يحتفل الشعب الكردستاني منذ 2635 عاما حسب التقويم الكردي، في 21 اذار من كل عام بعيد نوروز، وتشاركه الاحتفال شعوب عديدة، بضمنها الفرس والآذريون والافغان والطاجيك والقرغيزيون والكازاخيون، كذلك اقوام في الهند وتركيا والبانيا ومقدونيا. وتشير الاحصائيات الى ان من يحتفلون بهذه المناسبة يتجاوز عددهم 300 مليون انسان.
ولعيد نوروز عند الكرد طابع قومي، يؤكدون من خلاله هويتهم القومية. يحتفون به كأهم مناسبة، وسط تقاليد وطقوس تراثية بهيجة يكون فيها الغناء الفلكلوري والطرب حاضرين، وتصدح أغنية “نوروز هاتوا” من كلمات الشاعر الكردي الكبير بيره ميرد، والتي غناها المطرب الشعبي الراحل حسن زيرك بلحن حماسي واحتفالي جميل، وكلماتها تقول:
ئهم روژی؛ سالی تازهیه نهوروزه هاتهو
جیژنیکی؛ کونی کورده
به خوشی و به هاتهوه
بمعنى: اليوم بداية سنة جديدة، وقد حل نوروز العيد الكردي العريق بالفرح والخير.
تقول السردية الكردية ان نوروز هو ثورة المظلوم على الظالم، وهي ثورة ذات بعد طبقي حيث يقود حداد فقير اسمه (كاوه ) ثورة شعبية واسعة، للإطاحة بالملك الظالم الضحاك او (زوهاك) على وفق اللغة الكردية. حيث اشعل كاوه في يوم 21 اذار (نارا عظيمة) على قمة الجبل معلنا الثورة، فانظم اليها الفلاحون والفقراء والمعدمون.
لم ترق رمزية هذه الأسطورة للأنظمة المستبدة التي انكرت حقوق شعب كردستان، واولها حقه في تقرير مصيره، لما لها من ابعاد وطنية وقومية وطبقية. لكن امام الإصرار الشعبي على احياء المناسبة، ورغم القمع والقهر، اضطرت الأنظمة الحاكمة الى الرضوخ مع تغيير اسم عيد نوروز الى (عيد الام) او (عيد الربيع) أو (عيد الشجرة).
الطغيان لا يتحمل فرحة الشعوب واملها في التحرر والانعتاق من الظلم، وقطعا لا تروق أية اسطورة ملهمة تعكس انتصار المظلوم على الظالم والخير على الشر والفرح على الحزن، للمستبدين الجائرين.
وقد أدرجت منظمة اليونسكو عيد نوروز، ومعناه “اليوم الجديد” ، على القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، بوصفه تقليدا ثقافيا، وكان ذلك في 30 أيلول 2009. فيما عرّفته بانه “تقليد تاريخي يعود أصله إلى نحو القرن السادس قبل الميلاد، ويعلن بداية سنة جديدة، وحلول الربيع وولادة الطبيعة من جديد”. في حين أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوما دوليا وفق قرارها الرقم 64ا/253، في 23 شباط 2010 “بوصفه تجسيدا لوحدة التـراث الثقـافي ولتقاليـد تعـود إلى قرون عديدة، ولها دور هام في تعزيز الـروابط بـين الـشعوب علـى أسـاس الاحتـرام المتبـادل ومثـل السلام وحسن الجوار”.
يمنحنا عيد نوروز املا حيا بالانتصار على المستبدين والظالمين، ويمنحنا دروسا في انتصار حق الشعوب في تقرير المصير، وفي التضامن مع المظلومين، والالتزام الانساني بحقوق الإنسان وكرامته، والحق في العيش بسلام وامان. كما يمنحنا فرصة التفكير بحل الازمات عن طريق الحوار، وليس عبر الحروب التي يشكل الفقراء والمهمشون عادة غالبية ضحاياها.