حلم من العالم الاخر
نشر بواسطة: iwladmins
الأربعاء 22-01-2014
 
   
عفيفة ثابت
دريد مثل ترنيمة بلبل.. مثل صدى موسيقى.. اسم
له اضطراب في خفقة القلب.
دريد مثل نسمة الهواء بطيبته وحنانه وشعوره
بالمسؤولية منذ صغر سنه. فمنذ صغر سنه وهو
في الثانية عشرة عندما كان يعمل مع والده في
المكتبة.. ينقل الكتب ويرتبها على الرفوف.. وعندما
مرض والده كان واقفا الى جانبه ولم يتركه ابدا..
باكيا عليه في السر حتى لا يراه احد. وبعد وفاة والده
تحمل المسؤولية مرة اخرى، فكان يدرس في المساء
ويعمل في الصباح.. كان يحب فتاته التي تاخر زواجه
منها ثلاث سنوات بسبب الحصار الاقتصادي الذي مر
على البلد، ووفاة والده..
بالامس زارني في المنام.. جاء شابا كالربيع.. صاخبا
مثل موج البحر.. فتيا.. ممتنعا على الموت. اختنقت
بدموعي.. اخجلتني ابتسامته العريضة.. صحت
بكل اسى.. لماذا رحلتم وتركتم الامهات يغرقن
بالسواد؟؟ اجابني بعتاب حلو: لقد عشنا الفرح، ومن
اجل الفرح ناضلنا، ومن اجل الفرح نموت.. فلا تربطوا
اسماءنا بالحزن ابدا..
في الرابع والعشرين من شهر ايار ولد دريد، واخوه
التوأم رويد. وكانت الفرحة والسعادة لاتوصف
في ذلك اليوم، وخصوصا.. فرحة والدهم سامي
احمد. مرت الايام والسنون، وكبر الاولاد امام اعيننا
بفرح، ونحن نتابع مسيرة حياتهم الهادئة.. كانوا
كحمامات سلام مترافقة.. محبة متناهية وحنان لا
يوصف.. كبروا ونحن نكبر معهم، ونعد الايام لكي
نراهم شبابا ونفرح بهم.
وفي عام 2003 وبعد التغيير او السقوط كما يسميه
البعض، فرح دريد كما فرح كل العراقيين بسبب
المعاناة التي سببها الطاغية صدام ، وظننا أننا قد
تخلصنا من الفقر والحروب التي لازمتنا طوال 30
عاما، وسوف تتغير حياتنا نحو الاحسن، وكنا نحلم
بعالم جديد.
فتح الحزب ابوابه.. وكان اول من انتمى اليه دريد مع
صديقه المقرب رفاه. وبدأوا يعملون ويشاركون في
فعاليات الحزب وتظاهراته ومسيراته وفرحه.. لان
الفرح دخل العائلة رغم الحزن على فقدان الاب، الاب
الذي كانت امنيته ان يرى هذا اليوم، لكن للاسف..
لم يره.
كان دريد يحلم بيوم زفافه وتحقيق امنيته، ووفائه
بوعده للحبيبة التي طال انتظارها سنوات. وفعلا
تحقق حلمه، وبحضور الرفاق اصدقاء والده، الذين
فرحوا لفرحه، وشاركونا فرحتنا برغم الغصة في
صدورهم لفقدان اعز رفيق لديهم. وعادت الفرحة
الى البيت بوجودهم، وكنا عائلة سعيدة محبة
للخير والناس والسلام.
وبعد اشهر من زواجه، عاد احد الرفاق القدامى
من سفره ليعمل في وزارة البيئة، وعند زيارته لنا
طلبت منه ان يجد عملا لدريد معه. وفعلا.. عمل
دريد في وزارة البيئة .. وليته لم يعمل. لم نكن
نعلم بان منطقتنا ملغومة ببقايا نظام البعث
الفاسد. كانوا يراقبونه. ولم يرق لهم انه ابن
شيوعي ويعمل.. وهم مختبئين في بيوتهم، وهذا
ما جعلهم يراقبون تحركاته ويعرفون كل شيء عنه
في صباح اليوم المشؤوم – خرج دريد الى عمله..
وكان الارهاب ينتظره في اربع سيارات. وفي نهاية
الشارع حاصروه من كل الجهات.. كان دريد بطلا..
قاوم.. وواجه.. واطلق النار عليهم.. لكنهم اردوه
قتيلا.. كان دريد يحلم بطفل وحياة مستقرة مع
من احبها.. لكنه.. لم يحقق شيئا من احلامه
الفتية..
اتذكر اخر مظاهرة خرج بها دريد في شهر ايار،
وكانت ضد الارهاب في ساحة الفردوس. تسلق
على اكتاف صديقه الشهيد فيما بعد رفاه، وصعد
الى احد الاعمدة الموجودة في ساحة الفردوس،
ورفع العلم الشيوعي الاحمر ليرفرف بين يديه.
تماما كما رأيته في حلمي.. لكنه.. تركني ومضى
بخطى مسرعة، حاملا الراية الحمراء.. اختار اعلى
المنابر.. وتسلق.. والريح تداعب خصلات شعره،
والشمس تقبل خديه، وعلى جبينه تلألأت حبات
العرق مثل الفضة. اعتلت الراية الحمراء قمتها
ومضت ترفرف بكل حنو وفخر... رحل دريد وعيونه
معلقة بها لا تريد ان تفارقها.
نم قرير العين ايها الغالي.. ستظل رايتك عالية
في مكانها.. خفاقة.. نرويها بالحب وباجمل القيم
وانبل المباديء التي تعلمناها من انبل حزب على
وجه الارض، ونفديها بدمائنا.. سنردد اسماءكم
ونبتسم لاجل ايامنا القادمة.. ولأجل احلامكم
المؤجلة.

*والدة الشهيد

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





المهرجان العربي والكلداني
 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced