اتهم بعض رموزها بالإرهاب والفساد والتزوير.
اخر ما شهدناه هذه الأيام هو التراشق الإعلامي بين من صدّروا انفسهم زعماء للمكون السني، حول احقية كل منهم، بتسمية مرشح رئيس مجلس النواب باعتباره يمتلك الأغلبية، فقد اصدر تكتل العزم والسيادة والحسم وحزب الجماهير بيانا باسم الأغلبية البرلمانية للمكون السني، طالبوا فيه باستكمال إجراءات انتخاب رئيس مجلس النواب من بين مرشحيها، وقوبل هذا البيان بردود فعل قوية، من لدن حزب تقدم الذي سارع الى إصدار بيان ردّوا فيه على خصومهم مؤكدين (إنهم لا يملكون أغلبية المكون السني في مجلس النواب، ولا يمكن لغربال التزييف أن يغير الحقيقة الثابتة لأغلبية المكون السني المتمثلة بتقدم). وهكذا تعمقت الخلافات واشتدت حتى وصلت إلى حد التخوين والاتهام بالزييف. وبهذا تجدد الخطاب الطائفي بفضل طغمة الحكم وتطور الانقسام والتشرذم بينها من حال الاختلاف بين مكونات المجتمع العراقي ـ كما عمل عليه الطائفيون ـ إلى مرحلة الاختلافات البينية داخل كل مكون، وهذا اخر ما انتجه عقل طغمة الحكم المأزوم.
لم ينطل الخطاب الطائفي بعدما نزف العراقيون دما وراحت الأرواح العزيزة ضحايا له خلال السنين العجاف من النزاع الطائفي المقيت، كما لم تمر أكاذيب رفع المظلومية عن هذا المكون، وتهميش ذاك المكون بعد ان افتضحت صفقات الفساد ومشاركة الفاسدين من كلتا الطائفتين. والطائفتان الكريمتان براء من جرائم الإرهابيين الشنيعة وفساد المتنفذين الذميم.
اخر صرعات الطائفية السياسية، هو انتقال المواجهات بين من فرضوا انفسهم عنوة زعماء لهذه الطائفة وتلك الطائفة، الى مواجهات بين (زعماء الطائفة الواحدة)، باسم أحقية التمثيل.
بالمناسبة، جاهل من يعتقد ان الطائفة هي حجر صوان، واحدة صلبة، الطائفة فيها المظلوم والظالم، المسروق والسارق، المنهوب والناهب. فلا يمكن ان يمثل الظالم المظلومين، ومن غير الممكن ان يتحدث السارق باسم المسروقين، وليس من المعقول ان يضمن الناهب حقوق المنهوبين.
رثاثة عقول طغمة الحكم، تصدر لنا المهازل بصورتها القبيحة، فمرة تجدهم اثناء الانتخابات يشحنون الجو بسموم الصراع الطائفي والاختلافات الطائفية والاستحقاقات الطائفية، وما ان تحط الانتخابات أوزارها وتظهر النتائج، حتى يتحول الصراع من جبهة المجابهة مع المكون الآخر، الى صراع النفوذ السياسي وتزعم المكون الواحد.
كل هذه الصراعات التي جرت وتجري، باسم المكون وفقراء المكون، لكن عامة أبناء المكون لم يحصدوا سوى المزيد من الفقر.