كربلاء تشهد تزايداً في محاولات الانتحار بين النساء-الأخبار

كربلاء تشهد تزايداً في محاولات الانتحار بين النساء

	نشر بواسطة: Adminstrator
	الجمعة 30-03-2012

كربلاء / المدى
لم تكن المشكلة التي عرضتها إحدى الزوجات الكربلائيات على الشرطي المعني بتدوين شكواها ضد زوجها هي التي أثارت انتباهه، كونها كانت مشكلة عائلية لا يخلو منها بيت كربلائي، بل ما أثار استغرابه أن المرأة كانت قد جربت حظها في الانتحار ولم تنجح بذلك إذ تم نقلها إلى مستشف قريب.

ويقول الشرطي الذي فضل عدم ذكر اسمه، في حديثه لـ"المدى" إن المرأة أخبرته أنها حاولت الانتحار وتم نقلها إلى مستشفى المدينة لمعالجتها وإنقاذها من موت محقق، بعد أن شربت كمية كبيرة من مادة البنزين، كما ذكرت له.
ويضيف الشرطي، "هذه الحالة لم تكن الأولى إذ وردتنا حالة أخرى لامرأة معنفة حاولت الانتحار بتناول (سم الفأر)، وأيضا تم إنقاذها قبل أن تفارق الحياة".
المواطن سعدون مهدي أكد في حديثه لـ"المدى" أنه الحي الشعبي الذي يقطنه شهد ثلاث حالات انتحار لنساء قمن بإحراق أنفسهن.
ويبين مهدي "الحالة الأولى كانت لأم لديها ثلاثة أطفال أحرقت نفسها في حمام المنزل، وسمعنا أن الطباخ النفطي (الجولة) كانت السبب باندلاع النار داخل الحمام"، مضيفا "بعد ثلاثة أيام سمعنا القصة نفسها لامرأة أخرى احترقت في الحمام بسبب (الجولة) أيضا".
ويضيف "وكذلك كانت الحالة الثالثة، لكن تبيّن في ما بعد أن النساء الثلاثة كن يحاولن الانتحار، لنسمع بعد ذلك الكثير من قصص الانتحار سواء بتناول أدوية أم سموم وحتى زرق حقنة من النفط أو البنزين في الجسم لإنهاء الحياة".
ربما هذه القصص التي بات المواطن الكربلائي يسمعها ويتناقل أحداثها لم تكن قد بدأت الآن بحسب أخصائيين، لكن المشكلة التي يقول عنها أحد المهتمين بحقوق المرأة والطفل والعائلة في حديثه لـ(المدى): إن "المعنفات أصبح عددهن كبيراً في المدينة لأسباب عدة منها الجانب الديني والاقتصادي فتلجأ المرأة إلى الانتحار"، على حد قوله.
ويؤكد أن صمت المنظمات النسوية قد يؤدي إلى زيادة محاولات الانتحار، مؤكدا أن عددا من النساء قد لقين حتفهن بعد أن تناولن كميات كبيرة من السموم أو الأدوية، مشيرا إلى أنه وبعد متابعته لهذه الحالات "تبين أن العلاقات الزوجية المتردية لأسباب اقتصادية أو اجتماعية وراء حالات الانتحار".
ويوضح الناشط المدني أن الجانب الاقتصادي ربما يكون مفهوما أو مبررا لكونه متصلا بالفقر وعدم القدرة على توفير متطلبات الحياة، مضيفا "ولكن الجانب الاجتماعي هو الأكثر تأثيرا ومنها الزواج المبكر جدا لفتيات لم يبلغن سن الرشد بعد، أو الزواج من رجل طاعن في السن لأسباب مادية، فضلا عن أسباب تتعلق بالرجل نفسه الذي يلجأ إلى تعنيف المرأة من منطلق الرجولة أو بسبب الفقر".
وتابع بالقول: إن "أسبابا عديدة لمحاولات الانتحار لم تظهر على السطح بعد ولكن على الدوائر المعنية أن تقوم بدراساتها لمعرفة الأسباب وليس الصمت عنها ومحاولة إخفائها وكأننا الشعب الوحيد الذي تلجأ نساؤه إلى الانتحار بل هي مشكلة عالمية وهي قديمة والصحيح أن نحلها لا أن ننفي وجودها"، بحسب تعبيره.
مدير مكتب الصحة النفسية التدريسي في كلية الطب بجامعة كربلاء الدكتور عامر الحيدري، كشف في حديثه لـ"المدى" عن الإحصائيات المتوفرة لديه والمدونة كما يقول في مستشفى الحسين فقط خلال الستة أشهر الماضية، بلغت 113 حالة انتحار وصلت إلى ردهات الطوارئ والاستشارية والأمراض النفسية.
ويبيّن الحيدري أن "ردهة الطوارئ في مستشفى الحسين استقبلت خلال المدة المذكورة 76 حالة انتحار، فيما استقبلت الاستشارية والأمراض النفسية 35 حالة، إضافة إلى ثماني حالات استقبلتها شعبة الحروق".
ويشير الدكتور الحيدري إلى أن متوسط أعمار حالات الانتحار هو 24 عاما، لافتا إلى أن الحالات لم تقتصر على النساء فقط وهناك حالات بين الذكور أيضا.
ويرجع الحيدري أسباب الانتحار إلى قلة الوعي الثقافي وتدني المستوى التعليمي، فضلا عن العلاقات الزوجية المتردية والفقر، منوها بأن الكثير من حالات الانتحار بالنسبة للنساء يكون سببها العنوسة والوضع العائلي.
وطالب مدير الصحة النفسية بوضع الحلول الناجحة ومنها "تهيئة ردهات لعلاج الحالات النفسية لكون من يقدم على الانتحار يحتاج إلى رقود وليس إلى علاج للتخلص من السموم فقط"، موضحا أن "نسبة 20% من حالات الانتحار التي تتم معالجتها يعود أصحابها من جديد ليَقدموا على الانتحار لأن الأسباب التي أدت إلى محاولة الانتحار لم تزل موجودة بما فيها الحالة النفسية ولذلك ليس من الحكمة تركهم طلقاء".
ويؤكد الحيردي أن عمليات الانتحار تكلف الدولة أموالا كثيرة فضلا عن انشغال الكوادر الطبية بالعلاج وخاصة في حالات الانتحار حرقا، إضافة إلى أن "هؤلاء مرضى لذلك فهم يحتاجون إلى نظام علاجي خاص من جميع الأقسام حتى لا تتكرر تجربة الانتحار وتكون الخسارة أكبر"، على حد قوله.