تتداخل المعادلة فيضيع التمايز بين المرأة والحياة، وكأن المرأة هي الحياة بكل معانيها الجميلة، والجميلة فقط، أو ربما الحياة كأنها المرأة بكل روح التمرد بامتياز، وبكل روح التحمل بامتياز، وبكل معاني الجمال بامتياز، ذلك لأنها بداية معنى الجمال الأول للحياة، تقف عند حدود قدميها جنات الله، وتنحني أمام جبروتها الإنساني كل أساطين القهر البشري، مثلما تركع صاغرة إزاء ابتسامة حب دافئة من شفتيها، كل شرور العالم المتوحش.
وبين المرأة والحياة سرُ عطر الورد، يتضوع بالفرح البشري، حين تبدأ غيوم الأحزان بنفث رذاذها، فيبدو هذا التضوع من الوهلة الأولى بشائر نور في زوايا الحياة المعتمة، مثلما تبدو ابتسامة أمل تشع بها عيون المرأة، وفي معادلة تداخل هذا السر، يكمنُ سر الوجود البشري، إذ ما انطفأت عتمة في هذا الكون، إلا بابتسامة عيون المرأة، وما تَضوّع فرح بشري بعطره، إلا بانسجام سعادة الحياة مع بشائر سعادة المرأة.
وبين المرأة والحياة جمال لا مرئي، يبدأ بكلمة ينطقها لسان المرأة، فيتجسد هذا الجمال برؤية كل سواد الحياة ورديا، وتبدأ الحياة (كأنها كائن بشري) تبحث عن سر جمالها في تلك الكلمة، مثلما تبدأ المرأة (كونها كائن حياتي) تتملى جمال هذه الكلمة، وفي معادلة تداخل الجمال بين المرأة والحياة، يكمن سر بدء عذوبة الحياة، حيث ينتهي بهمسة من شفتي المرأة، يغرق فيها الكون عذوبة.
وبين المرأة والحياة بحرٌ من الحنان، بحرٌ يتلاشى فيه الجزر ويبقى المدُ عنوان أمواجه، يبدأ من لحظة الصرخة الأولى، حيث تتلاشى عندها كل آلام المخاض وغيلان الخوف، عند ذاك تبدو المعادلة مزدوجة، المرأة - الأم، والأم - الحياة، وفيها يكمنُ سرُ بحر الحنان، حيث يتجلى في السهر والقلق والخوف المتواصل، مثلما يتجلى بنشوة الفرح عند أول كركرة، وعند بداية زحف، وعند أول خطوة، وعند أول كلمة، حيث الأول عند المرأة- الأم، يعني الولادة الجديدة، مثلما هو عند الأم - الحياة، يعني الانتقال إلى حالة متقدمة لهذه الولادة، وفي معادلة التداخل هذه تبدو الحياة، طائر حب يستحم ببحر الحنان.
كتب بتأريخ : الإثنين 08-03-2010
عدد القراء : 2040
عدد التعليقات : 0
المرأة الحياة... الحياة المرأة
