يا لهذا"الصبر الجميل”!
بقلم : رضا الظاهر
العودة الى صفحة المقالات

أمام الكاميرات، حيث التصريحات الصخّابة بشأن مصلحة الوطن وحقوق الناس، يمارسون تبويس اللحى، وخلف الكواليس، حيث يغيم الوطن ويغيب الناس، يمارسون الصراع على المغانم. أما في دخيلة أنفسهم فالله وحده يعلم ما الذي يمارسون ! ومما يثير السخط أن عدداً من السياسيين "المتنفذين" يدافعون عن "الماراثون" المحاصصاتي، متذرعين بـ "الصبر الجميل" على المكاره، على الرغم من اعترافهم بما يثيره من سخط متعاظم، بينما تتواصل التصريحات المتناقضة حتى بين أعضاء الكتلة أو القائمة النيابية الواحدة، وهو تناقض اعتاد عليه الناس منذ بداية "التحرير" باعتباره تجسيداً لثقافة سائدة بين النخب السياسية المعزولة عن الناس والواقع، والتي لا ترى سوى ما تريد رؤيته من مشاهد، والاستحواذ عليه من نفوذ. فنحن الآن في الشهر الرابع وما يزال "الكبار" مولعين بلعبتهم التي يقامرون فيها بمصير العملية السياسية، بل البلاد بأسرها. فقد بدت جلسة الأسبوع الماضي البرلمانية البروتوكولية صورة للمأساة العراقية، حيث كل شيء خاضع لقانون الصراع على الامتيازات. وكشفت الجلسة الأولى المفتوحة، التي أحاطتها أجواء ساخنة بسبب التدهور الأمني، وكانت آخر تجلياته عملية اقتحام البنك المركزي ذات الدلالات الخطيرة، كشفت عن أن المشاورات المسبقة لتهيئة طبخة تشكيل الحكومة لم تنضج بعد، بينما تستمر حالة الاستعصاء، ويتزايد التوتر والتهديد، وتتصاعد مساعي تسقيط الآخرين وتشويه صورهم. وبوسع المرء، بالتالي، رؤية حقيقة أننا مازلنا بعيدين عن إنجاز هذه المهمة، وأن الأزمة مرشحة لأن تكون مديدة، طالما أن إدارة الصراع تتم بطريقة خاطئة، مستندة الى المحاصصات التي ابتكرها "المحررون" واستمرأها "المقررون"، فترسخت كنهج في تقاسم السلطة، على الرغم من كل مزاعم المتنفذين بأنهم ضد المحاصصة. وفي هذا السياق يرى محللون أن ثمة دلائل غير قليلة على أن حالة الاحتقان السياسي السائدة في البلاد يمكن، إذا ما استطالت، أن تؤدي الى ما لا تحمد عقباه. وإذا كان شكل الصراع بين "الكبار" يتخذ عنوان استقتال على منصب "رئيس الوزراء"، فان محتوى هذا الصراع يتعلق بنهج كل كتلة وامتيازاتها ومصالحها المرتبطة بأجندة اقليمية. ويكشف واقع الصراع المرير، بما يؤدي اليه من شلل في المؤسسات التشريعية والتنفيذية، عن أن كل قائمة تسعى، في اطار التدافع بالمناكب والتهافت على المغانم، الى تخريب وتفتيت الكتل والقوائم المنافسة. ومعلوم أن الانتخابات، حيث تجلت مفارقة منح ملايين أصواتهم لمن يغيّب هذه الأصوات ويصادر الارادة ويستهين بالمعاناة، جرت على خلفية صراع على السلطة وسط وعود زائفة كسابقاتها، وسلوك إعادة انتاج الأزمة الناجمة عن نهج المحاصصة والاستحواذ. وتجسدت هذه الخلفية، من بين أمور أخرى، في قانون الانتخابات الجائر، الذي أصرت عليه القوى المتنفذة لاقصاء "الآخرين"، وراحت، هي ذاتها، تشكو منه لاحقاً. وليس مجانبة للحقيقة القول إن حصيلة الانتخابات لن تحقق تغيرات جوهرية، بل شكلية، وغير ذات تأثير كبير على طبيعة الصراع ووجهة التطور الاجتماعي. ومما يزيد من تعقيد الأزمة أنه لا يراد لطبخة تشكيل الحكومة أن تنضج على نار عراقية، فهناك نيران اقليمية تساهم في إشعالها قوى سياسية لا تتحرج من تدخل دول أخرى في شأننا وسلبها إرادة شعبنا، وتسخيرها المال والاعلام لتحقيق مآربها. ويتعين أن لا تغيب عن البال حقائق مريرة في واقعنا المأساوي، متمثلة في الخراب العميم الناجم عن حروب الدكتاتورية واستبدادها وتركة الاحتلال والتدخلات الخارجية التي حولت بلادنا الى ساحة لصراع مصالح قوى اقليمية ودولية. هذا ناهيكم عن الارهاب والجريمة المنظمة والفساد والبطالة وغياب الخدمات الأساسية وسوى ذلك من كوارث ناجمة عن عقل المحاصصات وواقع التخلف الذي يسعى متنفذون الى إعادة انتاجه. ومن المؤكد أن الخروج من الأزمة يمر عبر بوابة التخلي عن الاستحواذ، وكسر أغلال عبودية المحاصصات، وهجر المصالح الضيقة لصالح مصائر البلاد ومستقبلها. وفي اللحظة التاريخية الملموسة يتمثل الحل الواقعي الممكن في إقامة حكومة وحدة وطنية على أساس برنامج وطني ديمقراطي، تستند الى معايير المواطنة والكفاءة، وتسعى الى استكمال السيادة الوطنية، والشروع باعادة إعمار حقيقية للبلاد، مادياً وروحياً، وتكريس كل الطاقات من أجل خير الانسان. * * * أمام حزبنا مهمات جليلة تتمثل في تأكيدنا على موقفنا الواضح الداعي الى الاسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتوجه، على نحو عاجل ومدروس، الى استيعاب معاناة الملايين المريرة ومعالجة الملفات المستعصية، واستعادة ثقة الناس بالقوى السياسية، وهي ثقة اهتزت غير مرة بسبب تخلي المتنفذين عن وعودهم وانغمارهم في صراع امتيازاتهم. ويكتسب النضال اليومي المطلبي الواقعي أهمية استثنائية في تحفيز الناس على الكفاح من أجل حقوقهم. وبوسع منظماتنا أن تمارس دوراً متصاعد التأثير في هذا الشأن عندما يكون رفاقنا وسط الناس وفي طليعتهم، وعندما يربطون النضال اليومي بالأهداف البعيدة في سياق متناغم. إن مشاعر سخط تتعاظم في ظل الأزمة الراهنة المتفاقمة، وليس أمامنا سوى استثمار هذه المشاعر، وخوض التحدي من أجل خلق تيار حركة شعبية حقيقية يأخذ فيها الملايين قضاياهم بأيديهم!.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 21-06-2010     عدد القراء :  1976       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced