أصدرت منظمة حمورابي لحقوق الإنسان، أخيرا، تقريرها للعام 2022 الذي غطى مساحة واسعة عن أوضاع حقوق الانسان في مناطق البلد المختلفة.
وفي جانب منه استعرض التقرير أرقاما تفصيلية عن أوضاع ومآسي الاقليات، فضلا عن قضية النازحين التي لم تحسم.
واقع الأقليات
كما قدم التقرير عرضا تفصيليا عن أوضاع النازحين. وأكد “ضرورة تحقيق عملية العودة الى الديار، والتي لا تزال مرهونة بالكثير من التحديات، وفي مقدمتها ما تواجهه الأقليات الدينية والاثنية جراء فقدان الأهل والممتلكات، ما جعل آمالهم مهزوزة في أية حلول منهجية حكومية. وكان لا بد من حملات وجهود استثنائية إزاء أوضاعهم، وممارسة عدالة انتقالية تقوم بمحاسبة مرتكبي الجرائم بحقهم، بعد أن تعرضوا الى مذابح جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تضمنت التهجير القسري وعمليات فرض تغيير الدين على المسيحيين والايزيديين وسبي نسائهم وغير ذلك، مع تواصل استهداف من تشبثوا بأماكنهم بوسائل أخرى”.
ولفت التقرير إلى أن “ظاهرة الحرائق في مخيمات النازحين للأيزيديين لعام 2022 تواصلت، وكان أغلبها في محافظة دهوك ومناطق من نينوى وأربيل ويبلغ عددها 28 مخيما يؤوي أكثر من 200 ألف أيزيدي بحسب تصريحات وزارة الهجرة”، مؤكدا “وقوع عدد كبير من الحرائق التي راح ضحيتها 5 مواطنين، بضمنهم طفلة، لكن الغريب ـ ومع تكرر وقوع عدد كبير من تلك الحوادث في مخيمات النازحين ـ لم يتم تحديد أو كشف أسباب وقوعها، أو اتخاذ خطوات لحماية النازحين”.
المقابر الجماعية والاختفاء القسري
وتابع التقرير، أنه “لا يزال مسلسل العثور على المقابر الجماعية التي تضم رفات المدنيين الذين قتلوا على يد تنظيم داعش الإرهابي مستمراً، وخاصة في سنجار. وكانت منظمة حمورابي قد تلقت معلومات عن وجود مقبرة في قرية همدان التابعة لقضاء سنجار، وأن المنظمة الايزيدية للتوثيق قادت في آذار 2022 فريقا بصحبته قوة أمنية توجهت إلى المكان، وتم العثور على المقبرة التي تضم رفات خمسة مدنيين قضوا على يد مجموعات داعش الإرهابية. ويذكر أن هذه المجموعة الإرهابية قامت بتصفية الآلاف من أبناء الأقليات ميدانياً ودفنهم في مقابر جماعية.
وتابعت منظمة حمورابي رصدَ ما أعلنه المتحدث باسم هيئة الأدلة في حكومة إقليم كردستان العراق، السيد نجيران سليم في 16 آب 2022 عن استخراج رفاة 47 أيزيديا من ضحايا داعش، استخرجت من ست مقابر جماعية بقرية (قني) في سنجار من قبل الفرق المتخصصة بفتح المقابر الجماعية”.
وكررت تأكيدها على “لفت نظر الحكومة والسلطات لمساعدة أسر المفقودين من الايزيديين والمسيحيين والعرب الشيعة والشبك والتركمان وغيرهم ممن غيبتهم داعش وغيرها من المجموعات المسلحة المنفلتة والإرهابية”.
بلا وثائق ثبوتية
وأشارت المنظمة إلى “تلكؤ مقلق للسلطات العراقية ومؤسسات الدولة في اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة لمنح آلاف النازحين وثائق ثبوتية بدلاً من تلك التي فقدوها أثناء فرارهم من منازلهم منذ عام 2014”.
وأكدت أن “معاناة النازحين تتضاعف نتيجة عدم قدرتهم على إثبات موقفهم القانوني أو هويتهم القانونية، إذ يحرمون نتيجة لذلك من عدد من حقوقهم الأساسية كالوصول إلى التعليم والدراسة أو العمل وكذلك حرية التنقل، ولا يحصلون في بعض الحالات على المساعدات الإنسانية كغيرهم من النازحين، وهذا يضاعف من مأساتهم، ويعقّد من ظروف معيشتهم. وتتكهن مصادر من داخل المخيمات بوجود ما يقارب 10 آلاف شخص نازح لا يمتلك هوية تعريفية أو ثبوتية، تمكنه من التعبير عن موقفه القانوني الصحيح”.
الهجرة واللجوء والنزوح
ووفقا للتقرير، فعلى الرغم من تضمن المنهاج الحكومي للحكومة الجديدة أهدافا تخص تحسين أوضاع النازحين وإعادة إعمار المناطق التي دمرها الإرهاب، والانتهاء من ملف النزوح بعودة النازحين إلى مدنهم التي نزحوا منها، إلا أن “عملية تذليل العقبات التي يواجهها النازحون بما فيها عمليات إعمار مناطقهم وتعويضهم تجري بشكل بطيء جداً، كما أن تهيئة ظروف ملائمة وتحقيق مقومات العودة الطوعية إلى المدن المحررة من إرهاب داعش وحل المشكلات الأمنية فيها، لا تزال لم تتحقق في بعض المدن”.
ومن الواضح أن “التوترات السياسية والأمنية والاقتصادية، كان لها وقعها على أوضاع اللاجئين والنازحين، فالصراعات السياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم كان لها تأثير سلبي على أوضاع اللاجئين السوريين والإيرانيين، إذ تعذر على الحكومة الاتحادية في بغداد تنظيم البيانات الخاصة بهم وتزويدهم بالوثائق المطلوبة التي تخص الإقامة وحرية انتقالهم وضمان العمل. فانحصر تواجد أغلبهم في منطقة إقليم كردستان العراق، لأنهم دخلوا العراق عبر المنافذ الحدودية التابعة للإقليم ومنح امتيازات لهم في السكن والإقامة والعمل خارج إطار آليات وتعليمات الحكومة الاتحادية، فإن هذا التباين في فرص الحماية انعكس على واقع اللاجئين ومدى حرية إقامتهم وتنقلهم وعملهم في أنحاء العراق كافة، كما تأثر اللاجئون في العراق بشكل مباشر بتفاقم الأزمة الاقتصادية في إقليم كردستان العراق، التي برزت بسبب التوترات السياسية المتراكمة بين حكومتي بغداد وأربيل. وكان للأزمات الاقتصادية انعكاسات على مجمل احتياجات اللاجئين، منها انعكاس على الرعاية الصحية، وتأخر إنجاز وثائقهم، بالإضافة إلى أن المدارس القليلة التي تقدم المنهاج باللغة العربية كانت معرضة للغلق، بسبب تأخر دفع رواتب المدرسين لمدة أشهر. كما هو الحال مع بقية الموظفين الحكوميين الآخرين. كما كان لها انعكاسات سلبية على أوضاع الأطفال خاصة ممن يعيشون خارج المخيمات والذين هم بحاجة إلى خدمات الدعم النفسي والاجتماعي، وأيضا الأطفال العراقيين النازحين داخليا”.