ليلة زفاف الرفيقات الشهيدات جميلة ووصال محمد شلال
بقلم : نزار رهك
العودة الى صفحة المقالات

الحديث عن الشهداء له وقع الألم و درس للتاريخ والكرامة الأنسانية .. وإن كان المحاربون القدامي وبحكم الفروسية والأخلاق العربية يتجنبون محاربة ومقاتلة المرأة فقد كان المجرمون البعثيين يتجاوزون جميع الأعراف والشرائع والأخلاق العربية التي كانوا يتبجحون بها في إعلامهم ومازالت بقاياهم كذلك في تعاملهم مع المرأة العراقية (الماجدة) ..فلم يكونوا سوى عصابات إجرامية رخيصة ومنحطّة خلقيا وأجتماعيا .. ورغم طبول الحرب والنياشين العسكرية وأغاني إنتصارات القادسية وإنتصارات أم المعارك .. فقد كانوا يرتعبون أمام إمرأة نحيلة كالرفيقة أم عمار (جميلة محمد شلال) .. تثير هستيريتهم وجنون حقدهم عندما تصمد أمام أجهزة التعذيب إمرأة عراقية بقيت صامدة تقاوم الجريمة وتأبى السقوط في وحل الخيانة .. وهي الأم التي لا تمتلك في هذه الدنيا سوى الوطن والمباديء وطفلة رضيعة .. أخافت وأرعبت هذه الأم النحيلة شوارب رجال الأمن والمخابرات البعثية بكل ما كانوا يمتلكونه من ترسانة الحرب والدمار وأجهزة الشرطة والأمن والعسكر .. ولم يكتفوا بالتعذيب والسجن والحرمان من طفلتها ولم يكتفوا بالألم التي عانته في ظلمة الزنازين والضرب المبرح .. لذلك إتخذوا قرارهم بالحكم عليها بالأعدام .. فبقيت جميلة خالدة ومفخرة للشعب العراقي ... وقذف التاريخ بالمجرمين الى حضيض قاذوراته . ليس الجزائريون وحدهم يمتلكون جميلة , للعراقيون أيضا لهم إمرأة مقاومة وإسمها جميلة محمد شلال .
عرفت الشهيدة (جميلة محمد شلال) في سبعينات القرن الماضي وتعرفها العائلة ناشطة طلابية ونسائية رائعة ومثال للمرأة الشابة المتحررة و المناضلة من أجل وطن تسوده الحرية والديمقراطية والسلام .. والتقيتها وهي النصيرة الشجاعة في كردستان العراق مع زوجها الرفيق (أبو عمار) وهو من أبناء مدينتي أيضا ورفيق شيوعي .
لقد شاءت الصدف أن تجمع أمي وأخواتي اللواتي تعرضن للأعتقال والسجن مع الشهيدتين جميلة ووصال في زنزانة واحدة ليكنّ شاهدات على صمودهن وليرسمن في ذكرياتهن الصور الأسطورية للبطولة والمقاومة في زنازين التعذيب البعثية .. صورة للمرأة العراقية المناضلة التي أبت أن تتراجع عن مبادئها قيد شعرة وأرعبت الجلادين في صمودها من أجل الوطن المستباح من قبل أوغاد النظام البعثي الساقط ومن أجل مباديء الحزب الشيوعي العراقي في النضال ضد الأمبريالية ومن أجل الديمقراطية ووطن حر وشعب سعيد . ومن أجل كرامتها الأنسانية وحقوقها في إعتناق الرأي الذي تقتنع به والموقف الذي تتخذه دون إملاء وفرض حكومي .
ورغم قرار الأعدام الصادر بحقهما فقد بقين ينتظرن التنفيذ وكأنه الخلاص من ألم التعذيب والزنازين المظلمة وخاتمة مشرفة للصمود والتحدي والبطولة .. تقدمت جميلة مرفوعة الرأس شامخة نحو غرفة الأعدام وكانت قد أوصت برعاية طفلتها بعد موتها وهي وصية كانت بنبرات تدمي القلوب وتثير الحقد على المجرمين القتلة تقدمت وهي تهتف عاش الشعب العراقي وعاش حزبنا الشيوعي العراقي الموت للمجرمين الطغاة .. إختفت وراء الأبواب و أختفى الهتاف .. وعيون المودعات مليء بالغضب
بقيت السجينات بين البكاء والألم والحماسة والهتاف بحياة الحزب .. وبعدها توجهت أختها الرفيقة وصال محمد شلال وهي تمشط شعرها وتعدل في ثيابها المدماة وتقول هذا هو يوم زفافي .. هذا هو يوم العرس الذي كنت أتمناه لموتي المشرف ومع الرهبة والشد والحماس والألم في التوجه نحو المصير قالت للسجينات وكأنما تحاول تهدأتهن وتهين الأمر عليهم ولتمنحهن دفعة من الصمود .. وكأنما تقول إن الأنسان يعيش ويموت مرة واحدة فليعشها بكرامة ويموتها بشرف وإفتخار .
... كل ما أريده منكم هو أن تزغردوا وكأنني ذاهبة نحو الزفاف .. قالت هذه الجملة وكأختها جميلة خرجت وصال منتشية ورافعة الرأس وتهتف .. عاش الحزب الشيوعي العراقي وعاش الشعب ويحيا العراق .. ولكن أي من السجينات لم يكن يستطعن وسط هذا الحزن أن تزغردن ؟ ..(هذا ما قالت لي أختي في حديثها) فكان بدلا عن الزغاريد البكاء والهتاف بحياة الحزب و التمجيد للشهيدات الأخوات
جميلة ووصال محمد شلال .

  كتب بتأريخ :  الخميس 11-03-2010     عدد القراء :  2564       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced