موجة صقيع تجتاح العراق وتشعل أسعار النفط الأبيض
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 22-01-2012
 
   
فيما انخفضت درجة الحرارة الى ثلاث درجات مئوية تحت الصفر مطلع الاسبوع الجاري، اصطف الرجال والنساء من مختلف الاعمار منذ ساعات الصباح الباكر ليومي الجمعة والسبت الماضيين في طوابير طويلة يرتعشون من البرد امام محطات تعبئة الوقود، للحصول على حصصهم من مادة النفط الأبيض.

جواد كاظم الذي ينتظر عطلة نهاية الاسبوع بفارغ الصبر للاسترخاء وقضاء الوقت مع عائلته، لم يهنأ بعطلته هذه، فهو يقف ضمن طابور بشري طويل امام محطة تعبئة الوقود في منطقة الكسرة، لتسلم حصته من النفط الابيض التي يؤكد انها تنفد بعد اقل من اسبوعين.
وقال في حديث لـ"المدى": ازماتنا لا تنتهي وضحيتها المواطن العراقي دائما، منذ نحو الساعتين وانا اقف هنا بانتظار تسلم حصتي من النفط.
كاظم في منتصف عقده السابع من العمر، وهو اب لولدين وخمس بنات، اكبرهم علي متزوج ولديه ولد وبنت، ويسكن معهم المنزل نفسه، وهو ما يضيف 50 لترا من النفط الابيض لهاتين العائلتين المكونتين من 13 فردا، الا انها كمية لا تكفي سوى اسبوعين في احسن الاحوال، بحسب ما اكد رب الاسرة.
وذكر انه يضطر الى شراء النفط من الباعة المتجولين بأربعة اضعاف السعر الرسمي، اذ يبلغ سعر الـ50 لترا 30 الف دينار، مبينا انه خلال الاسبوع الماضي قبل اطلاق البطاقة الوقودية رقم 9، نفد النفط لديهم ولم يكن لدى الباعة المتجولين في منطقته كميات اضافية سوى امرأة "استغلت الامر ابشع استغلال اذ رفعت سعر اللتر الواحد الى 1000 دينار"، على حد قوله.
وبالرغم من تراجع ازمة المحروقات بشكل ملحوظ، والتي كانت حتى وقت قريب احدى منغصات العائلة العراقية، الا ان الـ50 لترا المخصصة من وزارة النفط لكل عائلة طوال الشهر، وعدم الالتزام بمواعيد توزيعها يعيد الى الذاكرة طوابير المواطنين التي كانت تصطف امام محطات الوقود.
وبتقسيم الـ50 لترا على ايام الشهر، تبلغ حصة كل عائلة من النفط الابيض لترا ونصف اللتر في اليوم الواحد، وهي كمية لا تكفي لتشغيل المدافئ النفطية لاكثر من ساعتين في احسن الاحوال.
وهذا ما اثار امتعاض ابي علي، اذ اعرب في حديثه لـ"المدى" عن انزعاجه الشديد مما اسماه "الظلم والاجحاف بحق المواطن واسرافا من المسؤولين"، على حد تعبيره.
ابو علي والذي على ما يبدو ما زال غير مصدق ان النظام السابق ازيل عن سدة الحكم وما من داع للخوف من الافصاح عن اسمه الصريح، فضل ذكر كنيته لكونه موظفا بوزارة النفط وكان مسؤول احدى محطات تعبئة الوقود قبل اشهر.
قال: "من غير المعقول ان تخصص للعائلة حصة لا تزيد على اللتر ونصف اللتر في اليوم من النفط الابيض، في حين ان درجات الحرارة على الاقل خلال هذه الايام انخفضت تحت الصفر المئوي"، متسائلا "هل يقنع اي مسؤول في الدولة بهذه الحصة، ام ان رواتبهم المهولة تجعلهم في حل من معاناة المواطن الذي بات الفريسة الاسهل لباعة النفط المتجولين".
واضاف ابو علي: "عائلتي صغيرة، ليس لي سوى ولد واحد وهو متزوج ولديه طفل في عامه الثاني، لكنني خلال الشهر الماضي اشتريت 100 لتر بسعر 60 الف دينار اضافة الى 50 لترا ساعدني بها زميل لي مسؤول احدى محطات تعبئة الوقود".
وتابع بالقول: "ربما يكون وضعي افضل بكثير من اغلب العوائل، فهناك من ليس لديه امكانية شراء النفط التجاري، وهناك عوائل كبيرة لا تكفيها هذه الحصة سوى ايام معدودة، فماذا يفعلون باقي ايام الشهر؟". واشار ابو علي الى ان المشكلة التي تواجه عائلته تتمثل بالطفل، موضحا "انا وزوجتي وابني وزوجته بإمكاننا تحمل البرد او على الاقل نحتمي منه بالملابس السميكة او الاغطية، لكن ماذا نفعل لحفيدي، هل نقيده الى السرير".
تساؤل ابي علي، اجاب عنه المواطن ياسين مهدي قائلا: "اواجه مشكلة كبيرة مع اطفالي الاربعة، فثلاثة منهم يستطيعون السير والرابع رضيع، ولا ادري ماذا افعل معهم لاقنعهم بعدم مغادرة الشقة"، لافتا الى انه يسكن في شقة في عمارة سكنية تمتاز بفضاء واسع في كل طابق اعتاد الاطفال على اللعب فيه.
واوضح مهدي في حديثه لـ"المدى"، انه فرد في عائلة كبيرة مكونة من ستة ذكور ومثلهم من الاناث بمختلف الاعمار، مضيفا "المشكلة ان بيت العائلة على الطراز القديم يتوسطه (حوش) ما يجعل من تدفئة الغرف امرا صعبا، حتى ان شقيقاتي لا يستطعن الاختلاء في غرفتهن عند اشتداد البرد، اذ لا يمكن الاسراف بتشغيل مدفئتين في الوقت نفسه".
وفي محاولة يائسة لاتقاء موجة البرد التي تجتاح البلاد، يعول غالبية المواطنين على الخمسين لترا من النفط الابيض التي خصصتها وزارة النفط لكل عائلة والتي لا تكفي سوى ايام معدودات، ليقعوا باقي ايام الشهر فريسة لجشع باعة النفط المتجولين.
هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي قالت على لسان مسؤول المجموعة الرابعة فيها محمد حسن ان البلد يشهد هذه الأيام موجة برد تنخفض فيها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، جراء تأثر البلاد بمنخفض جوي قادم من سيبيريا.
واوضح في تصريح لـ"إذاعة العراق الحر"، أن العراق تأثر بمنخفض حراري قادم من سيبيريا يحمل كتلة هوائية باردة وجافة تستمر ثلاثة ايام، مبينا ان درجة الحرارة الصغرى وصلت في بغداد يوم السبت إلى ثلاث درجات مئوية تحت الصفر، فيما بلغت درجة الحرارة العظمى 10 درجات مئوية.
ومع تردي واقع الطاقة الكهربائية الذي يزداد ترديا كلما دعت الحاجة اليه سواء عند ارتفاع درجات الحرارة او انخفاضها، يبدو ان المواطنين باتوا لقمة سائغة بين فكيّ الانواء الجوية من جهة وباعة النفط المتجولين واصحاب المولدات الاهلية جهة اخرى، وضحية لوزارتي النفط والكهرباء اللتين لم تضعا حلولا لازمة الوقود والطاقة.
ويصف المواطن سعد علي من اهالي مدينة الشعب معاناته من موجة البرد الذي ضربت العراق قائلا: "اشعر بالالم عندما اسير في الشارع، فالهواء ليس باردا فقط بل انه اشبه بصفعة تنزل على أذنيّ".
علي الذي يحمل شهادة بكالوريوس علوم حاسبات، واضاف في حديثه لـ"المدى"، ان موجة البرد هذه وشحة النفط الابيض وتردي واقع التيار الكهرباء يستفز الاعصاب، مشيرا الى انه بدأ يفكر بالهجرة خارج البلاد، معللا السبب "لم احصل على وظيفة منذ خمس سنوات، ولا ارى لي مستقبل هنا، ومع انعدام الخدمات في مختلف القطاعات، لا ابالغ اذا قلت ان الطبيعة والساسة يتآمرون علينا، اذا ما الداعي للبقاء".
المدى/ احمد حسين

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced