لبنان: المحكمة الدولية الخاصة من جديد..!
بقلم : باقر الفضلي
العودة الى صفحة المقالات

من جديد يطرح على بساط الساحة السياسية اللبنانية ملف المحكمة الدولية المتعلق  بكشف أسرار عملية إغتيال الشهيد الرئيس اللبناني رفيق الحريري، ليثير ضجة من الأخذ والرد والتجاذب، ومن الإتهامات والإتهامات المعاكسة بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين، وكأن لبنان ينقصها ما فيها من إشكاليات السياسة، ومن تداعيات وعواقب الحروب الداخلية الأهلية والدولية، وكأن جريمة إغتيال الرئيس الحريري وجملة السياسيين الآخرين صرعى مسلسل جرائم الإغتيال السياسي، لم تك جزء من كل ذلك، أو كأن لبنان بعيد عن رصد ومراقبة الطامعين من خارج الحدود أو ممن يسترق السمع والنظر من بين العابثين بأمنه والمتعطشين لخيراته والمدنسين لترابه..!!


فما هي إلا أشهر معدودات بعد أن تجاوز لبنان شرور الأزمة التي كادت أن تعصف به وبإستقلاله المهدد، وبعد أن تمكن من الوصول الى حالة السلم الإجتماعي والإستقرار النسبيين، وأن يخوض إنتخابات وطنية ناجحة، ويشكل حكومة الوفاق الوطني، وبقيادة الأغلبية الإنتخابية، ويشرع في بناء المؤسسات الجديدة للدولة، إلا وتدهمه حملة ضارية من الهجوم الشديد والمركز على هيئة المحكمة الدولية الخاصة، المتعلقة بالنظر في كشف ملابسات قضية إغتيال الشهيد رفيق الحريري وباقي مسلسل الضحايا، والمشكلة بموجب القرار الدولي/1757 الصادر من قبل مجلس الأمن الدولي في 30/5/2007، لتغرقها بوابل من التهم الإفتراضية، المبنية هي الأخرى على قاعدة من الإفتراض السياسي، بالتدخل الإسرائيلي في شؤون المحكمة الداخلية، كل ذلك بالإرتباط بتوقع غير محدد المعالم، عن إحتمالية إصدار المحكمة المذكورة لقرار ضني قد يوجه أصابع الإتهام الى أفراد ينتسبون في علاقتهم الى أحد الأطراف السياسية اللبنانية الفاعلة، في الساحة السياسية، والمقصود به (حزب الله) طبقاً لمثيري الحملة المذكورة..!!؟


ليس غريباً أن تتدخل إسرائيل، ما وسعها ذلك، وطبقاً  لوسائلها الخاصة، في الشؤون العامة والخاصة لكل ما يتعلق بأمور ذات صلة بشأن (حزب الله) ولدى أي جهة كانت، دولية أو إقليمية أو حتى محلية، إسرائيلية أم لبنانية، عامة كانت أو شخصية، فهذا ديدنها الدائم، وهو من صلب نشاطاتها الإستخباراتية،  وتلك بدهية لا تحتاج الى برهان، فالكل يعلم بما فيهم حزب الله نفسه، ما يمثله الحزب بالنسبة لدولة إسرائيل، فهي وفي أفضل الحالات، تصنفه على قائمة "الإرهاب"، وبالتالي  فعنصر الإتهام جاهز إفتراضياً دون الحاجة للبحث عن الدليل..!؟


ولكن الغريب في الأمر أن يجري الإفتراض بإتهام هيئة دولية مشكلة من قضاة دوليين وبقرار من الشرعية الدولية، مثل (المحكمة الدولية الخاصة بلبنان)، ودون دليل ملموس أو محسوس، بخضوعها وتلبسها بالإنجرار للضغط الإسرائيلي، ودون معرفة الدوافع ولا حتى المزايا التي قد تحققها هيئة المحكمة من وراء ذلك، إنما هو في الحقيقة، وهذا ما يدعمه واقع الحال، لا يرقى عن كونه مجرد إتهام إفتراضي، غير واضح في أسبابه، يفتقر لأساسه الحقوقي والقانوني وحتى المادي، ولا يصمد أمام الجدل الموضوعي، خاصة إذا ما علم المرء، بأن الإتهام ينصب على قراءة إستباقية لقرار ضني لم يظهر للواقع حتى اليوم..!!؟


الأكثر غرابة من الناحية القانونية؛ أن جهة "الإتهام" هنا، وهي (حزب الله)، لم تك هي أو أحد أعضاء الحزب، من أطراف القضية المنظورة أمام المحكمة الآن..! أما على صعيد آخر، فإن الدوافع السياسية وكما يبدو، وهذا ما كشفته جملة التصريحات والتصريحات المضادة التي أدلى بها رجالات الحزب وقادته الى وسائل الإعلام منذ أسبوع من تأريخ أول إعلان من الحزب للإتهام، هي من تقف وراء إتهام المحكمة الدولية الخاصة وهذا ما يتحمل الكثير من التأويل والتحليل ولسنا بصدد ذلك فالصحافة العربية والدولية ناهيك عن المحلية قد أشبعت الأمر بحثا..!؟


خلاصة ما يمكن قوله؛ أن تسليط الضوء على المحكمة الدولية الخاصة وإتهامها بالتحيز للجانب الإسرائيلي، والإفتراض سلفاً بأن قرارات المحكمة ستأتي متجاوبة مع ما يبتغيه ذلك الجانب، وبأن النتيجة ستتمحور حول (حزب الله)، وخلط هذه الورقة مع قضية الكشف عن ملابسات جريمة الإغتيال، ستظل جميعها تدور في إطار حلقة ذات أبعاد سياسية، لا تخدم كثيراً مصالح إستقرار لبنان ووحدته الوطنية وسلمه الإجتماعي، ناهيك عما فيها من عوامل ضعضعة لذلك الإستقرار، خاصة بعد أن تناولت الإتهامات فصائل سياسية أخرى ذات شأن في الحياة السياسية اللبنانية، وتمثل الجانب الذي ينظر بموضوعية الى دور المحكمة الدولية بشأن تحقيق العدالة، بإعتبار أن: [["القضية مبدئية وهي التزام وطني بحماية مجريات العدالة، نتعاطى معها بروح المسؤولية،"]](**) على حد قول السيد سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني..!!

  كتب بتأريخ :  السبت 24-07-2010     عدد القراء :  1952       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced