مع بدء موسم الامتحانات انتحار الطلبة.. ظاهرة تتكرر سنوياً
بقلم : سليمة قاسم
العودة الى صفحة المقالات

كان (عمار حمزة) (15) عاماً، محاطاً بكل ما يؤلم،عائلته فقيرة ومعدّمة وتعاني من شظف العيش. وكان المصدر الوحيد لقوت تلك العائلة الكبيرة هو عمل عمار بأجر يومي، لكنه كان يحلم بنيل شهادة المتوسطة التي كانت بمثابة، المنقذله. فنيل تلك الشهادة يعني انه بأستطاعته أن يكون معلماً، فهو عمل يكسبه احترام الناس، ويستطيع أن ينتشل عائلته مما تعانيه حسب رأيه. ومرت الأيام متثاقلة وعمار يعمل بكد وعينه على نيل الشهادة لكنه لم يستطع أن ينال الدرجات التي تؤهله لدخول البكلوريا وحين عاد في ذلك النهار من المدرسة في مدينة السماوة إلى بيته، كان كئيباً واخبر أهله بما حدث ولم يحاول أفراد عائلته مواساته، بل وجهوا له اللوم لتقصيره في دخول البكلوريا!

المهم ان العائلة كانت قد استلمت لتوها بيتاً زجاجياً من وزارة الزراعة، دخل اليه عمار ليربط في سقفه (مشنقة طارئة) لينهي حياته الصغيرة بسنواتها الطويلة بآلامها ومعاناتها. وقد كان طالب آخر في نفس مدرسة عمار، قد انتحر في العام الماضي ولنفس السبب. إن ظاهرة انتحار الطلبة في مواسم الامتحانات شاعت في العراق خصوصاً في السنوات القليلة الماضية. ودعونا نستمع لحكاية أخرى بطلها طالب متفوق من سكنة الديوانية، وكان حلم (عبد الله) ان يصبح طبيباً في بغداد التي كان يراها عندما يذهب مع أهله لزيارة الإمام الكاظم (ع). وعندما جاءت الامتحانات النهائية مرض (عبد الله) واصيب بما يسمى (إرهاق عصبي) بسبب الامتحانات، وعندما وزعت النتائج، كان عبد الله راسباً بثلاث مواد، وعندما عاد إلى بيته دخل في غرفته وظل معتكفاً أياماً عدة، ليصاب بعدها بحالة من الجنون، واصبحت ثيابه رثة، ويكثر الجلوس في المقاهي، وبعد أن اعتاد أهله على حالته تلك، كان أخوه (محمد) الأصغر منه وصل للصف السادس العلمي بتفوق دائم، واثناء الامتحانات مرض (محمد) فما كان منه إلا إن يطلب تأجيل ثلاث مواد، وبعد انتهاء الامتحانات، اكتشف (محمد) أن جميع أصدقائه نجحوا في الامتحانات، فجن جنونه، وتوجه للشاطئ القريب من محل سكناه ليلقي نفسه في النهر. ولم تنتهِ معاناة هذه العائلة عند هذا الحد بعد انتحار (محمد) وجنون (عبد الله) لكنها أخذت منحى آخر، فبعد انتشال (محمد) من وسط النهر، وذهاب الأهل والأقارب لدفنه، كان (عبد الله) أمام امتحان جديد، فقد أخاه وفقد عقله، فدخل إلى غرفة أبيه الذي كان يحتفظ فيها بمسدس قديم، ليطلق النار على نفسه ويموت في حين كان أهله منشغلين بدفن أخيه الآخر. إننا إزاء نوع جديد من أنواع الانتحار، حيث يقوم الطالب. ونتيجة للضغط النفسي والعصبي إلى إنهاء حياته بطريقة دراماتيكية. * يقول الطالب (كرار هاشم): إننا نعاني من اقتراب موعد الامتحانات من تزايد حالات القلق والإرباك النفسي، فيلجأ البعض منا إلى استخدام الحبوب المهدئة والمنشطات، والتي يكون لها تأثير سلبي على نفسية الطالب وفقدان قدرته على التركيز، ويفقد بعض الطلبة السيطرة على نفسه فيلجأ إلى الانتحار. * أما (شيماء حسين) فتقول: إن الطلبة الذين ينتحرون، تخذلهم ظروفهم المعيشية، فالكثير من الطلبة الأثرياء ممن لا يجيدون كتابة أسمائهم، نجحوا بفعل قدرة عوائلهم المادية في الوصول إلى الجامعة عن طريق دفع مبالغ لمدرسيهم لأجتياز البكلوريا. ودفع مبالغ للمدرّسين الخصوصيين، في حين يعاني الطالب الفقير من الأمرين، فيلجأ إلى إنهاء حياته كنوع من الاحتجاج على ظروفه. * أما رأي أطباء النفس في ظاهرة انتحار الطلبة مع بدء موسم الامتحانات، فيرون إن هذا النوع من الانتحار يتعلق بأسباب ظرفية، ترتبط بالأحداث التي يعيشها الطالب، وقد يكون دافعه إلى الانتحار هو موقف الأهل السلبي من رسوبه، خوفه من عقاب أحد أفراد عائلته في حال رسوبه. او قد تكون العائلة قد علقت آمالاً كبيرة على نجاح ابنها فيدفعه شعوره بخذلان عائلته في تحقيق آمالها، إلى إنهاء حياته. ان تزايد مثل تلك الحالات يعني بشكل أو بآخر ضعف دور الأسرة في التأثير على أبنائها، فدور الأسرة هو بمثابة صمام الأمان لكل أبنائها في مواساتهم، وتشجيعهم على مواصلة الدراسة والنجاح في السنوات القادمة. فرسوب الطالب في سنة دراسية معينة لا يعني نهاية العالم، وان يرسب الطالب سنة دراسية معينة أخرى خيراً من أن يفقد حياته، كما إن وزارة التربية مدعوة لتفعيل دور المرشد التربوي الذي يساعد الطلبة على تحمل الأعباء التي تواجههم أثناء دراستهم.

  كتب بتأريخ :  الخميس 20-05-2010     عدد القراء :  2365       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced