هموم المغتربات العراقيات على مسارح لندن
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 17-12-2010
 
   
ابتسام يوسف الطاهر

تعتبر لندن مدينة المسارح، لاسيما مركزها الذي تجد في كل شارع منه هناك أكثر من قاعة مسرح، فلم يطغى بريق السينما ولا النوادي على هيبة المسرح وعشق الناس له. فكل القاعات ترى مقاعدها تغص بالحضور بالرغم من أسعار التذاكر العالية التي أغلى بكثير من السينما. وهناك مسرحيات خاصة الموسيقية الغنائية منها، يتواصل عرضها لسنوات وعقود، فمسرحية القطط (cats) تواصل عرضها لأكثر من ثلاثون عام، ومسرحية (الأخوة بالدم) تعرض منذ أكثر من عشرون عاما ومازال عرضها متواصل! وغيرها الكثير من المسرحيات.
من على خشبة (مسرح سوهو) شاهدت مسرحية (قصص من شارع هارو). والتي قدمت بعدها بأيام على خشبة مسرح كوكبت ( (Cockpit Theatre. تستمد المسرحية شخوصها من شارع هارو وهو احد الشوارع المعروفة في لندن الذي يمتد عبر مساحات واسعة ويمر بأحياء تمتد من وسط لندن الى ضواحيها في الشمال الغربي. الذي يزدحم بالناس والقصص التي تخفيها الوجوه المتعددة الأشكال.
البطلة الأولى سكينة (بدرية التميمي) وابنتها ليلى (هارا يانس). مثلتا نماذج للمرأة العراقية المغتربة. سكينة امرأة عراقية قوية منحتها تجربتها في الغربة قوة وتحدي لكل المشاعر حتى العاطفية منها.. فهي تحاول ان تخفي عن ابنتها حقيقة ما جرى لها في العراق قبل الرحيل لكنها تنهار أمام إلحاح ابنتها لتحكي لها عن اختفاء زوجها أبو ليلى بعد ملاحقته من قبل رجال امن صدام لاختلافه عنهم بفكره السياسي.. واعتقالها هي في سجون صدام وتعرضها للتعذيب والاغتصاب.. تتمكن من الهرب فتتنقل بين الجزائر وبيروت واليمن حتى يستقر فيها الحال في لندن، فتنغمس في العمل وتربية ابنتها التي تتزوج وتنجب ابنها حسن.. لا نعرف عن أبو حسن غير إيحاء عن تركه للام الصغيرة لتربي ابنها لوحدها.
تبدع الممثلة بدرية التميمي بإداء دور سكينة المغتربة مع جيل الرحيل الأول الرهيب في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي. في سعيهم للعيش بكرامة بعيدا عن الخوف والرعب والاعتقال والقتل العبثي.. والذي توحي به دموعها، لتعبر في اداء رائع وصادق وبلغة انكليزية طليقة، عن همومنا نحن المغتربين. فانتزعت إعجاب ودموع الجمهور فكل منا وجدها تحكي عن تجربته هو.. عن خوفه هو.. وانتظاره للمجهول.
لعبت السيدة فيحاء السامرائي دور المرأة الضائعة في ذلك الزحام، التي لا تجيد غير لغتها الأم تبحث عمن يفهمها أو يفهم ما تريد، فلا تجد من يتوقف لسماعها غير فنانة مغتربة من بلد اوربي لا تفهم من كلامها شيئا، لكنها تستخدمها بفيلم صامت تشارك من خلاله في معرض للفنون الحديثة. ربما هي محنة المرأة العراقية في الغربة! أو محنة الإنسان المغترب الذي لا يجد من يفهمه، او محنة الجيل الذي ولد وعاش الغربة ومازال معلقا بين وطن يعيشه ووطن ينتظر رؤياه.
تقول المخرجة سوزانا غورمان (Suzanne Gorman) "ان فكرة المسرحية جاءت رغبة باكتشاف ما تخبأه وجوه الذين يكاد يبتعلهم زحام الشوارع في مدينة مثل لندن لاسيما وجوه المغتربين العرب والبنغال من التي قصصهم لا نجدها في معظم الأحيان على خشبة المسارح البريطانية.
"مسرح سوهو تبنى مشروع إشراك الأقليات لصياغة قصصا عاشوها أو اخترعوها او ربما قصص من الطفولة. في هذه المسرحية ركزنا على النساء اللاتي يعشن في منطقة بادنغتون في شارع هارو، ودعوناهن لورشة عمل لتبادل القصص والأفكار ولكتابة المشاهد أيضا. معظم النساء اللاتي قابلت من مختلف بلدان العالم كانت لندن المحطة الأخيرة لهن ليبدأن قصصا جديدة وحياة أخرى، وهذا ما عكسته المسرحية من قصص معاشة وأخرى مخبئة أو متخيلة".
من خلال تلك الإبداعات والمشاركة فيها نجد المرأة العراقية بالرغم من كل المحن والأوجاع والخيبات وكابوس القتل في العراق وإبعاده لأمل العودة، مازالت قوية وقادرة على العطاء بكافة المجالات. لاسيما في المجال الإعلامي والمسرحي لإيصال صوت العراقي للآخر الذي مازال يجهل الكثير عنا، فمعرفته لا تتعدى ما تنقله نشرات الأخبار من مشاهد قتل عبثي وبربري أو شوارع متعبة يغسلها دم الأبرياء حيث توأد أحلامهم وآمالهم.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced