حرية الطفل والرسم والأساليب التربوية في التنشئة الصحيحة
بقلم : اعداد انتصار الميالي
العودة الى صفحة المقالات

الرسم وسيلة للتعبير يعرفها الطفل في مراحل نموه الأولى، فإذا أعطي الطفل ورقة وقلما، فأنه يقوم في الحال بعمل خطوط وشخبطات بطريقة ما،وهذه الخطوط تعبر عن شيء معين من وجهة نظره.
وفي الواقع، فأن الرسم كوسيلة للتعبير عن الطفل، يسير في خطوط متوازنة مع باقي وسائل التعبير عند الطفل وهي كاللغة واللعب وغيرها من الأساليب، والطفل يحاول باستعمال هذه الوسائل التعبيرية الثلاث،اللغة واللعب والرسم إن يصل إلى مستوى الكبار وان يسترعي انتباههم والطفل يعبر عن الصورة كما يراها وكما يتصورها وكما ترمز إليه من خلال ذاته فقد يرسم دائرة فإذا سألناه ماهو يقول انها الشمس، ومرة أخرى يقول انه وجه أمي.
ومرة ثالثة يقول انه البرتقالة وهكذا.
لقد وجد الباحثون صعوبة في عزل القدرات الأدبية عن قدرات الطفل الفنية حيث إن الطفل يستخدم الغناء وترديد الكلمات مع رسوماته وهو يدخل مجال التعبير الأدبي بعد ان يتعلم بشكل جيد حروف لغته ويتقن سماعها وتعلم جرسها. كثيرا مانشاهد أطفالنا يرسمون شخصيات يحبونها أو يتعلقون بها أو يمثلون ادوار الإبطال والشخصيات الراسخة في مخيلتهم، وكثيرا ما نلاحظ إن مخيلتهم تتسع لترسم أشياء مختلفة وتمثل ادوارا من نسج خيالهم وهنا تبرز الموهبة.
إذن- وكما ذكرنا فهناك توازن بين نمو وتطور استخدام اللغة والرسم عند الأطفال، حيث إن ذلك يمر بسبع مراحل نوجزها بما يلي (*):
* مرحلة الخطوط: وهي تقابل مرحلة الصراخ، وهي مرحلة تكاد تكون منعكسة أي فيها يقوم الطفل بحركات غير مقصودة ورسم شخبطات لاتوحي بشيء له، إنما هي تعبيرات غير واضحة.
* مرحلة الشخبطة: وهي تقابل مرحلة المناغاة، وهي تشمل مجموعة غير منظمة من الخطوط, لاتمثل أي شيء من وجهة نظرالطفل لكنها ربما توحي بأنه يريد إن يقول شيئاً.
* مرحلة الشخبطة "بالألوان": وهي تقابل مرحلة المناغاة التي تنطوي على شيء من القصد، وفيها يحاول الطفل إن يمثل المكان في الرسم ويرى بعض الباحثين ان الطفل يعبر عن حبه للتدريب والنظام في هذه المرحلة خلال الرسم، لذا نراه كثيرا مايفكر بالشخبطة والتي يقصد من ورائها لفت انتباه من حوله.
* مرحلة الرسم الرمزي: وهي تقابل مرحلة الكلمة الواحدة التي تقوم مقام الجملة الواحدة. فالطفل إلى سن 3-4 سنوات لايزال خاضعا لمركزية الذات، فهو لا يرسم ما يرى، بل مايعرفه عن الشيء وهو عاجز عن إدراك الحجم أو المنظور، فالصور التي يرسمها تتكون من إضافة صفات منفصلة بعضها إلى بعض بدون رابط منظم. لكنه يصر على إن هذه الرموز هي صور لبعض من يحبهم كالأبوين مثلا أو لبطل رواية قصتها عليه جدته.
* مرحلة الرسم الاجتماعي: ويمكن فيها تسمية وتشخيص الرسم، وهذه المرحلة توازي مرحلة الجملة المكونة من عدة كلمات، ثم الجملة المركبة حسب قواعد النحو. حيث نراه يرسم رجلا يمتطي حصانا أو حمامة في عشها، وهنا يعبر عن أشياء قريبة لنفسه أو يراها بمخيلته.
* مرحلة البيت الشفاف: حتى أربع سنوات، لا يهتم الطفل بالأنموذج الخارجي قد يرسم رأسا جانبيا على جسم مواجه أو جسما تحت الملابس وهذا مايسمى بالواقعية المنطقية.
*  في المرحلة السابعة "الواقعية": يهتم الطفل بالحياة الواقعية فيهتم بالأشخاص والحيوانات والأشياء المألوفة، وفي إمكانه أن يرسم من مخيلته القصص التي يسمعها أو يتخيلها. وهنا قد تبرز لدى الطفل موهبة الرسم التي يتوجب ان ينال حصته الكافية بممارستها وان يتم توجيهه تربويا لنرسخ في مخيلته صورا صورا تعبر عن القيم الإنسانية وعن الإخاء وعن حب الوالدين والأصدقاء والجيران والوطن، وكل هذا الأشياء مرتبطة بالتربية.
إن تربية أطفالنا هي من أهم الأمور الموكلة لنا، والتربية تبدأ بالمؤسسة الصغيرة "الأسرة" ومن ثم تكتمل بالمؤسسة التربوية "المدرسة".. وهي تعني مفاهيم وتوجيه سلوك. لذا يجب أن نترك مسألة تنشئة الأطفال عرضة للتأثيرات التي تخلقها الصدفة، أو التذرع بالحرية.
وفي ضوء ما يراه العلماء عن الحرية نجدها تتفرع إلى الحرية الاقتصادية التي تقي صاحبها شر التطفل والاتكالية وتعلمه الاعتماد على النفس وفق سلوك صحيح، والحرية الشخصية وهي مايتعلق بحرية الفرد في شؤونه الخاصة، والحرية الفكرية وتعني اختيار العقيدة والهدف والفلسفة الذاتية وحق إبداء الرأي وحرية المشاركة السياسية وإبداء الرأي السياسي والقيادة الجماعية، وحرية العمل لكسب العيش وتحقيق الذات وأخيرا الحرية من الخوف والقلق والغبن والضغط الاجتماعي، كل ذلك يعني ان للحرية ضوابط واقيسة محددة.
لذلك يجب إن نلجأ بدل الحرية- بمعناها التمويهي- إلى التخطيط لتربية أطفالنا بشكل دقيق، كما هو الحال في فروع النشاطات الأخرى، ووضع أساليب تربوية قيمة تضمن تنشئة صحيحة للأطفال.
من الأمور المهمة أيضا هو تعليم الأطفال وتعريفهم ببعض القيم كاحترام إرادتهم الشخصية واحترام رغبات الآخرين وعدم المشاكسة وتوعيتهم بمسؤولياتهم وواجباتهم بشكل مبسط، وهنا تظهر أهمية أدب روايات الأطفال قبل وبعد سن التعليم، كذلك الأمر في اختيار اللعب التي توسع مدارك الأطفال وتختبر ذكاءهم وتزيد من مداركهم على أن تكون اللعب التي يختارها الوالدين مفيدة وتزرع في نفس الطفل قيما سليمة.
كل هذه الأمور من شأنها ان تصنع من أطفالنا مبدعين في مجال الرسم، ذوي مواهب خلاقة قادرة على التعبير السليم من خلال لوحات طفولية هادفة وبالإمكان صقلها من خلال المؤسسة التربوية ودروس التربية الفنية التي تهملها مدارس وتهتم بها أخرى، حيث نلاحظ ان الفرق كبير بين مدرسة تعنى بالمواهب فتقيم المعارض الفنية التي من خلالها يتسابق التلاميذ لإبراز مواهبهم وامكانياتهم في فن الرسم والمجالات الفنية الأخرى، ومدارس تهمل هذا الدرس وتتركه لمواد دراسية أخرى وهنا نجد ان الأطفال سيفقدون مادة لها ابعاد تربوية كثيرة وتساعد في تنمية مدارك التلاميذ بطرق مبسطة ومحببة لديهم، فكيف إذا كانوا مبدعين؟!
كذلك نحن بحاجة إلى معلمين مختصين في هذا المجال وتربويين لديهم إدراك فني وانساني يساهمون في تربية الطفل والتلميذ وترسيخ كثير من المبادئ كالسلام والمحبة والإخاء والوحدة والأمل وحب الوالدين والآخرين وحب الوطن ونبذ العنف وحقوق الإنسان، لسنا بحاجة إلى تربويين يفكرون بالطائفية والتفرقة والتمييز.
نحن بحاجة إلى لوحة أجمل لغد أجمل، وعراق أبهى، ملونة بالحب والسلام والوحدة، يرسمها كل أطفال العراق...
(*) المصدر"أفكار في تربية الطفل"
للكاتب موسى زناد سهيل

  كتب بتأريخ :  الأحد 06-06-2010     عدد القراء :  2480       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced