ألغت المحكمة العليا الأميركية قرار "رو ضد وايد" الصادر عام 1973، والذي يعطي الحق للمرأة في الإجهاض، لتسمح بذلك للولايات بالحق في تقييد الأمر كما كان سائدا قبل السبعينيات، وتنشر موجة صادمة عبر أرجاء البلاد.

وأعلنت المحكمة أن "الدستور لا يمنح الحق في الإجهاض.. تعاد سلطة تنظيم الإجهاض إلى الناس وممثليهم المنتخبين".

الرئيس الأميركي، جو بايدن، وصف الحكم بأنه "خطأ مأساوي" نابع من "أيديولوجيا متطرفة"، معتبرا أنه "يوم حزين للمحكمة والبلد".

وأضاف أن "صحة وحياة النساء في هذه الأمة في خطر الآن"، محذرا من أن حقوقا أخرى قد تتعرض للتهديد مستقبلا، مثل الزواج المثلي ووسائل منع الحمل.

كيف تفاعلت الولايات مع القرار؟

وتفاعلت الولايات الأميركية بشكل متفاوت مع قرار المحكمة العليا، حيث خرجت تظاهرات واحتجاجات في عدد منها، فيما تتوقع العيادات التي تقدم خدمات الإجهاض في بعض الولايات التي تتيح الإجهاض زيادة في أعداد النساء خاصة من خارج الولاية، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

ووفقا لمعهد غوتماشر يوجد 22 ولاية لديها قوانين يمكن أن تحظر عمليات الإجهاض نتيجة لقرار المحكمة العلياء، فيما تمتلك 16 ولاية قوانين تحمي الحق بالإجهاض، وفي بقية الولايات لم يتخذ المشرعون بعد إجراءات أو قوانين تقيد الإجهاض أو تحميه، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.

وأوضحت صحيفة نيويورك تايمز أن بعض العيادات اتخذت إجراءات فردية فور صدور القرار، ومثالا على ذلك ما حصل في تكساس، فعلى الرغم من أن قانون حظر الإجهاض في الولاية لن يدخل حيز التنفيذ قبل أسابيع، إلا أن عيادات تنظيم الأسرة أوقفت عمليات الإجهاض الجمعة.

وقال جيفري هونز، رئيس منظمة الرعاية الصحية في جنوب تكساس إن "التوقف عن خدمات الإجهاض هو الفعل الصحيح حاليا حتى يتاح للعيادات أن تبقي عملها متوافقا مع القانون".

ولدى ولاية تكساس قانون فعال يحظر عمليات الإجهاض حتى لو كان ناتجا عن الاغتصاب أو سفاح الأقارب، ويتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في غضون 30 يوما بعد قرار المحكمة العليا.

وفي أريزونا اصطفت 40 امرأة في عيادات تنظيم الأسرة في مدينة فينكس لتحديد مواعيد للإجهاض عندما صدر قرار المحكمة العليا الجمعة، وقالت الطبيبة غابرييل جودريك، مالكة عيادة "كامل باك" للصحة الإنجابية: "لقد أرسلنا الجميع للمنزل، وكانوا في حالة هيستيرية.. أعتقد أننا سنواصل عملنا لليوم، لكن لم نعد متأكدين" مما يجب فعله.

وتمتلك أريزونا قانونا جديد يحظر الإجهاض بعد 15 أسبوعا من الحمل تحت أي ظرف.

وبعد ساعات فقط من قرار المحكمة العليا، حظرت ولاية ميسوري الإجهاض دون استثناء للحمل الناتج عن الاغتصاب أو سفاح القربى، وكذلك فعلت ولاية ساوث داكوتا باستثناء الوضعيات التي تكون فيها حياة الأم في خطر.

وفرضت عدة ولايات قيودا على الإجهاض، والتي تضم أوكلاهوما حيث وقع حاكم الولاية جميع عمليات الإجهاض، وفلوريدا التي تحظر عمليات الإجهاض بعد 15 أسبوعا من الحمل، وأيداهو حيث يمنع الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل، وكنتاكي تمتلك قانونا يحظر الإجهاض بعد 15 أسبوعا.

ولايات تحمي الحق بالإجهاض

ويتعين على النساء في الولايات التي تطبق قوانين صارمة ضد الإجهاض إما الاستمرار في الحمل أو الخضوع لإجهاض سري أو الحصول على حبوب الإجهاض أو السفر إلى ولاية أخرى حيث الإجراء قانوني.

نيو مكسيكو التي تقع بين ولايات تحركت لتقييد عمليات الإجهاض، قالت عيادة متخصصة فيها بخدمات الإجهاض إنها تتوقع زيادة في أعداد النساء القادمات من مختلف الولايات.

الطبيبة كريستينا توتشي، المديرة الطبية لمنظمة للرعاية في "روكي ماونتن"، قالت لنيويورك تايمز: "لدينا بالفعل زيادة في أعداد النساء القادمات من ولاية تكساس".

وأضافت أن "نيو مكسيكو، نظرا لموقعها وسياساتها الأكثر تسامحا، تظهر كنوع من الملاذ للنساء اللاتي يبحث عن خدمات الإجهاض".

وقبل قرار المحكمة العليا صوتت الهيئة التشريعية العام الماضي على إلغاء حظر الإجهاض في نيو مكسيكو.

وفي ولاية ماساتشوستس فإن خدمات الإجهاض متاحة للنساء الحوامل حتى 24 أسبوعا من الحمل.

أستاذة التوليد وأمراض النساء في جامعة بوسطن، الطبيبة كيت وايت، قالت لنيويورك تايمز إن "الرعاية الصحية التي تقدمها للنساء لن تتغير بسبب إجراءات القرار" الذي أقرته المحكمة العليا.

وأشارت إلى أن "نساء من ولاية تكساس يراجعن عيادات الصحة الإنجابية في ماساتشوستس".

وتحمي ولايات حق الإجهاض للنساء، وهي تضم كاليفورنيا وكونيتيكت ونيويورك وماريلاند.

وفي ولاية ماين، قالت الحاكمة، جانيت ميلز، إن قرار المحكمة العليا "لن يفعل شيئا لوقف الإجهاض.. وهو يعيد عقارب الساعة إلى الوراء"، واصفة القرار بـ "المتطرف الراديكالي".

وأكدت أنها ستقف في طريق أي جهود تقوض حق النساء في الإجهاض.

ويحض الرئيس الأميركي الكونغرس على سن قانون فيدرالي يحمي حق الإجهاض، وقال إن المسألة ستكون في صلب الانتخابات النصفية في نوفمبر.

وتجمع خارج المحكمة العليا مئات الأشخاص بعضهم يذرف دموع الفرح والبعض الآخر يبكي حزنا، وسط إجراءات أمنية مشددة، في قضية تعتبر في صلب الخلاف بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.