زواج الاقارب هل تتم مقاطعته في السنوات القليلة القادمة؟ بقلم : سليمة قاسم العودة الى صفحة المقالات انتظرت تغريد بفارغ الصبر، انقضاء الاشهر التسعة، كي تضع مولودها الخامس، حيث تأكدت بعد اجراء اشعة (السونار) بأنه ذكر، خصوصاً انها كانت قد انجبت قبله اربع بنات. لكن فرحتها لم تكتمل، فبعد الولادة كان الطفل خاملاً، وقليل البكاء، حين عرضه ابوه على الطبيب، لأجراء التحاليل ثبت انه مصاب بضمور خلايا الدماغ، وهذا يعني انه سينشاً معاقاً ولا يستطيع الحركة. حين استفسرت امه عن اسباب اصابته بهذا المرض كان جواب الطبيب، بأن تلك الحالات كثيرة الحدوث عند زواج الاقارب، لذلك قطعت (تغريد) عهداً على نفسها الا تزوج بناتها من اقارب لهم، حتى لا يحدث لأولاد بناتها نفس الذي حدث لأبنها الوحيد. وانتظرت (سميرة) عشرة اعوام كاملة، لتنجب طفلة جميلة اسمتها (اسراء) لكن اطرافها كانت تميل الى الزرقة، لا تستعيد انفاسها عندما تبكي الا بعد فترة، وعندما عرضها ابواها على الطبيب، وتم اجراء الفحص الشعاعي والسريري تبين انها مصابة بقتحة في صمام القلب، ويتطلب اجراء عملية جراحية لها خارج البلاد. واصيب الطفل (رعد) بمرض جلدي يسمى مرض نهجت او الحزام الناري هو عبارة  عن طفح جلدي يصيب المنطقة السفلى من الجسم، حين استفسر ابوه عن السبب، جاءه الجواب أن المرض يحدث في زواج الاقارب. اما (فاطمة) فقد ارتعبت حين شعرت بآلام حادة تنتابها في منطقة الثدي، لأن اباها كان قد توفي نتيجة لأصابته بسرطان الندبة، فيما اصيبت امها بسرطان الكبد وحين راجعت الطبيب، كان السؤال الذي طرحه عليها هو تاريخ العائلة المرضي، فقد اثبتت التجارب الطبية الحديثة ان مرض السرطان هو مرض وراثي في العائلة. اننا الآن بصدد مشكلة حديثة النشوء قديمة الجذور. لكنها عرفت نتيجة التقدم العلمي لعلوم الوراثة في عصرنا الحاضر، وما صاحب ذلك التقدم من اكتشاف كثير من الحقائق العلمية لم تكن مفهومة في العصور الماضية. فزواج الاقارب مفضل بشكل كبير في المجتمعات العربية والشرقية، ولأسباب  متعددة منها رغبة الآباء  في  حصر الثروة داخل الاسرة، والمحافظة على دم الاسرة "نقياً" وعدم اختلاطه بدم الغرباء من وجهة نظرهم. لكن التقدم العلمي اظهر ان اكثر الامراض التي يعاني منها عامة الناس هي نتيجة للعامل الوراثي. دعونا نتعرف على العامل الوراثي من وجهة نظر طبية. فرحم المرأة يتكون من امشاج الذكر والانثى، تحمل تلك الامشاج العوامل الوراثية من كل من الام والاب، وهكذا تنتقل الصفات الوراثية من الآباء الى الابناء والاحفاد. ولا يتغير النظام الوراثي للانسان مهما حدث من طفرات وراثية، وان كان ذلك يغير بعض الصفات الخلقية، الا انه لا يغير مطلقاً النظام الوراثي في الخلية البشرية، والعوامل الوراثية في معظمها اما سائدة او متنحية: -                    العامل الوراثي السائد، له القدرة على الظهور والتعبير عن نفسه -                    العامل الوراثي المتنحي، ليست له القدرة على الظهور والتعبير عن نفسه الا اذا اجتمع مع عامل وراثي مماثل تماماَ، حينئذ تظهر الصفة الوراثية التي يحملانها معاً. وقد انقسم العلماء الى فريقين احدهما ضد زواج الاقارب، وهم يشهدون بآلاف الحالات المرضية لاطفال غير اصحاء ولدوا نتيجة لزواج الاقارب. في حين ان الفريق الآخر، الذي يشجع زواج الاقارب يدافع عن رأيه، بالادعاء زواج الاقارب يساعد في المحافظة على عوامل وراثية مرغوبة ليست موجودة لدى غيرها من الاسر، مثل صفات الجمال والذكاء والقوة او طول العمر. ان ظهور الكثير من الامراض والتشوهات الولادية التي ظهرت في البلد خصوصاً بعد سقوط النظام السابق، ليست ناجمة عن الزواج من اقرباء، بل نتيجة لأهمال الفحص الطبي لكشف الامراض الوراثية التي قد تصيب الاطفال حديثي الولادة. لذا ندعو وزارة الصحة الى التأكيد على اجراء  مثل تلك التحاليل  لتجنيب اطفالنا تلك الامراض، باعادة النظر في الزواج قبل عقده.   كتب بتأريخ :  الأحد 06-06-2010     عدد القراء :  2112       عدد التعليقات : 0