معرقلات... عوارض... في طريقي
بقلم : سهاد ناجي
العودة الى صفحة المقالات

بعد فترة فراق، التقينا صدفة، تبادلنا التحايا والقبل، لمعت عيناها. كلتاهما تذكرتا، لبرهة، الذي مضى من ذكرياتهما معاً.
كانتا تتشاركان هواية كتابة الرسائل الفكاهية الواحدة للاخرى، وبوقت واحد، سألتا:
كيف حالك؟ لماذا انت هنا؟ منذ متى؟ ثم ضحكتا!!
قالت الاولى لصديقتها: حدثيني عن احوالك؟ ما اسباب مجيئك الى هذا المكان؟ كأنني المح في الافق مراسلات فكاهية اخرى! لكن لمن هذه المرةّ؟
اجابتها: الا زلت تذكرين مشاكساتي لك عبر الرسائل! يا ليت يبقى الزمان كما كان او يعود!
تنهدت ثم واصلت: الامور اختلفت عن الماضي، الظرف الاقتصادي في الماضي، كان حاجزاً دون مواصلتي الدراسة وممارسة هواياتي في القراءة والكتابة. كان الحبس داخل جدران المنزل اجبارياً بسبب وضع اهلي الاقتصادي.
زوجوني في بيت أول طارق على بابي. وضعه الاقتصادي، لم يكن يختلف عن حال اهلي. لم يختلف حالي عن سابقه، بل الذي زاد وغطى، زيادة مسؤوليتي اتجاه اولادي الثلاثة، ومتطلباتهم اللانهائية. لهذا ترينني في وضع اسوأ، تضيق السبل امامي بايجاد حل لكل مشاكلي، اولها وضع المرأة ونظرة المجتمع لها بالاخص العاملة.
لذا وجدت عملاً في احدى الصحف كسبيل لمساعدة زوجي الفقير في مصاريف الاولاد والمنزل والعمل في هذا المجال هو نوع من العودة لهواياتي السابقة. لكن بكتابات جادة هازلة. أي ان هوايتي هي مورد رزقي الآن، سيما ان كتاباتي تخص المرأة ايضاً، لكن ليس كل شيء مسموعاً، لأن امام المرأة خطوطاً حمراء لا يمكن ان تتجاوزها، لأنني في بلد يعاني جملة مشاكل؛ (سقوط دكتاتورية دامت لمدة 35 عاماً).
سكني في منطقة ريفية، سببٌ آخر لمعاناتي الكتابة بقلم حر كي اجد نفسي، كأمرأة، في الكتابة، بعد سنوات ضياع.
اغمضت عيناها، اخذت نفساً طويلاً، وقالت: دعك مني انت كيف حالك؟
قلت: حالي كأية امرأة عاملة. اعاني ما اعاني من مشاكل. كنت سابقاً اكتب خفية، وكثيراً ما يمزق اوراقي اخي، الذي ينفذ اوامر ابي. شعارهم، عمل المرأة اسفاف وانحدار اخلاقي، على الفتاة المؤدبة ان لا تنزلق في هذه الهاوية. لتبقى داخل اسوار مجتمع ذكوري ينظر للمرأة نظرة دونية.
بعد زواجي برجل متعجرف تزوج عليّ، كنت كمن تدور في حلقة مفرغة، لا يحق لي الاعتراض، والثورة على قوانين تضطهدني وتنصف الأقوى مني، لا مناص لي من التحرر من قيده، الذي بات يخنقني.
القانون المدني بجانب الرجل. قد تتعرض المرأة للقتل لمجرد الشك وتحت غطاء غسل العار، مطلوب منها دائماً التضحية، والضحية هي المرأة. فلو تطورت القوانين المدنية لبلادنا لصالح المرأة، لوجدت فسحة امل لي. وربما وجدت عملاً يعينني، أجد به كينونتي كإنسان مستقل.
كثيراً ما اكتب لكن دون جدوى، اذ لابد من ان تمر بالرقيب (زوجي) لاتمكن من نشرها في الصحف.
نعم، الوضع الاقتصادي، الاعراف العشائرية، القانون المدني؛ معرقلات جدية في طريق المرأة نحو العمل، خدمة للبلد  وتطوره.
ما الذي تغير الآن وسابقاً؟ الحال نفسه، لا تغيير. فقط شعارات ولافتات ترفع هنا وهناك "المرأة نصف المجتمع"! لكنها تبقى شعارات، ورسومات على حائط مهترئ عفى عليه الزمن، تصدح به حناجر الساسة المحترمين والمرشحين المقبلين.
تستصرخ النسوة اخواتهن البرلمانيات في البرلمان القادم النظر (مجرد النظر ليس الا) لقضية المرأة، باعتبارها تشكل، فعلاً، نصف المجتمع، يخدم عملية بناء البلد وتطوره. مع دراسة مستفيضة لواقع المرأة في العراق وايجاد السبل الكفيلة الناجعة لعملية نهوض العنصر النسوي في عملية البناء والاعمار، لاهمية الاستقلال الاقتصادي للمرأة في القوانين المدنية، سيما ان الارهاب قد اخذ منها ما أخذ، فطابور (الارامل والمطلقات واليتامى) ما زال تحت الشمس بانتظار مظلة الرحمة لمساعدتهم. والمرأة الخريجة المتعلمة تعاني اسوة باخيها الرجل من البطالة.
فامهاتنا، اخواتنا، يلتمسن الانصاف من اخواتهن الجالسات على مقاعد البرلمان:
وإلى عمل قادم يخدم المرأة العراقية.

  كتب بتأريخ :  الأحد 06-06-2010     عدد القراء :  2194       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced