أطفال العراق.. الشريحة الأكثر تضرراً من الاحتلال
نشر بواسطة: Adminstrator
السبت 28-11-2009
 
   
بغداد ـ أحمد عراق – البيان
ليس سهلا الحديث عن الطفولة في العراق، وعن لجوء عشرات، وربما مئات الآلاف، من الأطفال إلى العمل الشاق، بما في ذلك «الاستجداء»، أو البحث في مكبّات النفايات عن شيء يمكن أن يؤكل، أو يباع بأرخص الاثمان، في بلد يعدّ من بين أغنى بلاد العالم.
وتشكل ظاهرة عمالة الأطفال مشكلة حقيقية يعاني منها المجتمع العراقي، وتقف عائقا أمام التنمية، فضلا عن الآثار الاجتماعية والنفسية التي تخلفها، والتي تلحق بالأطفال نتيجة حرمانهم من عيش طفولة سعيدة، أسوة بأقرانهم في بقية البلدان.
وتُفاقم مشكلة عمالة الأطفال، زيادة أعداد الأرامل، والترمل المستمر في المجتمع، دليل على عمق هذه المأساة وحجمها، إذ أشارت إحصائيات بهذا الصدد إلى وجود 3 ـ 4 ملايين أرملة في العراق، ما يؤشر الأعداد الكبيرة للأطفال الذين يعانون من الحرمان، ومن العيش الكريم، والنزوح نحو العمالة في الشوارع.
وحسب الكاتب والباحث أياد الدليمي، أن الأرقام المعلنة، وغير المعلنة، في عراق ما بعد الاحتلال، تصيب المرء بالدهشة والذهول، وحتى الإحباط، والشعور بلا جدوى الأشياء، ولعل من بين أكثر الأشياء اللافتة في تلك الأرقام، هو وجود ما بين 4 ـ 5,4 مليون طفل عراقي يتيم، يعيشون في كنف بلد تمزقه الصراعات والانفجارات وغياب الأمن وغياب الرعاية، ناهيك عن عدم وجود أدنى اهتمام بهذه الشريحة.
«إن أكثر من ربع تعداد الشعب العراقي، هم من الأيتام والأرامل.. وهذه الحقيقة وحدها تعد اكبر إدانة للاحتلال، والحكومات المتعاقبة في ظله».
ويرى الباحث الدليمي إن هؤلاء الأطفال الأيتام «شعب كامل، يصلحون أن يكونوا نواة دولة، إنهم الشريحة التي ستكون مستقبل العراق المقبل، الشريحة التي سيخرج منها ـ أو هكذا يفترض ـ أطباء ومهندسون وإعلاميون، وساسة العراق القادم، ولكن نظرة واقعية لعراق اليوم تؤكد أن عددا كبيرا من هؤلاء لن يجد له حتى فرصة للتعليم، في ظل غياب الأب والمعيل، واضطرار الآلاف من هؤلاء الأيتام إلى دخول سوق العمل ـ على شحه ـ في العراق المحتل».
ويوافق هذا الرأي العديد من الباحثين، الذين يعتبرون أن من أكبر سيئات الاحتلال هي هذه الأرقام المخيفة لعدد الأيتام، الذين تتلقف الكثيرين منهم جماعات الجريمة وعصابات القتل التي تعيش أوج عطائها منذ غزو العراق واحتلاله.
وقد أعلنت الحكومة العراقية، على لسان الناطق باسمها علي الدباغ أن عدد الأطفال الأيتام في العراق يفوق قدرات حكومته، في محاولة منها للتملص من التبعية القانونية والإنسانية والاجتماعية، في البلد الغني بوارداته النفطية، وبنهريه العظيمين، إضافة إلى مسؤولية دولة الاحتلال، بكل إمكانياتها «التدميرية» الضخمة.
وعلى الرغم من التفشي المريع للبطالة في العراق، بسبب حل الكثير من دوائر الدولة، وإيقاف عمل المؤسسات الإنتاجية، وشح الكهرباء والمحروقات، فقد اظهر مسح ميداني أن هناك أكثر من مليون طفل يعملون، في مهن متواضعة جدا، ولساعات طويلة.

طلب الرزق
ويقول الطفل احمد جبار إنه مضطر للعمل في مطعم لإعالة عائلته النازحة من مناطق التوتر، والتي لا تملك أي مصدر للرزق، وهو المعيل الوحيد لعائلته. أما الطفل اسعد علي فقد ترك المدرسة بسبب العمل لإعالة عائلته، وهو المعيل الوحيد، بعد موت والده في أحد التفجيرات.
ولا يتجاوز عمر الصبي حسين علي ثماني سنوات، وهو يبدأ يومه منذ السادسة صباحاً وينتهي في التاسعة مساءً، لا ليذهب إلى المدرسة كأقرانه، وإنما يقف ليبيع الحمّص المسلوق (اللبلبي)، ويقول: «أسكن حي طارق في أطراف بغداد وأجيء يومياً إلى منطقة الكرادة لأبيع قدر (اللبلبي) الذي أعده في احد الكراجات القريبة من المكان، أما العربة فأضعها أيضا في نفس الكراج.. تركت المدرسة وأنا في الصف الثاني الابتدائي، بسبب الحالة المادية الصعبة لعائلتي، فاضطررت لمساعدة والدي في توفير المعيشة لعائلتي المتكونة من خمسة أولاد، أنا أكبرهم.. أتمنى العودة إلى المدرسة، ولكن لو تركت العمل يوماً واحداً فلن يجد إخوتي ووالدتي ما يأكلون».
ولحد الآن، لم يتم وضع أي مشروع عملي يعتمد على آليات قانونية لمعالجة ظاهرة عمالة الأطفال، ما أسهم أيضا في شيوع الحالة، واستهتار أصحاب العمل وتشويه هذا العالم الجميل، إذ انتهكت محرماته وقدسيته وجماليته، ولم تحرك صور اليتامى والمرضى والمعاقين وجامعي النفايات والعاملين في بيع الحاجات بالشوارع نوازع الخير لاتخاذ إجراءات بهذا الصدد، علما أن العراق كان من أول الدول التي صادقت على الاتفاقيات الدولية لحقوق الأطفال.

مقترحات وتوصيات
وفي هذا الصدد وضعت منظمة اليونيسيف جملة من المقترحات والتوصيات، أهمها:
ـ إيجاد قاعدة معلومات إحصائية دقيقة توضح أعداد الأطفال الذين يعملون خارج السن القانونية، واهم البؤر الجاذبة، والمناطق التي فيها أعداد كبيرة في ضوء الكثافة السكانية.
ـ دراسة شاملة لأسباب ترك الأطفال للدراسة وانخراطهم في العمل، وما هي العوامل المحفزة لذلك، وتبويب تلك الأسباب حسب الأولويات وعوامل الجذب القوية.
ـ تأسيس إطار قانوني من خلال تشريع القوانين للقضاء على عمل الأطفال، وإجراء التعديلات على القوانين العقابية لتدرج فيها تدابير قانونية أشد، تتفق مع تصديق العراق للاتفاقيات والقوانين الدولية التي دخلت حيز التنفيذ، وان يترجم هذا التعديل لكي يوفر أسسا لإجراء الشكوى والتحقيقات، ويوفر التعويض القانوني للضحايا ويفرض العقوبات على المنتهكين للقانون.
ـ اعتماد برامج إعلامية شاملة توضح خطورة تشغيل الأطفال واستغلالهم والأمراض والإصابات التي يتعرضون إليها، والتنبيه لخطورة هذا الوضع.
ـ وضع برامج زمنية لاستئصال أسوأ أنواع عمل الأطفال، وتوضيح ما تعكسه التنمية الاقتصادية الاجتماعية والتأهيل والعمل على مساعدة أولياء أمور الأطفال ماديا وعدم السماح لعودة آخرين إلى سوق العمل من خلال الحد من ظاهرة الفقر.
ـ توفير الخدمات الأساسية للأطفال وأسرهم وعد ذلك من واجبات الدولة، وتخصيص ميزانيات مناسبة للضمان الاجتماعي والصحي، وتحفيز الإعانات الاجتماعية ورعاية الأمهات العاملات. وتفعيل نظام الحماية الاجتماعية لأسر الأطفال وتأمين الموارد الكافية لإعالتهم ومنعهم من التسرب وممارسة العمل خارج البيت ووضع خطط لإشاعة المشاريع التنموية الخاصة لرفع مستويات الأسر عديمة الدخل. ورعاية الأطفال الفقراء في المدارس بتفعيل مشاريع التغذية والإعانات والتأهيل ورعايتهم ببرامج تنموية.
وتبني برامج توعية شاملة تشارك فيها أطراف عديدة منها الإعلام وكل المنظمات الإنسانية، تؤشر المخاطر التي تواجه الأطفال في حالة زجهم مبكرا في العمل، وتنبيه كل الأطراف بضرورة الإسهام بصيغة أو بأخرى للحد من هذه الممارسات التي تسيء لعالم الطفولة.

استغاثة
وبعد أن اعتذرت الحكومة، وأعربت عن عدم توفر الإمكانيات لديها، لمعالجة الوضع المأساوي، فإن أطفال العراق اليوم بحاجة إلى وقفة دولية يمكن لها أن تنتشلهم من واقعهم المرير، فلقد تخلى عنهم الجميع، وهم اليوم في أمس الحاجة إلى يد حانية، يد تعيد لهم بعضا من براءتهم التي فقدت عبر سنوات من القتل والتدمير التي جلبها الاحتلال الأميركي للعراق.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced