روز اليوسف» من مشاكسة الإنكليز ... إلى «منشور حكومي»
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 10-01-2011
 
   
الحياة
«هادئة رقيقة تذوب خجلاً، ويحمر وجهها كلما سمعت كلمة ثناء... لكنها مع ذلك تصبح أعنف من العاصفة ويزلزل صوتها الناعم مكاتب المحررين وعنابر المطبعة من حولها إذا طرأ طارئ في العمل أو تعرض دولابه لبعض العثرات، فهي قوية إلى حد القسوة، وجريئة إلى حد التهور». بهذه الكلمات وصف الأديب الراحل إحسان عبدالقدوس والدته روز اليوسف، أحد رواد الصحافة الحديثة في مصر. دخلت عالم الصحافة بخمس جنيهات فقط لتطلق العدد الأول من المجلة التي تحمل اسمها في 26 تشرين الأول (أكتوبر) 1925. وبصدوره أصبحت «روزاليوسف» كما تقول عنها صاحبتها: «حقيقة واقعة... وكائناً حياً أحرص عليه... وأقسم على أن يعيش وينمو بأي ثمن».

أطفأت «روزاليوسف» شمعتها الـ 85 أخيراً. وكانت ولدت مجلة أسبوعية فنية أدبية مصورة، ووزعت غالبية أخبارها ومقالاتها في صفحاتها الـ 16 (فقط) عن المسرح والتمثيل إلى جانب قصة قصيرة مترجمة، إضافة إلى مواد أخرى مترجمة عن قصص تاريخية أوروبية أو مقتطفات من الصحف، ومقالات مصرية في النقد الفني.

وعلى رغم أن روز اليوسف، السيدة الآتية من شمال لبنان للعمل في المسرح والمجال الفني، لم تحمل شهادة مدرسية ولا مؤهلاً علمياً، فإنها خرّجت جيلاً كاملاً من الكتّاب السياسيين والصحافيين والأدباء مثل: عباس محمود العقاد، إحسان عبدالقدوس، يوسف السباعي، يوسف إدريس، عبدالرحمن الشرقاوي، فتحي غانم، كامل زهيري، صلاح حافظ وغيرهم. وبمرور الأيام انضم فرد جديد إلى مؤسسة «روز اليوسف» هي مجلة «صباح الخير» ثم العدد اليومي، فضلاً عن الموقع الإلكتروني.

وقامت المجلة على أكتاف روز اليوسف صاحبة الفكرة، ومحمد التابعي مؤسس مدرسة «روز اليوسف» الصحافية، ومصطفى وعلي أمين، مؤسسي «أخبار اليوم»... حتى أصبحت مؤسسة صحافية عملاقة تضم اليوم حوالى 800 موظف من محررين وإداريين وتقنيين وموظفين. ويوضح مساعد رئيس تحرير المجلة وليد طوغان أن «روز اليوسف» كانت وما زالت منبراً للتنوير، متجددة باستمرار، فضلاً عن انها كانت ماكينة لضخ نجوم الفكر في مصر، وليس نجوم صحافة فقط، أمثال الراحلين عبدالرحمن الشرقاوي ومصطفى محمود وأحمد بهاء الدين».

ويضيف: «ليست مجرد مجلة صحافية فقط، بل هي مجلة توجه وفكر بمعنى ان هناك ادارة للفكر والفلسفيات تحت غطاء صحافي، فهي صحافة التوجه أو فلسفة الصحافة. كما تبتعد من السطحية عند معالجة القضايا لأنها تقدم سلعة فكرية لا مجرد أخبار صحافية فقط».

اعتادت مؤسسة «روز اليوسف» على إعطاء الفرصة للمواهب الشابة ومنحهم راية القيادة، إما كمدراء او رؤساء تحرير، فضلاً عن قيادة الرأي العام والتمرد على المألوف. وهو ما يؤكده طوغان قائلاً: «يقف خلف المجلة حالياً حوالى 50 محرراً ومحررة من الشباب. وغالبية كتاب «روز اليوسف» قديماً كانوا من اليساريين، إذ كان ذلك التيار هو المسيطر على غالبية «الحركات التنويرية» في مصر، أي أنه لم يكن اليسار في اتجاه سلبي. وما زالت «روز اليوسف» حتى اليوم ضد التطرف الديني ومنبراً للفكر».

ويعزو طوغان تراجع توزيع المجلة في شكل حاد خلال السنوات الأخيرة إلى ازدياد عدد المطبوعات الصادرة حديثاً: «التوزيع لم ينخفض، لكن عدد القراء ثابت والصحف والمجلات تزداد. بالتالي ينقسم عدد القراء الثابت على عدد المطبوعات المتزايد». ويعتبر طوغان ان تبني أي مطبوعة صحافية توجهاً ما ليس عيباً او دليل إدانة، ويقول: «تحرص روز اليوسف عموماً على المعايير الصحافية وعدم الخروج عن أطر المهنة، مع الحرص على شرعية الدولة. إن كانت مجلتنا تعبر عن وجهة نظر الحزب الوطني، فهناك مطبوعات أخرى تعبر عن توجهات أخرى، ومع ذلك ينتقدون «روز اليوسف». مع العلم ان تبني رأي حزب أو تيار ما لا يعني تبني إلغاء التيار الآخر، لكن الاختيار يجب ان يكون نابعاً من اقتناع وعلى الآخرين محاسبة أنفسهم أولاً».

ويلفت طوغان الى ان رئيس تحرير «روز اليوسف» عبدالله كمال شخصية عامة، مؤكداً ان «ما يعرض المجلة غالباً للهجوم، هو تصوّر أن «روزاليوسف» ضد الدين وضد التقاليد، في حين انها تميل إلى عقلنة الأمور وتبني الفكر المتجدد، بعيداً من المنحرفين فكرياً. وهذا ما أهّلها طوال 85 سنة لقيادة مسيرة التنوير في المجتمع المصري».

وعلى رغم ان «روز اليوسف» انطلقت فنية، فإنها ما لبثت أن تحولت إلى السياسة في السنة الثالثة لصدورها. وخاضت صراعات ومواجهات مع الملك والإنكليز وصودرت مرات عدة منذ عام 1928، بسبب النهج الذي اختارته المجلة بالدفاع عن مصالح مصر، ما أدى إلى اصطدامها بحكومات كثيرة. كما أصدرت «روز اليوسف» جريدة يومية تحمل الاسم ذاته في 25 آذار (مارس) 1935، لكنها أغلقت لاحقاً إثر رفض الموزعين بيعها بسبب أزمة مؤسستها روز اليوسف مع حزب «الوفد».

ويرى الكاتب الصحافي جمال فهمي، عضو مجلس نقابة الصحافيين، ان مجلة «روز اليوسف» اليوم لا علاقة لها بمدرسة روز اليوسف العريقة من ناحية المهنية والاستقلالية والشجاعة في الطرح، مؤكداً ان السيدة التي اسست المجلة «كانت لتفضل الانتحار إذا رأت مجلتها على ما هي عليه الآن». ويقول فهمي: «تكاد «روز اليوسف» تكون اليوم منشوراً حكومياً، وهذا ما لم تعهده طوال تاريخها منذ نشأتها وحتى بعدتأميمها».

ويشدد فهمي على ان «روز اليوسف» كانت مدرسة رائدة في الصحافة الحديثة، إذ أدخلت فنوناً جديدة على الصحافة المصرية، خصوصاً ما يسمى بتحقيقات العمق». ويشير إلى أن اسم «روز اليوسف» كان يعني الصحافة الشابة المتحررة لتمتلك طوال سنوات مذاقاً وجاذبية خاصة عن بقية المطبوعات الصحافية». ويرى فهمي أن «الصحافة القومية تسير من سيئ إلى أسوأ، بعدما باتت تتناول الأمور بطريقة شخصية، وأضحت وسيلة للتشهير لمن يتعارض رأيه مع رأي الحكومة، ما أفقدها المهنية»، معتبراً ان «غالبية المواضيع المنشورة تتعارض مهنياً مع تاريخ المؤسسة العريقة». ويستنكر فهمي تبني «روز اليوسف» فكرَ الحزب الوطني «لكونها ليست صحيفة حزبية، بل قومية تملكها الدولة المصرية». فهي كما يقول الدستور المصري «تعكس اتجاهات الرأي العام وتبصره بالحقائق»، بحسب رأي فهمي.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced