السياسيون ليسوا على مسافة واحدة من (الوطن) والخطوط حمر وصفر وخضر بقلم : العودة الى صفحة المقالات بغداد - نوال عبد الرحمن الجمعة الماضية مر بائع الخضار كاظم، واطلق صيحاته امام باب داري يعلن عن وصوله، كما هي العادة كل جمعة، كان صوته يختلط بقرقعة المولدة الصغيرة المركونة في المرأب، وصوت الاخبار في التلفزيون يأتي من النافذة التي يجلس ورائها زوجي ، اقتربت منه لأشير اليه بما احتاج من بضاعته ، عندما بادرني بالسؤال: ست شنو الاخبار؟ وكان يشير بيده نحو الشباك، واكمل يكولون (زينة) .. اجبته (لا كاظم المسألة مو زينة .. انطيني طماطة وخيار وبصل واريد شوية خضرة)، كاظم ليس (بكالاً) بالوراثة وهو خريج اداب / لغة انكليزية ويحب رواية قصة مدينتين لتشارلز ديكنز .. يقول ان احداث الثورة الفرنسية تشبه ما نمر به اليوم وقد قدم عشرات من الطلبات الى كل الدوائر عسكرية ومدنية من اجل نيل فرصة للتعيين لكنه فشل لنقص في (اوراقه) الخضر !! ، الرجل اتكل على الله واخذ يدور بعربته منذ الصباح الباكر وحتى المساء من اجل توفير لقمة الخبز لأمه واخواته .. اعاد السؤال: ست يكولون الفرج قريب. كاظم يحب الحديث في السياسة، (من لايحب الحديث في السياسة ست؟ ) ، يشعر اني قريبة من الاخبار بحكم عملي، وكأنه لايدري ان ابسط الناس عندما يطلعون على شاشات الفضائيات اكثر حكمة من كبار المحللين في هذا الزمان .. وعندما لم ارد على اسئلته اضطر ان يبادر الى تفسير الامور كما يراها .. ست اني (دا اتشاقه، اني اعرف ان الكل ليسوا على مسافة واحدة .. الكل يرى انه اقرب واحق بكرسي الحكومة .. لا تصدقي ما يقولون) .. واستدرك قائلا (لا تروجوا ما يدعون انه ليست هناك خطوط حمر ، هناك حمر وخضر وصفر وحتى سود، نحن نقرأ "الممحي"، لكن العجيب انهم يعلمون اننا ندري والمصيبة انهم يتجاهلون اننا نعلم بخطابهم.. يجتمعون ويخرجون علينا بجمل "حمالة أوجه" تحمل اكثر من تفسير)!!.. رزم الاكياس وسلمته النقود ، وقلت له (كاظم لاتتعب نفسك ولا تشغل بالك فلا بد وان ترسو السفينة، المهم انك انتخبت، ما تبقى رهن بما يتصرفونه هذه المرة، الاصوات طردت الكثير من تحت قبة البرلمان، نحتاج الى اربع سنين اخرى، نحتاج الى الكثير الذي تأخرنا عن انجازه، في السنوات الاربع التي مرت، في المرة القادمة ستكون الصورة اوضح وادق ولن ترى هذه الوجوه التي تعبث بمصائرنا، اذا احسنا الاختيار) .. انتهت الاخبار .. تلتها اغنية ٍمن التراث ( جي مالي والي ) انصت اليها كاظم ثم (صاح) بكلماتها وهو يدور بعربته في الزقاق المجاور .. ظل صوته يسمع الى حين حتى تلاشى.   كتب بتأريخ :  الأحد 23-05-2010     عدد القراء :  2166       عدد التعليقات : 0