الدعاية والإعلام
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

الدعاية عمل مشروع ومطلوب في بعض الاحيان وقد تختلف اغراض الدعاية واساليبها وصورها ومضامينها 0 كذلك يختلف مروجوها والقائمين عليها فقد يمارسها شخص حقيقي او اشخاص معنوية كالمؤسسات  والشركات  للترويج  عن  اهداف ومصالح ذاتية انسانية او نفعية 00 فقد لاتجد مؤسسة او شركة الا ولها مكاتب اعلان للدعاية عما تزاوله من نشاط وهو امر طبيعي واعتيادي لاغبار عليه وحق مشروع يمارس في كل مكان 00 ولكن هناك وسائل اعلام لاتروج لبضاعة او تدافع  عن فكرة او تبشر لمعتقد  اوتعلن عن اختراع او ابتكار وانما تقام وتؤسس من قبل انظمة حكم للترويج لها وتلميع صورها امام شعبها او العالم اجمع وقد كان لهذه المؤسسات دورها المهم في جميع عصور التاريخ ولكن اتخذت انماطا واشكال مختلفة بحسب ما توفر في تلك العصور من وسائل كما اتضح لنا ان وسائل الدعاية هذه قد تكثفت ونشطت في الانظمة الفاشية المستبدة الظالمة اكثر منها في الانظمة الديمقراطية 0 فلكل فعل رد فعل ففي مثل هذه الانظمة المتعسفة تبرز معارضات شديدة ضدها فيكون من الضروري جدا لهذه الانظمة من تسخير اجهزتها الاعلامية للرد على تلك الجهات المعارضة التي تحاول ان تظهر واقع ظلم واستبداد هذه الانظمة الفاشية باظهار صور جميلة تخالف ماتحاول ان تبرزه المعارضة وهكذا يشتد الصراع بين السلطة والمعارضة كل منها تحاول النيل بالاخرى وبما ان امكانيات الحكومات وقدراتها على الصرف على مثل هذه المؤسسات كبيرة جدا وان المعارضة في معظم الاحوال تكون شحيحة الموارد وكثيرا ما تعمل من خلال المنافي وفي دول اخرى فلا بد لها من تمويل كي تتمكن  من مواجهة وسائل الاعلام الحكومية المتعددة والوفيرة الاموال فان هذه المعارضة تحاول الاتجاه الى الجهات المناوئة لحكوماتهم لدعمهم في توفير الاموال اللازمة لادامة زخم التصدي وقد يؤدي في كثير من الاحيان ان تضطر هذه المعارضة للالتزام بنهج وسياسة تلك الجهة او الدولة حتى لو كانت تختلف معها ايدلوجيا او فكريا او عقائديا 0 فقد تتخلى عنها ولو موقتا كي تضمن دعم تلك الدولة لها وكثيرا ما تقع هذه المعارضة في مطبات خطيرة نتيجة هذا التحالف او الارتماء في احضان تلك الدول فقد تتصالح تلك الدولة مع الدولة التي تنتمي اليها المعارضة فتصبح المعارضة مكشوفة دون غطاء بل وكثيرا ما تصبح هذه المعارضة  ضحية  ويسلم  اعضاءها الى حكوماتهم فتقتص منهم وتعاقبهم اشد عقاب00 وقد حدث مثل هذا من الشواهد في التاريخ القريب 0                                               

والاعلام على اية حال له وجوه وصور عديدة وقد تتغير وفق الزمان والمكان ففي العصور القديمة كان الاعلام يقتصر على المنادين والالواح والجداريات والرقم الطينية  فكان المنادي وهو مستخدم حكومي يتجول في الاسواق ليعلن امرا سلطانيا او خبرا مفرحا او مكرمة  حيث يصيح ( الحاظر يعلم الغائب ) فينتقل الخبر من شخص الى اخر حتى ينتشر الخبر بين الجميع او تلصق الرقم على الجدران فيطلع عليها الناس وقد لعبت المساجد والكنائس ودور العبادة الاخرى دورا مهما وفعالا لما لهذه الاماكن من قدسية عند الناس جميعا وان معظمهم كان ومازال يؤموها للصلاة فيستمعون الى الخطباء وما يطرحونه من خلال خطبهم من مديح للزعيم او السلطان اوالخليفة  ولكن مع ذلك  فلم يكن كل الناس يهتمون بكل تلك الاخبار حيث كان الجهل سائدا والفقر عاما شاملا00  كل منشغل بهمه والبحث عن وسيلة رزقه فلم يكن يهمهم ما يقوله او يامر به السلطان 00 اما اليوم فقد اختلف الامر واصبح للدعاية تاثيرها الفعال  وتنوعت مفاصلها بظهور هذه الوسائل المتطورة من الفضائيات والانترنيت واضحت الدعاية تدخل كل بيت ويطلع على فحواها الكبير والصغير فيعم تاثيرها كل قطاعات الشعب 0والدعاية نوعان – داخلية وخارجية000

وقد فرق البعض بين الدعاية والاعلام فاعتبر الدعاية هي القول او التصرف بالمدح او الذم  اما الاعلام فهو العرض لما هو موجود سلبا او ايجا با مهما كان هذا الاعلام خاصا تابع للمجتمعات المدنية  او كان حكوميا تابعا للسلطة بكافة ادواته المسموعة او المقروءة او المرئية لذا يجب ان يكون حياديا غير متحيز ولكن هذا الامر من الصعب ان يتحقق فمهما حاولت وسائل الاعلام ان  تكون محايدة لكنك ستجد ومن خلال ماتستشفه مما تقدمه من برامج انحيازها لجهة او رأي مهما ادعت بتمسكها بالحيادية فالاعلام بجميع صوره يديرونه بشر لهم مشاعرهم وعواطفهم التي لا يمكن ان يتجردوا منها وهذه سمة جميع مؤسسات الاعلام في العالم اضافة لما يلعبه المال من تاثير على معظم هذه الوسائل وكذلك التبعية لها تاثيرها في توجيه الاعلام فجميع الذين يديرون وسائل الاعلام هم اما موظفون في الدوائر الاعلامية الحكومية او الخاصة او معتمدون في اصداراتهم على جهة معينة لا يمكن معارضتها او الكتابة في غير توجهاتها فالاعلام يستحيل ان يكون محا يدا في كل زمان ومكان فهو يلتزم جانب الذم اذا اقتضت مصلحة الجهة التي يرتبط بها  او يكون مادحا اذا اقتضى العكس ذلك اما الدعاية فنجدها في اغلب الاحوال تلتزم المديح للشركة التابعة لها او للمنتج الذي تصنعه او تنتجه او للمشاريع التي تقوم بها وحتى اذا ارادت ذم الشركات المنافسة لها فانما تفعل ذلك بشكل خفي وبالتنويه الذي لايجعلها تحت طائلة المسؤولية القانونية 0  وكان قد سميت الصحافة  بالسلطة الرابعة بسبب حجمها الكبير في التاثير على عقول الناس وقد اختصت هذه التسمية بالصحافة حينما لم يكن غير الصحافة وسيلة اعلام حقيقية فلم يكن في ذلك الوقت التلفزيون ولا الفضائيات ولا الانترنت وهي كلها يجب ان تعتبر من ضمن السلطة الرابعة فلم تعد الصحافة كافية في عصرنا هذا كي تؤدي دورا اعلاميا قويا بقدر ما تؤدية الفضائيات التي تدخل كل البيوت مجانا  فيشاهدها  ويستمع  اليها  حتى الامي وما اكثر الجهلة والاميين في عصرنا هذا

وقد تنوعت وتعددت اغراض الاعلام فلم تعد تقتصر على المدح والذم كما كانت في العهود السابقة بل لقد اضحى الاعلام موسوعة هذا العصر فلقد اضحى فيه كل ما يخطر على بال او ما تشتهيه الانفس وفي كافة شؤون العلم والمعرفة وفي جميع نشاطات الحياة من دون استثناء بل حتى الحروب فقد لعب الاعلام خلالها ادوارا اساسية في كسب التاييد الشعبي للحكومات وشحذ همم المقاتلين وعلى العكس فهي تبث الاحباط  في نفوس الاعداء وتضعف معنوياتهم 00 فلم تعد الجيوش واسلحتها  الفتاكة هي التي تحسم الحروب بين الدول المتخاصمة او في الصراعات الداخلية التي تحدث بين الحكومة واطراف متمردة داخل الدول 00 فالاعلام المناويء يؤثر في شعوب الدول ويحطم معنوياتها ويجعلها تنهار وتخسر الحرب أو على العكس فان الاعلام الوطني النشط الفعال الذي يمكنه ان يقوي المعنويات  في  النفوس  ويعمل على  خلق  النصر0 بل تجده في بعض الاحيان يحول الهزيمة الى نصر فيستطيع باساليبه الخبيثة الماكرة ان يقنع الملايين من ابناء الشعب بقلب الحقائق وتغيير المواقف فالدعاية  والاعلام اصبحا من اعقد واهم العلوم التي اسست لها الجامعات المختصة لتدريس هذه العلوم  لاهميتها الدولية اضافة لاهميتها الداخلية في السيطرة على الشعب  وتجميل صور الحكام والحكومات امامه لكسب تاييده و رضاه عنهم 00 وعليه فقد اضحى هناك جبهتان من الاعلام اعلام الدولة والذي يجند له الالاف من الكتاب والادباء والشعراء والمفكرين لدعم وجهة نظر الحكومة وسياستها وترصد لها المبالغ الطائلة لتحقيق هذا الدعم والتمجيد بتلك الحكومات وبالمقابل فان اعلام المعارضة يحاول ان يحشد ويظم اليه الكثير من الفئات المتواجدة في المنافي  المناؤئة مما هربوا من انظمتهم لاسباب تكون في معظم الاحيان ليست وطنية فقد تظم اللصوص والمجرمين مما نافسوا انظمتهم في سرقة المال العام او تعرضوا لممتلكاتهم الخاصة فغضبت عليهم انظمتهم واضطروا للهرب والارتماء باحضان دول اخرى مدعين الوطنية مهاجمين سلطات بلدانهم وهم في الحقيقة كانوا جزء من انظمتهم التى هربوا منها ليكونوا معارضين لها فيستغلون وسائل الاعلام المتاحة لهم للتهجم على بلدانهم فيستمع لهم الناس ويصدقونهم  وبذلك يكون اعلام الطرفين اعلام كاذب ومشعوذ وبعيد عن الحقيقة والواقع فانك لم تعد تجد في الوقت الحاضر اعلام محايد ومستقيم ونزيه فالكل تكذب وتشعوذ والشعب يصدق  بما يتفق واهوائه ومواقفه فالذين مع الانظمة يستمعون الى من يؤيد ويدعم الانظمة من وسائل الاعلام والناس الذين يعانون من انظمتهم يستمعون ويشاهدون الاعلام الذي يعارض تلك الانظنة  ووسائل الاعلام حتى لو اظهرت بعض السلبيات او اظهرت مشاهد من معانات الشعب فهي تظهره ليس شفقة على الظلومين وانما نكاية وتشهيرا بالحكام والسلطة فللاسف الشديد ان معظم وسائل الاعلام تتاجر بحياة الناس ومئاسيهم ومشاكلهم ومعاناتهم فقد شح المخلصون وانعدمت الضمائر والحديث ذو شجون وليس كل ما يعلم يمكن ان يقال فالاعلام اضحى وسيبلة تخريب للذمم وضاع المخلصون في خضم هذا الاجيج والضجيج الاعلامي خاصة في انفاق العالم الثالث او مايدعى بالعالم النامي الذي لايمكن ان يكون له غير اسم واحد هو العالم المتخلف المظلم  الذي  سوف يبقى متخلفا والغرب يتقدم يوما بعد يوم 00 وكل مانستطيع ان نفعله تجاه هذا الغرب المتطور هو شتمه دون ان نعمل على مجاراته في ميدان العلم والمعرفة ولكننا تقدمنا عليه فقط في شيء واحد هو في الاعلام الذي لاتجد فيه كلمة حق واحدة  0 فهل نقرأ على الدنيا السلام ام لازال هناك بصيص من امل 00!!!       

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 31-08-2010     عدد القراء :  2446       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced