طريق الشعب: 8 شباط يوم أسود في ذاكرة العراقيين
نشر بواسطة: Adminstrator
الخميس 07-02-2013
 
   
خمسون عاما مرت منذ دخل القطار الامريكي المشبوه عراقنا صبيحة تلك الجمعة المروعة، وهو يقل في عرباته المجنزرة قادة البعث العفلقي وحلفاءهم، ممن ناصبوا ثورة الرابع عشر من تموز وقادتها الوطنيين العداء، واستثارتهم منجزاتها ونهجها الوطني الديمقراطي وانحيازها لفقراء العراق وعموم ابنائه ولتطلعاتهم نحو مستقبل مشرق جديد لبلادهم، بعد ان نفضوا عن انفسهم ثوب الذل والتبعية في ثورة الشعب والجيش المجيدة صبيحة الرابع عشر من تموز 1958.
واذا كنا نحن الشيوعيين العراقيين الضحية الاولى والمباشرة لذلك الانقلاب الاسود، جراء الثمن الباهظ الذي دفعناه دما وتضحيات وسجنا وملاحقات لعشرات الالاف من اعضاء الحزب واصدقائه، فان العراق من اقصاه الى اقصاه وبكل مكوناته وفئاته، وبما كان يعنيه من تطور وتقدم واعد وكفاءات علمية وبشرية مدنية وعسكرية، كان هو الضحية الاكبر لتلك المؤامرة السوداء، مؤامرة نسجت خيوطها خلف الحدود ووراء المحيطات، وطبخ طبقها في دهاليز دول عربية واقليمية مجاورة، وعبئ البعثيون الشوفينيون وحلفاؤهم من قوى الردة الذين تضررت مصالحهم بسبب ثورة تموز، وكل اعداء الديمقراطية والحرية الذين تجمعوا تحت الراية المهترئة "يا اعداء الشيوعية اتحدوا"، لتنفيذ تلك الجريمة البشعة، التي لم تشهد البلاد مثيلا لها منذ ايام هولاكو وجنكيز خان.
ودعا الانقلابيون في بيانهم المشؤوم، البيان رقم 13 سيئ الصيت، الذي اصدره حاكمهم العسكري، الى قتل الشيوعيين وابادتهم! واطلق العنان لقطعان الحرس القومي الفاشي في عموم مدن العراق لتمارس القتل والنهب والاعتداء على حرمات المواطنين وانتهاك كراماتهم.
لقد اغرق الانقلابيون شوارع البلاد وسجونها ومعتقلاتها بدماء وآلام وأنات عشرات الآلاف من خيرة بنات وابناء شعبنا، من قادة حزبنا الشيوعي العراقي ورفاقه واصدقائه وحلفائه، ومن وطنيين ديمقراطيين ومستقلين شرفاء، وجرى تحويل مدارس وملاعب رياضية ومبان حكومية كثيرة في اجزاء واسعة من البلاد الى سجون ومعتقلات لتستوعب تلك الاعداد الهائلة من المعتقلين والسجناء الابرياء، الذين لا ذنب لهم سوى حبهم لشعبهم ووطنهم واستعدادهم للتضحية من اجلهما.
نصف قرن مضى على الردة السوداء في 8 شباط، تلك الجريمة الشنيعة التي شكلت عملية اجهاض واسعة لافاق تطور اجتماعي اقتصادي عمراني سياسي شامل وواعد، دشنته بلادنا بعد الرابع عشر من تموز، وقصمت تلك الردة الفاشية ظهر العراق جراء ما لحق البلاد من خسارة للالاف من خيرة ابنائها وكوادرها من سياسيين ومثقفين وعسكريين ونقابيين ورجال علم واكاديميين وباحثين وكفاءات طبية وهندسية وتقنية وحقوقية وغيرها، بين شهيد وسجين ومطارد ومشرد ومفقود، ولا تزال بلادنا حتى اليوم تدفع الثمن الباهظ الذي كلفها اياه ذلك الخراب المريع، خصوصا وان البعثيين عادوا مجددا الى السلطة بعد سنوات من تلك الصفحة السوداء، واكملوا في عهد المقبور صدام حسين ما لم تسعفهم فترة حكمهم القصيرة الاولى على تحقيقه كاملا.
لقد اظهر البعثيون وحلفاؤهم في انقلابهم الدموي ذاك، مدى حقدهم على كل ماهو خير واصيل ونزيه في ارض الرافدين، وسجلوا ريادتهم وتفوقهم، وبامتياز، في ادخال مفاهيم وقيم وسلوكيات القتل وسفك الدماء وانتهاك الحرمات والتصفيات الجسدية في التعامل مع خصومهم السياسيين، وادخلهم التاريخ جراء تلك الريادة من اوسع ابوابه في سجله المخزي الاسود.
اليوم ونحن نستذكر بأسى وحزن عميقين احداث 8 شباط 1963، الدامية وطيوف شهدائه وضحاياه الخالدين، وصور البطولة النادرة التي سجلوها في مواجهة الجلادين، حري بنا، وبلادنا تمر في واحدة من اعقد ازماتها السياسية والاجتماعية في السنوات الأخيرة، ان نستعيد شيئا من دروسها.
ان غياب الديمقراطية الحقيقية والتعددية السياسية والحزبية والحياة الدستورية الصحيحة، والتجاوز على الحريات العامة، والميل للانفراد بالسلطة، وتهميش الآخرين من القوى الوطنية الحية واغفال تضحياتها، والاستهانة برأي الجماهير الشعبية، ان هذا كله كفيل بخلق انسب الاجواء والظروف للانقضاض على الثورات والمنجزات مهما كانت كبيرة وعميقة.
ان وحدة الشعب الوطنية وتراص صفوف قواه المؤمنة بحياة ديمقراطية دستورية حقيقية في ظل نظام مدني ديمقراطي اتحادي يضمن حقوقا متساوية لجميع العراقيين على اختلاف قومياتهم واديانهم وطوائفهم، هي ضمانة قطع الطريق امام المحاولات الشريرة التي تستهدف البلاد ومصالح الشعب العليا.
ان الثورات والتغييرات الاجتماعية الكبرى لاتحميها سوى الجماهير الشعبية الواعية، المعبأة خلف الثورة وشعاراتها ومنجزاتها الشعبية.
ان التعامل مع الدول الاخرى من موقع الشريك الثانوي والاستقواء بها في دوامة الخلافات والصراعات الداخلية، مقابل الخضوع لمشيئة تلك الدول وارادتها وابداء الاستعداد لتنفيذ مشاريعها الخبيثة على حساب المصالح الوطنية العليا للشعب والوطن، لن يقود البلاد الا الى الخراب والتهلكة، مثلما قاد انقلاب شباط الاسود العراق قبل نصف قرن.
ان لا بديل عن الحلول السلمية والحوار السياسي لحل المعضلات الناشئة بين القوى السياسية الوطنية مهما بدت كبيرة ومعقدة، وبعكس ذلك فان الاحتراب والتلويح باللجوء الى العنف والانقلابات العسكرية لن يقود الا الى صفحة جديدة سوداء على غرار انقلاب 8 شباط الاسود.
ان المسيرة السياسية الجديدة في الانفتاح على جمهرة البعثيين السابقين ممن لم تتلطخ اياديهم بدماء العراقيين، وممن قطعوا صلاتهم بالماضي الاسود للبعث الصدامي وجسدوا ذلك بسلوكهم العملي الايجابي خلال السنوات الاخيرة، بقدر ما هي مهمة، فان قادة النظام الجديد مدعوون الى الاستفادة من اخطاء قادة ثورة 14 تموز وإبداء يقظة عالية لمنع تسلل العناصر المشبوهة والانتهازية والفاسدة الى مفاصل اساسية في الدولة والحكومة، كي نجنب شعبنا ووطننا شباطا اسود جديدا.
لقد ترك البعثيون في فترتي حكمهم الاسود تاريخا مريعا ومروعا، ولا بد لهم ان يقدموا اعترافات كاملة بجناياتهم في حق الشعب العراقي وتاريخ العراق، وان يعتذروا للشعب عما اقترفوه بحقه، وعليهم ان يدركوا ان من  لم يحاكمه الشعب منهم، سوف يحاكمه التاريخ وتلاحقه لعنته.
أخيرا.. وإذْ نحيي للسنة الخمسين على التوالي ذكرى ضحايا الانقلاب الدموي المشؤوم في 8 شباط، نكرر دعوة الحكومة والبرلمان الى انصاف اولئك الضحايا وعوائلهم، ونكرر المطالبة بشمولهم بالقوانين ذاتها، التي شُرّعت في السنوات الماضية لتعويض ضحايا النظام الصدامي المقبور منذ سنة 1968.
انه واجب وطني وإنساني بامتياز!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "طريق الشعب" ص 1
الخميس 7/ 2/ 2013

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced