التشكيلي محمد ناجي: ترجمت مرحلة الاعتقال الى لون ولوحة
حاوره : قاسم المعموري
لم تكن دهاليز السجون المظلمة وسياط سجانيها عنوانا واحدا لشريحة من الشرائح المتنوعة للمجتمع العراقي وهي تعاني اعنف وسائل الاضطهاد للحريات الشخصية وإسكات رأيها فالكلمة شعرا كانت أم نثرا واللوحة والصورة بل حتى الموسيقى والغناء وبقية الفنون أذا لم تترجم مفاهيمها وأفكارها إلى الأنظمة الدكتاتورية البائدة فهذا له معنى واحد بأنك دخلت في دوامة معارضتك للنظام وعدم قناعتك به فتبدأ الطامة الكبرى من الاعتقالات للفنان الذي رسم وكتب وصور وعزف تلك الأعمال الفنية....
لقد لعبت الصدفة دورا بلقائي الفنان التشكيلي محمد ناجي عندما شاهدته جالسا قرب احد الأعمال الفنية في كلية الفنون الجميلة ... وبعد التعارف سألته ماذا كنت تتأمل؟ صراحة هو ليس تأمل أكثر مما هو الرجوع إلى ذكريات أليمة يعود تاريخها لعام 1987 عندما كنت طالبا في المرحلة الثالثة قسم الفنون التشكيلية /فرع الرسم حيث تم اعتقالي وسجني بتهمة الانتماء إلى احد الأحزاب السياسية بالإضافة إلى تهمتي بسب وشتم النظام المباد.
< ان حديثك هذا يدفعني إلى فتح ملف الفنانين الذين سجنوا بالتهم التي ذكرتها أو بغير ذلك هل لك أن تحدثني عن تلك المرحلة الصعبة التي مر بها الفنان ؟
- حقيقة الفنان وقبل كل شيء هو إنسان مميز بعواطفه وأحاسيسه عن الناس الآخرين لذلك المعاناة تكون اشد قسوة وهو يتلقى أبشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي... ولكن رغم تلك الظروف كان حديثنا لايبتعد عن الحوار بقضايا الفن المختلفة ، بل تعدت أفكارنا إلى جلب أدوات الرسم من فرشاة وألوان وأوراق وإدخالها إلى السجن عن طريق المواجهة من قبل أهلنا وأصدقائنا.
< ماذا رسمتم حين توفرت تلك الأدوات؟
- تصور أن الأشياء التي أردنا رسمها هي للممارسات الوحشية التي نتعرض لها يوميا ولكن واجهنا صعوبات بتجسيد هذه الممارسات من خلال لوحات فنية ولكن !! عيون التجسس المزروعة بيننا والمراقبة الشديدة حيث يتعرض كل فنان يجدون لديه مثل هذه اللوحات إلى اشد انواع التعذيب .
< أذن لننتقل إلى المرحلة الحالية من حياتكم ... كيف وظف الفنانون السياسيون اختزالاتهم الفنية المتراكمة التي أشرتم إليها؟
- لقد عملت أنا ومجموعة من زملائي الفنانين معارضا تشكيلية عن طريق مؤسسة السجناء السياسيين التي نعمل بها كموظفين إعلاميين ... وكان ابرز هذه المعارض هو معرض السجين السياسي الذي أقيم على قاعة المسرح الوطني في الشهر الرابع 2009 وضم 42 لوحة تشكيلية و3 إعمال نحتية لـ 6 فنانين من السجناء السياسيين ... اعقبه معرض مماثل في الشهر التاسع .. أقيم على قاعة مجلس النواب ...وحضر هذين المعرضين عدد كبير من الفنانين التشكيلين والأدباء والنقاد بالإضافة إلى المسؤولين والسفراء العرب والأجانب .. جسدت الأعمال واقع المعاناة من اضطهاد وتعسف لتلك الفترة المظلمة .. وبفخر أقولها للتاريخ أن فنانينا ترجموا مراحل الاعتقال إلى ألوان ولوحات فنية ذات طابع تعبيري متعدد الأساليب ومن مختلف المدارس التشكيلية ... وهذه الأعمال أصبحت شاهدا على تلك المرحلة السوداء لكي لاتمحى من الذاكرة .
< ما مشاريعكم القادمة ؟
- في النية أقامة مشروع فني كبير يضم مختلف الأعمال الفنية ، وهو قيد الدراسة والنقاش وبعد الانتهاء من اقامة المعرض في العراق سنقوم بنقله إلى بقية دول العالم ... وهناك عرض مقدم من سفير جمهورية جيكوسلوفاكية بنقل هذه الأعمال الى بلدهم .
محمد ناجي في سطور
- بكالوريوس كلية الفنون الجميلة / فرع الرسم.
- له (3) معارض شخصية.
- حاليا موظف في مؤسسة السجناء السياسيين.
- إعلامي.
مرات القراءة: 2599 - التعليقات: 0
نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ،
يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث
المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ
ارشفة السجون فنياً
