الـ"توك توك" المتواضع ثلاثي العجلات صار رمزا لإنتفاضة العراق
نشر بواسطة: mod1
الأحد 10-11-2019
 
   
ديجيتال ميديا ان ار تي

سلط مقال في صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، على دور عربة الـ"توك توك" في التظاهرات الجارية بالعراق، وكيف أصبح سائقيها أبطالا ونجوما في نظر الشعب.

وجاء في المقال الذي نشر في عدد الصحيفة الصادر يوم، (1 تشرين الثاني 2019) إنها "عربة التوكتوك (قبالة سيارات اللاند كروزر) التي تحتل قلب إنتفاضة العراق، وواضح تماما أن التوكتوك المتهالكة تحوز قصب السبق حتى الآن".

وأضاف، انه "لطالما رأت كثرة من العراقيين في عربة التوكتوك المتواضعة (نظيرة عربة الريكاشا الهندية) وسيلة نقل للطبقات الكادحة بالمقارنة مع سيارات الأجرة الصفراء (التاكسي) الأكثر وجاهة وتكلفة مادية، وقد إقتصرت خدمات التوكتوك على الناس الأكثر فقرا في العاصمة بغداد؛ في حين إعتاد المنضوون إلى الطبقة السياسية العراقية فاحشة الثراء على التطواف في الشوارع العراقية وهم يتبخترون بسياراتهم الراقية غالية الثمن".

وتابع: "وعلى حين غرة، لم يعد في العراق مايمكنه أن يبز نجم سواق التوكتوك - هؤلاء الفتية النبلاء الشجعان الذين يخاطرون بحيواتهم وهم يندفعون وسط غيوم غازات مسيلات الدموع الخانقة ورشقات الرصاص لكي ينقذوا المحتجين المصابين وينقلوهم بالمجان للمستشفيات أو سيارات الإسعاف التي تعجز عن إقتحام أكداس الجموع المتظاهرة".

وبين، انه "أستشهد حتى الآن ماينوف على المائتين من المتظاهرين، وأصيب آلاف أخرى منهم في التظاهرات المناوئة للحكومة - تلك التظاهرات التي قدح شرارتها الفقر، والفساد المستشري، والبطالة، والخدمات العامة المتهالكة. سواق التوكتوك، الذين كانوا مركونين على هوامش الحياة قبل هذه التظاهرات، وكانوا تعبيرا رمزيا صارخا عن المدى الموغل في البشاعة الذي آلت إليه حياة معظم العراقيين، قفزوا إلى صدارة المشهد العراقي اليومي وصاروا أبطاله المتوجين، وهم الذين أبقوا على ديمومة روح الإنتفاضة العراقية بكل ماتحمله مفردة (الديمومة) من معنى حرفي مباشر".

وذكر المقال، ان "ثمة رسومات جدارية جديدة غزت العاصمة بغداد وتوجت الإنتفاضة العراقية بوصفها (ثورة التوكتوك). حسام الرسام، المطرب العراقي ذو الشعبية الواسعة، أطلق من جانبه أنشودة غنائية وطنية تتغنى ببطولات المتظاهرين وسواق التوكتوك، ووصفت الأنشودة هؤلاء بالأبطال، وقد صورت فيديويا مع مشاهد لبعض المتظاهرين وسواق التوكتوك وهم في حومة الفعل الحقيقي البطولي في ساحات التظاهر".

وزاد، انه "قد يبدو التوكتوك أقرب إلى لعبة؛ (لكنه قادر على إحداث دمار مثل دبابة) مثلما تقول إحدى أنشودات المتظاهرين في فيديو مسجل من قلب الحدث. في فيديو آخر تم بثه حيا على الشبكة العالمية تظهر مجموعة من الفتيات المتظاهرات اليافعات وهن مبتهجات يتغنين جذلا  بسائق توكتوك صغير رشيق الجسم؛ فما كان منه سوى أن يختنق بالعبرات بعد أن غلبته مشاعره الدفينة".

وأشار إلى انه "لم تنقطع سيول المتطوعين على رفد ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد بكميات هائلة من الطعام والشراب والأدوية والأقنعة الواقية من الغازات، ويعطى سواق التوكتوك الأسبقية في الحصول على تلك التجهيزات. كان هؤلاء الفتية الصغار، ولغاية أسابيع قبل بدء التظاهرات، يكافحون للحصول على مايعادل عشرين دولارا يقيمون بها أودهم اليومي؛ (أما الآن فقد صاروا أبطالا ونجوما في نظر الشعب العراقي)".

وأوضح، ان "عربات التوكتوك دخلت المشهد العراقي في السنوات القليلة الماضية باعتبارها إستجابة ناجعة إزاء الإختناقات المرورية المتعاظمة في شوارع بغداد فضلا عن كونها بديلا أرخص تكلفة من سيارات الأجرة (التاكسي). شاع إستخدام عربات التوكتوك المجهزة بمحرك صغير أول الأمر في مدينة الصدر (إحدى القطاعات الأكثر فقرا واكتظاظا بالسكان في أطراف بغداد) لأن عربات التوكتوك تستطيع بيسر ولوج الشوارع الضيقة وغير المعبدة".

ونقل المقال عن "كرار حسين، سائق التوكتوك ذو السبعة عشر ربيعا ويرتدي ملابس متسخة وممزقة، هو أحد سكان مدينة الصدر. قوله أنه "نزل لشوارع بغداد منذ اليوم الأول من بدء التظاهرات، وهو لايأبه بالمخاطر التي يمكن أن تناله. "أنا هنا لكي أساهم بواجبي في هذه الثورة"، هذا مايقوله كرار ثم يردف معقبا: "شعرنا أن ثمة حاجة ملحة لنا؛ فما كان بوسعنا سوى تلبية نداء الواجب".  أصيب كرار يوم السبت (26 تشرين الأول) بعبوة غاز مسيل للدموع أصابت ساقه؛ ومع هذا فقد تسامى على إصابته واندفع لنقل أحد المتظاهرين المصابين إلى سيارة إسعاف، وبعدها وجد فسحة من الوقت للعناية بإصابته قبل أن يعود أدراجه إلى حيث مهمته التي عزم على أدائها.  "أنا فرِح لأننا (سائقي التوكتوك) حصلنا آخر المطاف على بعض الإحترام الذي نستحق؛ فنحن كلنا بشر"، ثم أضاف: "لم أكن أحب الكيفية التي كان ينظر بها الناس إلي من قبل؛ لكن اليوم كل شيء قد تغير تماما. إنها ثورة بالضد من كل شيء خاطئ، ومن تلك الأشياء الخاطئة: الطريقة التي كان ينظر بها الناس نحونا من قبل".

كما نقل عن "حسين علي، هو الآخر سائق توكتوك من مدينة الصدر، له من العمر تسع عشرة سنة ويرتدي ملابس متسخة وقناعا واقيا من الغاز. يصف حسين، وبنبرة يملؤها الفخار والرفعة، عمله في إخلاء المتظاهرين المصابين: "يطالب هؤلاء الناس بحقوقي المشروعة في حياة محترمة تليق بالبشر. ماأفعله لهم هو أقل مايتوجب علي فعله"، ثم يضيف: "لست أبالي أن أكون بين فكي الموت. كل ماأرتجيه هو أن لاأخذل هؤلاء الأبطال الذين يسعون لإنتزاع حقوقنا المستلبة. أشعر بالفرح حقا عندما أقود عربتي إلى حيث الجبهات المتقدمة للتظاهرات لأنني أشعر حينها بأنني أؤدي شيئا كبيرا".

ولفت المقال، إلى انه "من الطبيعي أن تكون الكثير من مآلات الإحتجاجات العراقية غير معروفة لنا اليوم؛ لكن في كل الأحوال من المؤكد أن سواق التوكتوك قد حفروا بصمتهم المميزة والشاهدة على جليل أفعالهم في التأريخ العراقي".

وأضاف، انه "من جانب آخر، فإن سما رزاق، وهي طالبة طب ذات إثنين وعشرين ربيعا تساهم بين كثيرين في توفير الإسعافات الأولية في ساحة التحرير ببغداد العاصمة، تقول بأنها لطالما "كرهت" رؤية عربات التوكتوك وهي تجوب شوارع العاصمة بغداد لأنها كانت ترى بأن تلك العربات "تعمل على تشويه شكل مدينتنا"؛ أما اليوم فهي تصرح بصوت عال: "كلا، هؤلاء هم أزاهير مدينتنا، وقد برهنوا على مدى خطل تفكيرنا السابق وضحالته. هؤلاء هم أبطالنا الحقيقيون، وقد إعتذرت لهم علانية. إنني لفخورة إذ أركب واحدة من تلك العربات الآن. أشعر مثل ملكة .......".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced