عاملات وعمال معمل نسيج الحلة.. موت بطيء، ثم مجزرة!
بقلم : ماجدة الجبوري
العودة الى صفحة المقالات

منذ  ان وطئت قدماي الشارع العام الذي يبعد 3 كيلو أو اقل عن قريتي "العمادية"، كنت اشاهد باصاً طويلاً، يسير ببطء ليلتقط عاملات وعمال، على طول الطريق الذي ينطلق من ناحية القاسم – بابل،" يواصل السير نحو مناطق الهاشمية، الحفينات، الدبلة، البوشناوة، ومناطق وقرى عديدة اخرى على طول الطريق. يبدأ الباص بالدبيب على الشارع العام، قبل بزوغ خيوط الشمس، ليصل في الساعة السابعة والنصف الى معمل نسيج الحلة، في حين لايتجاوز قطع المسافة اكثر من نصف ساعة أو اقل، في سيارة حديثة.
عمال وعاملات، كادحات وكادحون منذ نعومة اظفارهم، خرجوا في عجلة، وقٌبل اطفالهم مؤجلة لصباحات أخرى من اجل لقمة العيش، اغلبهم عوائل تعمل في المكان ذاته. 
عمال وعاملات، ذاقوا جمرة حر الصيف اللاهب، ولسعة برد الشتاء، تقلهم سيارات قديمة عفا عليها الزمن، لم تشملهم رحمة التكنلوجيا الحديثة وتبريد السيارات المنعش، علما انهم يساهمون اضعاف المرات في بناء البلد وتربية ابنائهم، من معظم اصحاب السيارات الفاخرة والمبردة، هؤلاء الذين عملهم سرقة قوت الكادحين، والارامل واليتامى، ويعيثون فسادا في البلد.
معمل نسيج الحلة تطورت اقسامه وتم فتح قسم جديد لخياطة القديفة، تعمل فيه نساء بعقود مؤقتة، معظمهن  شابات غير متزوجات، صغيرات السن، اغتيلت احلامهن في غفلة، وقصفت آلة الموت اعمارهن، فتيات يحلمن ببناء بيت واسرة، ولقاء حبيب، نساء ذهبن الى العمل الشريف، ليتعلمن ويعلمن ابناءهن حب الوطن، نساء فتيات ذهبن نتيجة استشراء الفساد في كافة مفاصل الحياة اليومية، والتعارك على الكراسي، وموت الضمير، والاّ كيف وصل الارهابي الى المكان، دون وجود ركيزة تعاونت معه من نفس المنطقة؟
عمال وعاملات من شغيلة الفكر واليد استشهدوا في مجزرة اكثر دموية ووحشية، ومنهم من اصبح، أو أصبحت، عاجزة، عاجزاً، جراء الاصابات والحروق الشديدة.
كم طفل تيتّم، وامراة ترملت، وام فجعت بفلذة كبدها، وزوجها، وحبيبها، لتتحول حيطان المعمل الى قطعة سوداء، تنعى عمال الامس؟ ولا تزال القافلة تسير محملة بالسواد، مادام الساسة العراقيون، يتراشقون فيما بينهم ليتقاسموا الغنيمة، على حساب الفقراء المساكين، ممن لايشكل موتهم سوى رقم يضاف الى الارقام السابقة من الموتى. 

  كتب بتأريخ :  السبت 15-05-2010     عدد القراء :  2425       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced