ليلى الخفاجي وعلي الأديب ونظريات الاستبداد والمستبدين ..!
بقلم : جاسم المطير
العودة الى صفحة المقالات

منذ أكثر من شهرين نرى ونسمع كلام وخطب سياسية على نطاق واسع ضمن  (حركة باهرة) من التصريحات التلفزيونية والصحفية ، تصدر عن مجموعة من السياسيين الجدد ( أكثرهم من جماعة الإسلام السياسي ) يتناولون فيها كيفية اكتشاف مستقبل العملية السياسية . كل واحد من هذه المجموعات يعتقد ان هناك حلا واحدا فقط لإشكالية تشكيل الوزارة العراقية الجديدة وان هذا الحل هو ثمرة موجودة فقط  بين يديه .  بعض أشكال الحلول تكشف عن مصطلحات جديدة في  مفردات وعلوم السياسة  العراقية .

آخر تصريح  صحافي يتعلق بقضية البحث عن شخصية مناسبة لمنصب رئيس الوزراء هو الصادر عن عضوة الائتلاف الوطني (الشيعي) ليلى الخفاجي إذ حددت رؤيتها بمدلول اصطلاحي معين أرادت منه تطمين الحس الملتهب بين الحالمين من الشيعة بهذا المنصب فقد قالت  : ( إن تعدد مرشحي الائتلاف الوطني لمنصب رئاسة الوزراء يعد مصدر قوة وليس ضعفاً معربة عن اعتقادها بالتقدم للبرلمان بعدة مرشحين في حال عدم حسم الأمر بالتوافق.)

لكي تقنع ليلى الخفاجي قراءها بضرورة الاهتداء الى الدرب الوزاري الجديد  فقد أوضحت ا ( أن تعدد الكيانات والمرشحين لمنصب رئاسة الوزراء داخل الائتلاف الوطني من عناصر القوة وليس الضعف والدليل أننا نبحث عن آليات لحسم مسالة مرشح للمنصب وقد وضعت هذه الآلية داخل التحالف الذي يضم الوطني ودولة القانون ).

لم افهم من هذا التصريح ذي النزعة المزاجية المرتبطة بفهم ضبابي عن (القوة) و(الضعف)  من دون التركيز على (الحرية) وعلى (الاختيار) أو على (حرية الاختيار)  وفق قاعدة تستخدمها جميع الشركات الرأسمالية الناجحة وجميع الحكومات الديمقراطية  في العالم كله  أعني قاعدة:  (الرجل المناسب في المكان المناسب)  وليس وفقا لقاعدة انتخاب (الضبع الذي يجلس على كرسي السلطة)  باعتباره من عناصر القوة التي تبحث عنها ليلى الخفاجي . 

هنا أسأل هذا السؤال : أي دراما هذه التي تغفل فيها هذه القيادية في الائتلاف الوطني لمبادئ تقترب من الديمقراطية بمعنى من المعاني التي دعا رئيسه عمار الحكيم ، يوم أمس الأول ، بتصريح واضح موجه إلى السياسيين العراقيين الفائزين بالانتخابات أن ( يتنازلوا)  عن رغباتهم الشخصية من اجل مصالح الشعب ..؟ 

في شكل  ومضمون تصريح ليلى الخفاجي وجدتُ فيه تعارضا وتناقضا مع جملة من المعاني الجديدة والمختلفة التي تضمنتها تصريحات زعيمها عمار الحكيم ، الذي قدم نصحا إلى جميع السياسيين المتورطين في نزاعاتهم المتبادلة من اجل الحصول على منصب رئيس الوزراء ، بينما ظلت ليلى الخفاجي مترابطة دون وعي سياسي حواري ،  في إعلان (القوة) في تعددية المرشحين لهذا المنصب عبر (التصريح الصحفي الإنشائي) الذي يقربها من دون أن تدري إلى شيء من أشياء ( الوهم السياسي) بينما هي ، في الواقع ، تبتعد عن ابسط آليات الديمقراطية ، العامة والحزبية .

عن عدم الدراية نفسها قال علي الأديب القيادي في حزب الدعوة وفي كتلة دولة القانون :( أن مشكلة الائتلاف الوطني العراقي هي في تعدد الكيانات المشكلة له، الأمر الذي يحد من تقديمهم مرشح واحد للمنصب، وأنهم  في (دولة القانون) يسمعون من خلال وسائل الإعلام تقديم الوطني المرشحين هما عادل عبد المهدي وإبراهيم الجعفري على خلاف دولة القانون الذي حسم أمره بترشيح رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. ) . مما يشير إلى أن موقف  (قيادة حزب الدعوة) يحفز كل طاقاته من اجل أن لا يموج ماء البحر حول كرسي رئاسة الوزراء عن نوري المالكي .

هنا نجد نظريتين شيعيتين عن الترشيح لمنصب رئيس الوزراء  :  النظرية الأولى (نظرية ليلى الخفاجي) عن أهمية اجتياز كل طوق لتمهيد الطريق أمام تعددية المرشحين ،  بينما النظرية الثانية (نظرية علي الأديب) تنص على ضرورة المرشح الواحد .  أظن أن كلا من الأديب والخفاجي يعتقد أن نظريته هي الوردية. 

من الضروري القول أن قضية اختيار الأنسب للمناصب الحكومية لا تعتمد على وسيلة من الدوافع الذاتية أو التعامل مع الأزمة الوزارية من منطلق الاعتبار والتفكير الحزبيين  أو الطائفيين حيث تحتل (ميكافيلية الجر والعر ) المكان الأول في الصراعات والمفاوضات الوزارية المفتقرة إلى بلورة منهج ديمقراطي ناجح لدراسة آلية الاختيار، بالارتباط مع المسالة الديمقراطية و في مقدمتها تحديد دوافع اختيار الشخصية المناسبة للمنصب باعتماد الأغراض الأساسية ، التي يستطيع أن تقدمها لمصالح الوطن هذه الشخصية أو تلك .

المفروض أن (المنهج الديمقراطي) وليس غيره هو الذي يجب أن يشكل أولوية في جميع آليات اختيار مسئولي الحكومة(السلطة التنفيذية) وفق الكفاءة ، والمعارف التكنوقراطية ، ووفق القدرة العملية على تحقيق المطالب الوطنية بدلا من تضييع الأيام  والأسابيع  والشهور في سباق( الجر والعر)  . إن القيم والسلوكيات الديمقراطية يجب أن تعلمنا أن الصحافة البريطانية ما زالت حتى اليوم توجه انتقادات شديدة للمسئولين البريطانيين عن تخلف تشكيل الحكومة الأخيرة بمقدار 100 ساعة عن موعدها المحدد ، بينما المطلوب ، تقليديا ،  أن تتشكل خلال 48 ساعة بعد انتهاء الانتخابات . الفرق بين العراق الشرقي وبريطانيا الغرب هو أن الفكرة الأساسية في الصحافة البريطانية تقوم ضد الاستبداد بالرأي لمدة 100 ساعة ، بينما تقوم التصريحات الصحفية لمسئولين عراقيين مثل ليلى الخفاجي وعلي الاديب على نظرية ( الألفة مع استبداد الرأي إلى الأبد) مما يؤكد النظر إلى ( خلاصة سياسية ) مفادها أن رئيس الوزراء العراقي المرتقب هو الساعي وراء الخيال والجاه وجمع مزيد من المال ، بالعكس من كل رئيس وزراء أي دولة غربية نراه يسعى للبناء والعمل من اجل رفعة وطنه .

ليس من الصعب على الديمقراطي الحقيقي وعلى الوطني الحقيقي أن يعتمدا على الحوار الديمقراطي والوطني باعتباره قاعدة التعامل الفضلى والضرورية بين الأطراف السياسية المتنازعة من اجل المناصب ،  العليا والسيادية والراقية ، التي لا تريد أن تتخلى عن قواعد التسلط والهيمنة واحتكار السلطة والرأي والقرار،  مما يعيق مسار وحركة ودور روح المواطنة  في مسار تشكيل الدولة الوطنية الجديدة  ، وما تصريحات ليلى الخفاجي إلا نبعا من منابع مستمدة من (روح الاستبداد) في الحديث عن (القوة) في ضياع ٍ لإرادة الإصلاح والتجديد الوطنيين ، مكررة ً كلمات الإنشاء السياسي عن ( التراضي ) في الاختيار وعن بديل فشله في ( التصويت على    الاختيار ) مثلما هو رأي علي الاديب القائل : لا رئيس غير نوري المالكي .

إن تضييع المزيد من الوقت في البحث عن (تعديل) كلمات أو (تشويه) مصطلحات ، سياسية وانتخابية ،  وغيرها ،  لا يؤدي إلى حلول سريعة ومباشرة ، بل يؤدي إلى تفرع الكثير من نصوص وحلول (فقهاء جدد)  لا تحقق القفز فوق مصاعب الحكم وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة . كل الفقهاء الجدد لا يفعلون شيئا غير نقل العراق من عصر الديمقراطية والشعوب الحرة إلى عصور صدر الإسلام وربما الى عصر الصراع بين الخليفتين العباسيتين  ، الأمين والمأمون ..!

ترى متى  تنمو الديمقراطية العراقية بهدوء أمام الكثير من القضايا السياسية غير المحسومة ، حتى الآن ، رغم مرور سبعة أعوام من التمحيص في الآليات الديمقراطية المجردة ..؟

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 08-06-2010     عدد القراء :  2021       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced